الكاتب: السفير حكمت عجوري
يبدو ان ثلج الانتخابات الاميركيه قد ذاب وبان مرج الفائز، بالرغم من محاولات ترمب غير المستغربه والمتوقعه من قبل الجميع بادعائه الباطل الذي ضحدته كل المناير الاعلاميه المشرفه على الانتخابات وذلك باصراره على التشكيك في شفافية الانتخابات وهو ما سينعكس سلبا على سمعة بلده اميركا التي نصبت نفسها زعيمة للعالم الحر وحاضنة للديمقراطيه كنهج وهي ما زالت تدير المدرسه الديمقراطيه الدوليه وتلقن الشعوب دروسا في هذا المجال والذي ولولا هذه الديمقراطيه في اميركا لانهار جدار التماسك لولاياتها الخمسين ولتحولت الى خمسين دوله والسبب في كل ذلك هو ما يعانيه ترمب من عدم استقرار عقلي جعله لا يرى في المرآة غير نفسه.
ما سبق لا ينفي ان اميركا ما زالت دولة طغيان وما زالت مكروهه من معظم شعوب العالم باستثناء اسرائيل وهذا ليس سرا والغريب احيانا ان البعض من رؤساء اميركا الذين وبالرغم من طغيانهم واستغلالهم للقدرة التي بحوزتهم في تدمير دول باكملها كما حصل في افغانستان والعراق على سبيل المثال ويتسائلون كما سأل بوش الابن " لماذا يكرهوننا " وهو الذي قاد عملية تدمير لهذه الدول كما فعل اقرانه من الرؤساء وذلك من خلال 13 حرب خاضتها اميركا على مدار العقود الاخيره لاسباب بعيده كل البعد عن الدفاع غن النفس، حروب تسببت بقتل مئات الآلاف من الارواح البريئه وبتكلفة ماليه تقدر ب 14 تريليون دولار وهو ما تسبب في جعل اميركا سيدة ورقيه للاقتصاد العالمي مقارنة بالسيد الحقيقي لهذا الاقتصاد وهو الصين التي قضت تلك العقود في البناء والتطور ولم تخض اي حرب.
السؤال للفنجان هو هل يستطيع الرئيس الاميركي المنتخب الجديد بايدن ان يعيد احترام العالم لبلاده بعد ان وعد بذلك بان يغير هذه الصورة التي ازدادت بشاعه ابان عهد ترمب وبسبب ممارساته الرعناء او على الاقل ان يشرع بوضع اسس التغيير في اذهان شعوب العالم وخصوصا اؤلئك الذين اصابهم مس من الطغيان الاميركي او شاهدوا وشهدوا على وحشيته وهو يفتك بضحاياه او يسرق خيراتهم او على الاقل التوقف عن تعزيز قيم نقيضه للقيم التي نص عليها الدستور الاميركي كدعم ديكتاتوريات في العالم او غض اميركا الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان في دول بسبب ارتباط حكامها الطغاة بعلاقات جيده مع الاداره في اميركا وكَيل هذه الادارة بمكيالين كما نعرفها بالرغم من تعارض كل ما ذكرت مع الدستور الاميركي الذي اختزله لنا دين اشيسون سكرتير الخارجيه ابان عهد ترومان بمذكراته بقوله ان ميثاق الامم المتحده -وهو الحاضن والحامي للشرعيه الدوليه وقوانينها- هو نسخه مكثفه عن دستور بلاده اميركا وكيف لنا ان نصدق ذلك بعد كل الذي شهدناه من ممارسات غير انسانيه قام بها اسلاف بايدن وبالخصوص ما فعله ترمب بحق شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة وهو الذي حاول باستماته اغتيالها سياسيا وماديا وانسانيا.
