الإثنين: 27/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الإسقاط الجنسي خطيئة ، وليس جريمة

نشر بتاريخ: 10/10/2020 ( آخر تحديث: 10/10/2020 الساعة: 00:05 )

الكاتب: هبه أ. بيضون

أعرف أن هذا الموضوع حساس، وأعرف أن الكثيرين يرددون تعبير الإسقاط الجنسي بصورة سطحية، دون التحدث عنه بعمق، وان البعض يعتبره جريمة لأنه يؤدي إلى الفضيحة، ولتجنب الفضيحة يحصل الإبتزاز والمساومة، ما يؤدي في نهاية الأمر إلى الخيانة.
لقد ارتبط مصطلح الإسقاط الجنسي بأجهزة المخابرات بشكل عام، وبأجهزة المخابرات والاستخبارات لدولة الكيان الصهيوني بشكل خاص، وفي مجتمعنا العربي بشكل عام، وفي مجتمعنا الفلسطيني بشكل خاص، لأننا مجتمعات محافظة ولدينا قيمنا الدينية والإجتماعية ومنظومتنا الأخلاقية السائدة.
ما حفزني للكتابة حول الموضوع هو حديث دار بيني وبين أحد الأخوة، ذكر فيه أن تقاعس أحد المسؤولين العرب تجاه القضية الفلسطينية واتخاذه مواقف مخزية مؤخراً، هو بسبب أنه تم إسقاطه جنسياً من قبل إسرائيل، وأصبح عميلاً متواطئاً معهم ومساعداً لهم في تنفيذ سياساتهم في المنطقة، حيث أنه يتبوأ منصباً رفيعاً لا يليق بأمثاله.
إن عملية الإسقاط الجنسي قد تحدث بعدة طرق وعدة حيل، ولا تكون دائماً بإرادة الشخص، بمعنى أنه قد يتم الإيقاع بشخص مستهدف من خلال إعطائه ما يشربه لسلب إرادته، ومن ثم إيقاعه بالفخ، حيث أن عملية الإسقاط لا تتطلب ممارسة كاملة للجنس ولا وقتاً طويلاً، وإنما قد يكون الحصول على صورة أو فيديو قصير بوضع معين كفيلاً بتهديد الشخص وابتزازه وإسقاطه.
ولست هنا بصدد مناقشة الطرق التي يتم فيها عملية الإسقاط، وإنما للقول بأنني أعتقد أنه حتى ولو كان الأمر بإرادة الشخص، فهذه خطيئة وليست جريمة، سواء كان ذكراً أم أنثى، وسواء كان إنساناً عادياً أو في موقع رسمي، فنحن بشر، والبشر خطاؤون، كما أن المعتقدات الشخصية تختلف من شخص إلى آخر، وهنا لا أناقش ولا أتطرق إلى المعتقدات الدينية الثابته، التي لا نلتزم بها جميعاً، لذلك فأنا لا أتحدث إطلاقاً عن الحلال والحرام، لأن ذلك بيّن، ولا خلاف على شرع الله، وإنما أتحدث عن مفاهيم لأخطاء نسبية، وعن غرائز و إغراءات، وعن نفس بشرية قد ترتكب المحرمات من باب الحاجة أو الضعف أو حب المغامرة أو حتى تلبية لشهوة معينة، وليس جميع البشر لديهم ذات الحسابات ولا ذات التفكير والإدراك والوعي وتقييم الطرف الآخر بذات الدرجة، ومنهم من لا يهتم إلا بتلبية شهواته دون أدنى تفكير.
لا أحاول إيجاد مبررات لمن يرتكب " الفاحشة" أو " الحرام" من وجهة نظر دينية، أو يرتكب "الخطيئة" من وجهة نظر مجتمعية في مجتمعاتنا المحافظة، ولكن أردت الوصول إلى نقطة وهي أنه إذا حصل الفعل، بغض النظر عن الظرف أو السبب أو الطريقة، فقد حصل وانتهى، وهو ليس من وجهة نظري المشكلة، لأن المشكلة الحقيقة تبدأ عندما يؤدي هذا الفعل إلى أن يتم التهديد بعرض الصور أو الفيديو وفضح الفاعل، وكيفية التعامل مع ذلك.
وهنا يبدو الفرق جلياً بين الإنسان الذي تطغى وطنيته وتتغلب على التهديد، وبين الإنسان الذي يكون فريسة سهلة للتهديد كما كان فريسة سهلة لعملية الإسقاط ذاتها، وبالتالي يخضع ويقع في وحل العمالة الذي يصبح من الصعب الخروج منها.
لو فكّر كل إنسان وقع في هذا المأزق بأن ما ارتكبه هو خطيئة وليس جريمة، وأن الجريمة الحقيقة التي لا تغتفر هي خيانة الوطن، وأن الفضيحة الصغرى بارتكابه الفعل يمكن أن تنسى مع الزمن ويجد من يتفهم ويجد له المبررات، على عكس الخيانة التي تسقطه سقوطاً مدوياً وتوصمه بالعار، لما أصبح هناك عملاء نتيجة الإسقاط الجنسي، لو وقف كل شخص تم إسقاطه بشجاعة أمام التهديدات والإبتزاز والمساومة، وكان موقفه أنه لن يخون وطنه وشعبه ، وأنه يفضل نشر المادة على الخيانة، هنا يضعف شوكة من أراد إسقاطه في وحل الخيانة، ويقطع عليهم الطريق.
على كل شخص يتم إيقاعه جنسياً، سواء كان إنساناً عادياً أو مسؤولاً، رجلاً أو إمرأة، ويتم تهديده وابتزازه ليصبح عميلاً قذراً، أن يذهب إلى الجهات المختصة في بلده، ليعترف لهم عمّا اقترفه من فعل، ويخبرهم بما حدث وبأنه يرفض الخيانة، ولو فشلت السلطات في حل الموضوع، وتم نشر المادة، عليه ألّا يقلق، فهي مجرد صورة أو فيديو لفعل يمارسه كل البشر، ولكن هو أخطأ في حيثيات ممارسته، وسيتم نشره وفضحه وينتهي الأمر، يعترف ويعتذر، ولكن يحظى بشرف الرفض بأن يصبح عميلاً خائناً لوطنه وشعبه وقضيته، وأنا متأكدة بأن المجتمع سيرحمه وسيحترمه على موقفه هذا.
والله من وراء القصد