حين تصبح الحروب وحياة الشباب مثل مباراة كرة القدم ، ويسألك الأصدقاء إذا أنت تشجع هذا الطرف أم ذاك !! فأعلم أنك غير مضطر لتجيب على هذا السؤال .
ثقافيا ووطنيا وأخلاقيا وسياسيا . أنت لست مضطرا لتشجيع طرف على قتل الطرف الآخر . بل إن الواجب الإنساني أن تبحث في أسباب الخلافات لتعرف أن الاستعمار بكل وجوهه زرع الفرقة والعداء بين الشعوب المجاورة لبعضها البعض ، وجعل الصراعات الدموية تنشب بينها . لتبيع المزيد من الأسلحة وتحصد المزيد من النقاط بصورة متوحشة .
غالبا ما يدخل المواطن العادي على محركات البحث ليقرأ عن هذا الإقليم " ناغورني كارباباخ " ، والذي غاب عن محافل الدم حتى الآن . وحين يقرأ ما تعرضه محركات البحث لا يشبع نهم المعرفة ، وإنما تزيد حيرته في معرفة ما خطب هؤلاء القوم .
تمام مثل إقليم كشمير الذي صنعه الاستعمار البريطاني ليديم الصراع بين الهند وباكستان ، وهما جارتان منذ آلاف السنين . ومثل عشرات الأقاليم في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وبلاد العرب و التي ترك الاستعمار فيها ما يسمح باشتعال الحروب في كل يوم .
لماذا يتقاتل جيران جمعهم تاريخ مشترك وجيرة طيبة منذ آلاف السنين ؟ لماذا تدعم إسرائيل أذربيجان بالسلاح والقنابل الفتاكة لإحراق الأرمن ؟ لماذا تدعم تركيا أذربيجان ؟ ولماذا تقف روسيا دوما في منتصف الطريق فلا نفهم من موقفها شيئا إلا ( بعد خراب مالطا ) .
إن محركات البحث ، كما إن محركات الإثارة تلفزيونيا وإعلاميا وعبر المقابلات والمقالات ، لا تدفعنا للبحث عن إجابات وحلول . وإنما تدفعنا دون تفكير ودون أن نستخدم عقولنا لنعلن تأييدنا لهذا الطرف أو ذاك وكأن الحديث يدور عن حلبة مصارعة دعائية ، أو مباراة بين ريال مدريد وبرشلونة .
يمكن القول أن الاستعمار قد خرج ميكانيكيا من بلادنا . وأصبح للدول النامية والفقيرة شكل دولة وأصبح لها علم ورئيس وحرس وأجهزة أمن وشرطة سير وبرلمان , ولكنها لا تزال مستعمرة ومستعبدة ثقافيا وسياسيا وامنيا وماليا وهذه هي "النيو كولينالية" .
في الأيام الماضية أجريت اتصالات مع أصدقائي في تلك البلاد . فأخبروني أن أوامر التجنيد الإجباري طالت جميع طلبة الجامعات وجميع الشبان في مقتبل العمر . وحينها عرفت أن الصواريخ التي نشاهدها عبر قنوات الأخبار ، والآليات العسكرية التي تنفجر " أكشن " في كل ساعة . كان بداخلها شبان في أول العمر ، ينصهرون في قلب الدبابات وتزهق أرواحهم لمجرد أن الدول الاستعمارية أرادت تجربة أسلحتها .
لا تؤيدوا الحرب ، ولا تشجعوا أي طرف .