الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
هناك أنظمة تقيم علاقات علانية مع اسرائيل، لكنها من شدة فرحتها بالتطبيع، تكاد تتمنى لو أنها تشهر تطبيعها مرة جديدة مع الاحتلال الصهيوني لتعيش لذة السقوط مرة أخرى. وفرحتها تجاوزت فرحة الامارات والبحرين.
أسرار الزعماء العرب لا تخضع للرقيب العسكري الإسرائيلي. وفي تل ابيب لا يعتبرونها ( أمن دولة). ولذلك ترى الصحفيين الإسرائيليين يتسابقون في تخمين أسماء الانظمة العربية التي تنتظر دورها في التلقيح مثل سلطة عمان والسودان وموريتانيا والسعودية وحتى المغرب وبعض مسؤولين العراق.
البحرين هي الفناء السياسي الخلفي للسعودية، وطالما أن السعودية تصمت على ما فعلته البحرين. فهذا صمت القبول، والسكوت علامة الرضا.
الجمهور الفلسطيني لم يتفاجأ مما حدث، وإنما يحتقر الانظمة العربية التي كذبت على شعوبها وعلى فلسطين ردحا من الزمن.
ومن جهة أخرى هناك غضب على القيادات الفلسطينية التي أفرطت في تضليل الجمهور من خلال سوء التقدير والعروبة الساذجة وشعار عدم التدخل في شؤون العرب والتكتيك الرديء حتى وصلت الأمور الى هذا الحد. هناك رغبة في المحاسبة.
الجبهة الداخلية الإسرائيلية لم تفرح لتطبيع الإمارات، ولا يعنيها البحرين وأهل الخليج اساسا. وإنما تفرح لأموال العرب التي سينهبونها بسهولة حسب وصفة ترامب.
الجبهة الداخلية الإسرائيلية يهمها السلام مع غزة والضفة ولبنان وسوريا وايران.. ودون هذا لا يقيمون وزنا لأحد.
ما يحدث هو تكرار لتجربة اتفاقية فرساي عند هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى. حيث أجبروا المانيا على التنازل عن ثلث أراضيها ونهبوا خيراتها. وبعد 25 عاما كان الجيش الألماني يدك عواصم اوروبا وينتقم من العالم.
حين قدموا وثيقة الاستسلام لامبراطور اليابان رفض أن يقرأها ووقع عليها دون الاطلاع عليها / وبعد سنوات نهضت اليابان ولقنت العالم درسا لن ينساه.
ربما لا يستطيع الفلسطينيون الآن أن يفعلوا شيئا سوى الصلاة والدعاء. وربما أن كل والدة شهيد وكل أطفال أسير يرفعون أياديهم في الليل ويدعون على من ظلموا الفلسطينيين.
ولكن وفي يوم من الأيام.. ستأتي قيادات فلسطينية جديدة لا تفاوض ولا يهمها الدبلوماسية ولا ترفع شعار عدم التدخل في شؤون الأنظمة العربية، وقريبا تنهض أجيال فلسطينية وعربية جديدة، وتقرأ ما نكتبه نحن اليوم ... فتغضب كثيرا أن اليهود الصهاينة أهانوا العرب وهدموا بيوت الفلسطينيين وقتلوا اطفالهم . فتمسح هذا التاريخ كله وتكتب بدلا عنه :
لن ننسى ما فعله، ولن نغفر.