الأحد: 26/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الاميركية: جو بايدن لن يكون المسيح المخلص ولكن..

نشر بتاريخ: 07/11/2020 ( آخر تحديث: 07/11/2020 الساعة: 15:37 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

تعتبر انتخابات الرئاسه الاميركيه من الانتخابات القليله في العالم ان لم تكن الوحيده التي تشد انتباه كل العالم وتبقيه مشدود الى ان تظهر النتيجه ذلك ليس حبا باميركا وانما لما للرئيس الاميركي من تاثير على كل شاردة وواردة في هذا العالم ولما له من سلطه تصل حد الطغيان احيانا بالرغم من انه منتخب ديمقراطيا وهو ما يعكس نفسه في احيان كثيره وربما باجحاف كرها على اميركا بشكل جماعي من معظم شعوب العالم . يعنى يكفي ان يقرر الرئيس الاميركي الطاغيه فرض العقوبات الاقتصاديه على اي دوله فهذا كفيل بشلها اضافه الى القدرة العسكريه بتصرفه التي لا تقف امامها قدرة اخرى حتى انها تصل الى مناطق نفوذ دول عظمى اخرى كروسيا والصين والاهم من كل ذلك هو ان قرر هذا الرئيس وهو الحاكم بامر الله ، وضع دوله على لائحة الارهاب بحق او غيره والذي قد يستدعي شطبها من هذه اللائحه دفعها لثمن باهظ قد يصل الى حد التنازل عن جزء من حقها السيادي كما حصل في الحالة السودانيه وابتزازها من اجل ان تطبع قسريا مع اسرائيل حارسة املاك اميركا في المنطقة.

طبعا الانتخابات الاميركيه هذه المره اختلفت عن سابقاتها بسبب انها تتعلق بعودة او رحيل دونالد ترمب وهو اكثر رؤساء اميركا اثارة للجدل بخصوص قدراته العقليه وتبنيه للكذب كخميره اساسية لكل ما يقول او يفعل حيث وعلى ذمة الاعلام الاميركي فقد خلى تاريخ الرئاسات الاميركيه من اي رئيس بهذه المواصفات وتحديدا الكذب وهو ما تسبب في هذا الاقبال الانتخابي غير المسبوق عددا بالرغم من جائحة الكورونا التي تعصف بكل زاوية من زوايا الولايات المتحده.

اما بالنسبة لنا كفلسطينيين فلا اعتقد ان هناك فلسطيني واحد سيذرف دمعه حتى ولو تمساحيه على رحيل ترمب وذلك لما ارتكبه من جرائم وخطايا ودون وجه حق في حق الشعب الفلسطيني سياسيا وماليا فهو الرئيس الاميركي الوحيد الذي بذل كل ما يستطيع لقتل الحلم الفلسطيني في حقه في تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينيه المستقلة بما في ذلك اسخدام سلاح غير اخلاقي وغير انساني وهو سلاح التجويع انفاذا لصفقته (صفقة القرن) التي صاغها وكتبها له النتن ياهو .

ومع اني كما غيري من مئات ملايين الفلسطينيين في الشتات وفي الوطن نضرع الى الله من اجل زوال هذا الكابوس المسمى ترمب عن المسرح السياسي الدولي الا انني لا اعتقد ان جو بايدن في حال فوزه سيكون المسيح المخلص بالنسبه لقضية شعبنا وانهاء معاناته التي اصبحت تصعب على الكافر لانه لا يملك ان يخرج عن النص المكتوب والموثق في اللوح المحفوظ للسياسة الخارجيه في كل ما يتعلق بالدعم الاميركي غير المشروط لاسرائيل طالما بقيت في وظيفتها كحارس لاملاك اميركا ومصالحها في المنطقه وهي الوظيفه التي اعتقد ان اسرائيل حصلت عليها بعد انتصارها على كل العرب في حرب 1967 طبعا بالاضافة الى اللوبي الصهيوني في اميركا.

الا ان ما يعنينا كفلسطينيين في هذا السياق هو الهامش الذي يتمتع به الرئيس الاميركي في علاقته مع هذا الكيان العاق . هذا الهامش يبقى مِلك لاي رئيس في الولايات المتحده يتعامل معه وبنسب متفاوته كما حصل مع اوباما الذي سمح بتمرير قرار مجلس امن ادانة اسرائيل 2334 وبوش الاب الذي هدد شامير بقرض العشرة بليون دولار من اجل اجباره على الذهاب الى مؤتمر مدريد سنة 1991 اضافة الى ممارسة البعض من هؤلاء للضغوطات على اسرائيل لوقف الاستيطان والمساعدات للفسطينيين.

هذا الهامش في عهد الرئيس ترمب وعلى النقيض من كل اسلافه فقد تم استخدامه بالكامل لصالح اسرائيل بحيث انه قدم لاسرائيل القوة القائمه بالاحتلال ما لم يقدمه اي رئيس اميركي اخر وذلك في تحد صارخ لكل القوانين والشرائع الدوليه.

نقل السفارة الى القدس على سبيل المثال هو قرار كونغرس اميركي صدر سنة 1995 الا ان الرؤساء الاميركان وبفضل هذا الهامش كانوا يؤجلون تنفيذ هذا القرار طيلة فترة حكمهم على عكس ترمب الذي سخر نفسه كصهيوني لخدمة اسرائيل حيث انه لم يقف عند حد نقل السفاره والاعتراف بالقدس عاصمه لاسرائيل القوة القائمه بالاحتلال ولكنه اقترف المحرمات خدمة لدولة الكيان الصهيوني كشرعنة الاستيطان وشرعنة احتلال الجولان وفوق كل ذلك استخدم كما اسلفت التجويع كسلاح غير اخلاقي بتجفيف الموارد الماليه للسلطة الوطنيه الفلسطينيه اميركيا وعربيا بسبب النفوذ الاميركي خصوصا وان معظم المساعدات العربيه للفسطيننين يجب ان تحظى اولا بالرضى الاميركي وكذا تجفيف الموارد الماليه للانروا التي كان ثلثها ياتي من اميركا لكون الانروا وكاله امميه انشاتها المنظمه الامميه من اجل غوث وتشغيل اللاجئين الفسطينيين حتى يتمكنوا من العيش الى ان يعودوا الى ديارهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونيه وبمساهمه غير مباشره من قبل هذه المنظمه الامميه بسبب عجزها عن حماية وتطبيق قراراتها.

التعامل مع هذا الهامش بنوع من الايجابيه هو كل ما نتوقعه من جو بايدن لو فاز في الانتخابات وليس اكثر من ذلك ولا اعتقد ان القيادة الفلسطينيه تتوقع اكثر من ذلك فهذا الهامش لن يسمح لبايدن باعادة السفاره الى تل ابيب ولا سحب الاعتراف بالقدس عاصمه ولا سحب الاعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان ولكن ما سيسمح به هذا الهامش هو اعادة فتح القنصليه الاميركيه في القدس الشرقيه واعادة المساعدات للفسطينيين وللانروا وربما اعادة فتح مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن.

اما بخصوص التطبيع العربي الصهيوني فلن يستطيع بايدن وقفه بل وعلى العكس سيشجعه ولكنه سيستخدمه لخدمة هدف حل الدولتين الذي يؤمن به بايدن ومنذ عهد اوباما لانه كما الكثيرين من العقلاء من اليهود ومن اصدقاء اسرائيل يرون في حل الدواتين ضمانة لوجود اسرائيل ووسيلة لعدم زوالها اكثر نجاعه من السلاح النووي.

المهمة التي تقع الان على كاهل القياده الفلسطينيه في حال فوز بايدن هو الاستفادة اكبرقدر ممكن من هامش هذا الرئيس الذي يبدو انه سيكون اكثر جهوزيه بفضل المامه بالصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي عاش معه وكشف كل خباياه على مدار ثمان سنوات نائبا للرئيس اوباما كما وان هامشه هذا كان قد افصح عنه من خلال نقده اللاذع لسياسات ترمب حيث طالب بان لا يهاجم احدا الاداره وانما الرئيس فقط ، اضافة الى ان بايدن ورئيسه ابان عهد اوباما كانا قد تعرضا للعديد من الاهانات من قبل النتن ياهو الذي ما زال يحكم اسرائيل والاهم ان هذا الاخير لن يستطيع ان يخدع بايدن كرئيس للولايات المتحده كما عهدناه كمخادع محترف.