الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرهان على بايدن أم على قوانا الذاتية؟

نشر بتاريخ: 11/11/2020 ( آخر تحديث: 11/11/2020 الساعة: 16:46 )

الكاتب: بدر أبو نجم

إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ورفض مشروع الضم والاستيطان والإجراءات أحادية الجانب، و التمسك بحل الدولتين، وإعادة فتح القنصلية الفلسطينية في القدس، وإعادة تدفق المساعدات للسلطة الوطنية واستئناف دعم الأونروا.. هذه مجمل المزايا والوعود التي حملها جو بايدن حال فوزه في الانتخابات الأميركية، التي انتهت قبل أيام قليلة وفاز بها بايدن، بعد معركة انتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين، تخللها تشكيك كبير في الانتخابات من قبل منافسه الجمهوري ترامب، الذي لم يسبق لدول العالم أن انتظرت خسارة أحد مثلما انتظرت خسارة ترامب، نظرا لما تسببت به سياسته الخارجية من خراب ودمار، فترامب لم يترك شيئا في مكانه.

قبل الحديث عن جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد، والرئيس رقم 46 في تاريخ المتحدة، والفارق الكبير برأي الشارع الفلسطيني بينه وبين ترامب، نستعرض بعض ما اقترفه ترامب خلال تولّيه الحكم لأربع سنوات عجاف بحق قضيتنا الفلسطينية، والتي لا يخفى على أحد أنها كانت فترة الظلام الدامس، رافقتها انتكاسات على قضيتنا والمشروع الوطني الفلسطيني، وفي مقدمتها اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ناهيك عن نقل السفارة إلى القدس وقطع الإمدادات وإغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن، ومحاولة قضم حقوق شعب فلسطين شيئاً فشيئاً، والعمل على إنهاء قضية شعب بأكمله بالتواطؤ مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

ماذا بعد تولي بايدن الرئاسة الأمريكية؟

جو بايدن كان نائبا لباراك أوباما الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة لثماني سنوات قبل ترامب، وكان بايدن من هو الأقرب لأوباما بخاصةٍ وأن الاثنين من حزب واحد وهو الحزب الديمقراطي.. لكن ماذا فعل اوباما مع الشخص المقرب له "بايدن" الرئيس المنتخب والذي ما زال ترامب يتمنع في الاعتراف به وتسليم السلطات له ؟

أقصى ما يمكن أن يتحقق للقضية الفلسطينية هو الرجوع إلى عصر أوباما وهي إعادة ما ذكرته في بداية هذا المقال، ومنها إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن.. لكن السؤال هنا، هل من الممكن إرجاع السفارة الأمريكية إلى تل أبيب؟. هل يمكن فعلا لبايدن أن يعيد ترتيب ما بعثره ترامب، فبالمنظور السياسي، وعلى مر السنوات والخبرات التي خاضتها الوفود الفلسطينية المفاوضة، فإنه لا يمكن لبايدن أن يعيد السفارة إلى تل أبيب، وسيكتفي بما توقف عنده أوباما من قبل ترامب، وهو الإعلان عن بدء مفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وفي الأغلب فإن الحديث عن تصحيح ما اقترفه ترامب سيأتي مع المفاوضات الجديدة إن كُتب لها حياة في الأشهر القادمة.

صحيح قد يفي بايدن ببعض وعوده، كفتح مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، وبعض الأمور الأخرى، إلا أن هناك أمور قد لا يفي بها، وحينها لا يمكن التنازل عنها من قبل الجانب الفلسطيني المفاوض، إن كان هناك حديث عن إعادة مسيرة التسوية وعلى أساس الإقرار بمبدأ قيام الدولة الفلسطينية . ويجب على أي فريق مفاوض أن يصمد كما صمد أمام ترامب ونتنياهو، وجل ما يجب فعله حينها من قبل أي فريقٍ كان يحمل راية التفاوض هو عدم التنازل عن إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل ترامب، أي إدارة الأزمة وليس السعي لحلها، وهو ما يمكن أن يفيد إسرائيل وحدها التي تستغل الوضع لفرض حقائق على الأرض، وغير ذلك لا فرق بين ترامب وبايدن في سياسته تجاه القضية الفلسطينية، إذا افترضنا أن بايدن لن يغير كل شيء فعله ترامب.

الرهان على قوانا الذاتية:

لا زال إنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي هو الحل الوحيد لعدم الرهان على أي عامل خارجي، لكن بفقدان أمل المصالحة التي ما زالت غير واضحة المعالم ويشوبها الكثير من الريبة والشك في إتمامها خصوصاً بعد اجتماع الأمناء العامين، أصبح الرهان الخارجي هو الحل الرئيس بالنسبة لبعض الساسة الفلسطينيين، وفي الحقيقة هم أدرى من باقي فئات الشعب الفلسطيني، بمدى جديتهم في إتمام المصالحة، ويبدو أن ما تحت الطاولة لا ينبئ ببريق أمل قد يعيدنا إلى رص الصفوف من جديد.

يجب أن تكون هناك قناعة تامة بأن الخلاص الوحيد على الرهان الخارجي هو إنهاء الانقسام الداخلي.