الكاتب: رولا سلامة
في الوقت الذي بدأت فيه الجماهير تنتظر بفارغ الصبر التحام الضفة مع قطاع غزة مع بدء المفاوضات بين حركتي فتح وحماس وبمباركة ودعم من فصائل العمل الوطني كافة ، وفي الوقت الذي يتوجب علينا أن نقف صفا واحدا بوجه كل المؤامرات التي تستهدف وجودنا ووحدتنا وأرضنا وشعبنا وقدسنا وأسرانا ، وفي الوقت الذي نحن أحوج ما نكون للوحدة الوطنية التي غابت عنا مع بدء الانقسام والتي شطرت فلسطين الى شطرين مما سهل على المحتل وأعوانه أن يبدأ بفرض واقع جديد في كل شطر ، في الضفة الغربية ضم وقضم للأرض وتوسع استيطاني ، واعتقالات واقتحامات لأقصانا ومسرانا ولا يغيب عنا التنكيل والعنف والاعتقال والهدم والتعذيب والقتل للمقدسيين ، وحصار لأربع عشرة عاما للقطاع ناهيك عن الحروب المتكرره ومحاولة تجويع أهلنا وتدمير للبنية التحتية والصحية والتعليمية في القطاع ، بعد كل هذا يستشري العنف والقتل في مجتمعنا وننام كل ليلة ونصحو على قصة جديدة وضحية جديدة ومأسي كثيرة تشعل نار الفتنة بين الناس وتشجع على الثأر والقتل .
ما هو المطلوب ولماذا وصلنا لهذا الحال في ظل هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة ؟هذه الأسئلة واسئلة كثيرة اخرى تخطر على بال كل منا ونحن نشاهد يوميا ونسمع عديد القصص عن أشخاص زهقت أرواحهم ظلما ودفعوا حياتهم نتيجة ازدياد حالات الفلتان الأمني واستخدام السلاح غير الشرعي وانتشاره في كل مكان ، وعندما نعود لمتابعة بعض هذه القصص نرى أن خلافا بسيطا بدأ بين اثنين ليتطور وبسرعة كبيرة لخلاف كبير ويتدخل أهل وأصدقاء الطرفين وتزيد المشكلة تعقيدا ويبدأ استخدام السلاح ويتطور الأمر لقتل وحرق للمنازل والمحال التجارية والنتيجة عنف يتبعه عنف وتهديد وترويع للمجتمع وللسلم الأهلي .
ان الظروف الاقتصادية الصعبة والسياسية الأصعب المنتشرة في فلسطين بسبب الضغوط على القيادة الفلسطينية وما نتج عنه من تدهورللأوضاع الاجتماعية وانتشار الفقر بصورة لم يسبق لها مثيل وانتشار ثقافة العنف والتي تغذيها الأزمات السياسية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية ، وعلينا أن لا ننسى كورونا وما أحدثته من تغيير شامل على حياتنا ، كل ذلك يفرض علينا أن نتحرك بسرعة كبيرة لنحمي مجتمعنا الفلسطيني وتماسكه ونحمي جيل المستقبل .
أن العديد من الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الاعتبارية والاعلام الوطني بدأوا جميعا في التركيز على العديد من القضايا والمطالبات كان من أهمها :
مطالبة السلطة الوطنية الفلسطينية باتخاذ أشد العقوبات ضد كل من يهدد السلم الأهلي ويستخدم السلاح غير الشرعي لترويع الناس كما ونطالبهم بجمع كل السلاح فورا لنحمي مجتمعنا ونحافظ عليه .
كما ونطالب السلطة الوطنية الفلسطينية بعدم التهاون مطلقا مع من تسول له نفسه بالعبث بحياة الناس عن طريق زرع الفتنه والثأر وأخذ القانون باليد والاحتكام لقوانين العشائر فقط ، فقوانين العشائر هي قوانين مساندة للقوانين المدنية وليست بديلا عنها ، وهذا يتطلب أن تعمل الجهات المختصة على تطوير القضاء المدني الفلسطيني بحيث يتم سرعة البث بالقضايا وكذلك تقليل التكلفة المالية المترتبه على التوجه للقضاء المدني ، فمن الملاحظ أن عزوف الناس عن التوجه للقضاء المدني وتوجههم مباشرة للقضاء العشائري نابع عن سرعة اصدار الحكم وتنفيذه لدى القضاء العشائري على العكس من القضاء المدني الذي يحتاج لسنوات طويلة قبل اصدار الحكم وتنفيذه .
ضرورة مراجعة كافة القوانين والتشريعات الفلسطينية وتحديدا قانون العقوبات الفلسطيني ودراستهم جيدا وتطويرهم بما يتلائم مع الجريمة والعنف الممارس وتطوره في المجتمع الفلسطيني مع الأخذ بكافة القوانين والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها فلسطين .
ضرورة العمل على أكثر من اتجاه لتعزيز ثقافة الحماية القانونية لحقوق الانسان وحماية الأسرة وهذا يكون بالتثقيف والتوعية في المدارس والجامعات وتثقيف المجتمع بحقوقه كاملة والتوعية التي تلعب دورا هاما في الحفاظ على حقوقنا كافة .
ضرورة قيام السلطة الوطنية الفلسطينية بالتعاون والتشاور والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني المتعددة والمتخصصة لتطوير التشريعات وبالتحديد قانون الحماية الأسرية من العنف والذي سيساهم في حال اعتماده ونشره للحد من ظاهرة العنف ضد النساء والعنف داخل الأسرة ، وتجريم التعذيب ،وكذلك تشديد العقوبات على الجرائم الواقعة على ذوي الاعاقة وغيرها من القوانين.
وأخيرا ضرورة اشراك الاعلام الفلسطيني في التوعية والارشاد والتثقيف وأكثر من ذلك في ممارسة دوره الأساسي كسلطة رابعة في الرقابة على أداء الحكومة ومحاسبتها وكذلك في الترويج لثقافة السلم الأهلي والاختلاف وضرورة اتاحة المجال لكافة الأحزاب السياسية لعرض برامجها وأهدافها والابتعاد عن الاعلام السياسي الموجه .
اننا أحوج ما نكون اليه الان للحمة والتكاتف قبل أن يفوت الأوان ونخسر مجتمعاتنا نتيجة الانتشار الكبير والذي لم نعتد عليه سابقا للعنف والقتل وتصفية الحاسابات وانتشار للجريمة وترويع الصغير والكبير ودعونا نفكر بطرق عملية لحل الخلافات وامتصاص الغضب ونشكل لجانا للضبط وحل الخلافات والنزاعات قبل أن تتفاقم الأمور والمشاكل ويصعب حلها .
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .