الكاتب: ربحي دولة
مئة وثلاث سنوات مرت على وعد بلفور المشؤوم ، هذا الوعد الذي اعطى فيه من لا يملك لمن لا يستحق، وعد عملت على تحقيقه العصابات الصهيونية والتي قررت في مؤتمرها المنعقد في مدينة بازل في العام ١٨٩٧ أن تكون أرض فلسطين هي المكان الذي يجب إقامة كيانهم عليها. بالفعل تغلبت العصابات الصهيونية في دول اوروبا واصبح الصهاينة يتحكمون في اقتصادات العديد من تلك الدول والذين بدورهم بدأوا بالتخطيط في كيفية الخلاص من هذا الكابوس الذي بدا يظهر، وبعد الحرب العالمية الاولى واحتلال بريطانيا لفلسطين جاء هذا الوعد المشؤوم الذي تسبب بكل الويلات التي عانى منها شعبنا الفلسطيني منذ تلك اللحظة التي بدأت العصابات الصهيونية بالسيطرة على مساحات كبيرة من الاراضي بتسهيل وإشراك من حكومة الاحتلال البريطاني واقامة المستعمرات الصهيونية والكيبوتسات،فيما كانت المنظمة الصهيونية تعمل على تهجير أكبر قدر ممكن من اليهود الى أرض فلسطين لبناء قواعد لهم تمهيدا لتنفيذ ذلك الوعد وبدأت العصابات الصهيونية العسكرية تتشكل تحت مظلة الحكم العسكري البريطاني بل وتدربوا داخل معسكرات جيشهم.
هذه العصابات التي بدأت بشن الهجوم على الفلسطينيين ما بين كر وفر استمر الحال حتى العام ١٩٤٧ عندما أقدمت حكومة بريطانيا على الانسحاب من فلسطين دون سابق انذار او ترتيب علني مع اي جهة عربية، سوى ما كان يدار خلف الكواليس مع المنظمة الصهيونية تمهيدا للعصابات الصهيونية للانقضاض على جزء كبير من فلسطين بعد تأكد حكومة الاحتلال البريطاني من قوة هذه العصابات وقدرتها على هزيمة العرب، وبالفعل بعد الانسحاب هاجمت العصابات الصهيونية القرى والمدن الفلسطينية فهدمت ما هدمت وقتلت ما قتلة وشردت مئات الالاف من شعبنا الفلسطيني الذين عانوا من ويلات جرائم المحتل على مدار عشرات السنين ومازالوا.
ان ما يعيشه شعبنا وقضيته العادلة في هذه الايام هو تكرار ما حصل معه من قبل بلفور ، فقد طل علينا ترمب رئيس الدولة الراعيه للاحتلال بوعده العنصري وصفقته التي تهدف الى شطب القضية الفلسطينية عن الخارطة السياسية العالمية بعدما كانت تتصدرها واسقاط صفة الاحتلال عن دولة الكيان الصهيوني ، فبعد الموقف الصلب الذي اتخذته القياده الفلسطينية ورفضها لهذه الصفقة التي بدأت من خلال مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي كان يهدف الى بيع القضية الفلسطينية بحفنة من الدولارات تمولها بعض دول النفط من خلال حزمة مشاريع سيتم تنفيذها في فلسطين ودعم السلطة بأموال طائلة مقابل الموافقة على هذه الصفقة وتصفية القضية الفلسطينية ككل .
بعد هذا الموقف بدا ترمب بتنفيذ الشق الثاني من الصفقة وهو اختراق الموقف العربي من خلال اتفاقات تطبيع مع دولة الكيان لاضعاف الموقف الفلسطيني وموقف القيادة وجعلها تخوض الصراع وحدها بعد ان عملت امريكا على قطع كل المساعدات عن السلطة الوطنية وقامت بالضغط على الكثير من الدول التي كانت تقدم المساعدات لشعبنا الفلسطيني بوقف تلك المساعدات ، والغريب أن دولا عربية استجابت لهذه الضغوطات في الوقت الذي استمرت فيه دولا اوروبية بتقديم هذه المساعدات بعيدا عن رغبة الولايات المتحدة.
103 اعوام من الممارسات الاجرامية التي تعرض لها شعبنا للضغط عليه من اجل التنازل عن حقوقه في ارضه ولم تنجح تلك المحاولات وها هو الان ترمب يزيد من ضغطه على شعبنا وقضيته لتحقيق نفس الهدف لكن كل هذه الضغوطات لم ولن تنال من هزيمة شعبنا ولن يستطيعوا تركيع هذا الشعب الذي يرفض المساومة على حقوقه مهما كان الثمن على الرغم من حالة الحصار المفروض على شعبنا محاولين تجويعه لاخضاعه وإجباره على القبول بالحلول التصفوية، إلا أن شعبنا الفلسطيني يتغذى عزة وكرامة ولا يهمه الجوع وجميعنا يعلم المعارك البطولية التي خاضها ابناء شعبنا في سجون الاحتلال الذين جاعوا من اجل الحفاظ على كرامتهم فانتصروا على سجانهم حتى لو دفعوا ثمنا غاليا الا ان الحرية والكرامة تستحق.
سيسقط وعد بلفور وكذلك وعد ترامب وستتحطم كل المؤمرات على صخرة الصمود الاسطوري لشعبنا على الرغم انه اصبح وحيدا في مواجهة هذا الاحتلال الغاشم بعد ان تخلى عنه الاخ والقريب وسيبقى شعبنا راس الحرية في هذه المعركة مصطف خلف قيادته من احل الخلاص من الاحتلال وكل تبعاته ولنسقط كل الوعود التي لا تلبي طموحات شعبنا الفلسطيني المتسلح بايمانه بقضيته وحتمية النصر ومتمسكا بوعد السماء وعد رب العالمين الذي وعد بتوريث الارض لعباده الصالحين.
٠كاتب وسياسي