ليس لدي شك بان الرئيس الاميركي المنتخب بايدن هو صاحب خبره سابقه في الحكم وفي السياسه والمام بما يجري في العالم وذلك بعد ان قضى فترة ثمان سنوات نائبا للرئيس اوباما وقبلها مسؤول للجنة العلاقلت الخارجيه في مجلس الشيوخ وهو ما يجعل منه رئيسا مختلفا بكل المعايير عن سلفه الرئيس الذي لا يملك اي خبره بغير تجارة العقارات وملاحقة النساء ما يجعل بايدن نقيضا لسلفه في شؤون الحكم والاداره السياسيه وهو ما يمكنه لو اراد في الايفاء بتعهده بتغيير الوجه القبيح لاميركا او على الاقل ان يخطو باتجاه ذلك لان دورة حكم واحده في اميركا قد لا تكفي لاحداث التغيير، الذي سيحول دونه اللوبي الصهيوني الذي ما زال يتحكم بسير الرياح هناك وتحديدا رياح السياسه الخارجيه المبوصله لخدمة اسرائيل الامر الذي استسلم له كل روؤساء اميركا منذ ان اصبحت هذه الاخيره حارسة ولو غير امينه على مصالح وممتلكات اميركا في المنطقه الامر الذي حدى بدول في المنطقه لفتح ابوابها لكل اعداء اميركا والتي ستؤدي في النهايه ولو بعد حين الى انتصار الشعوب في هذه الدول لانها سنة الطبيعة فالشعوب لا تعادي ولا تكره لمجرد العداء والكره ولكنها كما قال راحلنا العظيم الشاعر والفيلسوف محمود درويش :
سجل براس الصفحة الاولى . انا لا اكره الناس، ولا اسطو على احد،
ولكني.. اذا ما جعت اكل لحم مغتصبي .
الشعب الفلسطيني كان المتضرر الاكبر من بين الشعوب من السياسات الرعناء لترمب وعليه فلا بد من الاستفاده من هذا التغيير ايجابيا حتى وان كان صحيحا كل ما نشره الاعلام بخصوص نوايا الرئيس المنتخب والسيده نائبته ومواقفهما غير المشجعه بما يتعلق بمساندة اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال الا ان الضرورة السياسية تحتم التقاط كل ما يمكن من النوايا بخصوص فلسطين وتوظيف كل ممكن لتحويلها الى افعال كموقف الرئيس المنتخب من الاستيطان وموقفه ونائبته من حل الدولتين ورؤيتهما غير العدائيه للاسلام والرغبة في اعادة البيئه في اميركا الى ما يجب ان تكون عليه دولة عظمى يحكمها دستور بقيم انسانيه ورئيسها المنتخب يستشهد بحديث نبوي بخصوص كيفية تغيير المنكر باليد اوالقلب او اللسان.
الخبرة الفلسطينيه في التعامل مع بايدن ضمن ادارة اوباما في الحقيقة لم تثمر ولكنها في الحقيقة ايضا ازهرت والسؤال لماذا.
ومع انني اقر ومن خلال تجربة بان الرئيس الفلسطيني بحكمته ابدع في قيادته لهذه الديبلوماسيه الا ان ابداعه هذا كان محكوما بالادوات التي كان يضعها بين يديه المكلفين بمتابعة هذا الموضوع المعقد والتي ارى ان هذه الادوات ما زالت على حالها باستثناء الاخ والصديق المناضل صائب عريقات الذي رحل عنا رحمه الله وهو يقاوم لاخر دقيقة من عمره وبكل ما اوتي من قوة .
هذا الجديد في الاداره الاميركيه ومن اجل ان يثمر فلسطينيا لا بد ان يقابل بجديد من الاداره الفلسطينيه تحت قيادة الرئيس رافع لواء تحقيق الحلم الفلسطيني وذلك من خلال تكليف الرئيس لمبدعين ديبلوماسيين وخبراء في القانون الدولي جدد ليوفروا له كل ما هو ممكن لدمج الممكن السياسي بالثوابت الفلسطينيه ضمن اطار الشرعيه الدوليه والشعب الفلسطيني كما نعلم ليس عاقر اضافة الى ضرورة انهاء الانقسام وباي ثمن لتحديد الدخول للبيت الفلسطيني ومن باب واحد فقط.
ثوابت السياسة الخارجية الاميركيه بما يتعلق بدولة الكيان ما زالت على حالها ولكن ادوات تنفيذها متغيره وعلينا الاستفاده من ذلك خصوصا وان الرئيس المنتخب امامه كما قال مهمة اصلاح ما افسده العطار ترمب باعادة ثقة شعوب العالم باميركا وهذا ممكن لو هو اراد ذلك فعلا وليس فقط قولا ، حيث سبقه رؤساء جعلوا ذلك ممكنا بداية من وودرو ويلسون الذي ذهب الى فرساي بعد الحرب الاولى حاملا لواء حق تقرير المصير وحقوق الانسان للشعوب الصغيره ومرورا بترومان الذي رفض الاعتراف باسرائيل دولة يهوديه وايزنهاور الذي وقف الى جانب مصر في الاعتداء الثلاثي سنة 1956 .