الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

افتتاحية: يجب أن نحارب الإرهاب معا

نشر بتاريخ: 17/11/2020 ( آخر تحديث: 17/11/2020 الساعة: 11:24 )

الكاتب: جوزيف بورييل

لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لعمليات القتل الوحشية، كتلك التي حدثت مؤخرًا في فرنسا والنمسا. هذه المرة حدث ذلك في أوروبا، في مناسبات عديدة أخرى تم استهداف مواطنين في اماكن أخرى من العالم. يحتاج جميع القادة في جميع القارات والاقاليم إلى مواصلة توحيد قواهم لمواجهة خطاب الكراهية ومكافحة الإرهاب.

لقد استهدفت الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا أسس مجتمعاتنا، ولم تكن هذه المرة الأولى التي سعى فيها الإرهابيون إلى تمزيق المجتمعات. لذا، وكما فعلنا في الماضي، نريد أن نتكاتف مع جميع شركائنا لمحاربة هذا التهديد بالوحدة والتصميم. حيث أن حرية التعبير هي حجر الاساس في قيمنا وسنحميها وندعمها، بينما نرفض بالطبع خطاب الكراهية والتحريض على العنف.

قد يختلف مكان ودور الدين في أجزاء مختلفة من العالم، وعلينا أن نكون منتبهين حيث يشعر الناس بالأذى. لكن كل شخص يقدر حياة الإنسان ويحميها يوافق على أن القتل لا يمكن تبريره أبدًا - بغض النظر عن مدى جدية شعور المرء بالإهانة أو الاختلاف مع آراء شخص آخر.

في أعقاب الهجمات، كان هناك الكثير من النقاش حول أصول هذا العنف البائس وأن من الضروري تحديد نوع الإرهاب الذي نواجهه بدقة، ولأن الجناة والمؤيدين يزعمون ارتكاب هذه الأعمال باسم الدين، غالبًا ما يشار إليه فيما يتعلق بتلك الاعمال. ومع ذلك، فإن هذا التعريف خاطئ بشكل واضح: مثل هذه الهجمات الإرهابية تعكس فقط التطرف العنيف لعدد قليل من المتطرفين، الذين يبحثون في الدين عن مبررات مغلوطة لحماقتهم.

نحن نعيش في عالم غالبًا ما تُوظف فيه الهوية سياسيًا لخلق العداوات بين الجماعات والمجتمعات، بما في ذلك داخل المجتمعات المسلمة. كما هو معروف، فإن غالبية ضحايا الإرهاب هم من المسلمين، قتلهم إرهابيون شنيعون ينتهكون مبادئ الدين التي يزعمون أنهم يلتزمون بها، بينما يخدمون في الواقع أيديولوجية سياسية عدمية.

نحن بحاجة إلى الاستمرار في تعزيز المجتمعات الشاملة، الخالية من التمييز والقوالب النمطية والكراهية والوصم على أساس الدين والمعتقد. وقد عبرت عن ذلك بوضوح العديد من الحكومات والقادة السياسيين والدينيين، الذين تحدثوا وأدانوا هذه الهجمات الإرهابية القاتلة مع التأكيد على أهمية التعايش السلمي.

في القرون الماضية، عانت أوروبا من حروب دينية، وعانت بشدة من أشكال مختلفة من التطرف العنيف. اليوم، يحمي الاتحاد الأوروبي جميع الأديان وحرية الجميع في الاعتقاد وممارسة الدين، أو اختيار عدم القيام بذلك، وسيواصل القيام بذلك. نحن ندافع عن هذا من أجل المسلمين وكذلك لمؤمني الديانات الأخرى وللملحدين.

الهجمات الأخيرة ليست بالضرورة من عمل شبكات إرهابية عالية التنظيم، كما كان الحال في الماضي. وبالتعاون مع جميع البلدان، وخاصة في العالم الإسلامي، أحرزت المعركة ضد القاعدة أو داعش تقدمًا مهمًا. ويبدو أن الموجة الإرهابية الحالية في أوروبا هي أعمال أفراد أصبحوا متطرفين عبر الإنترنت.

تم نشر قدر كبير من المعلومات المغلوطة حول العالم حول وضع الإسلام والمسلمين في أوروبا. وقد قامت بعض الجماعات بشن حملات على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص ضد فرنسا وقادتها، داعية إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية. حتى أن البعض دعا إلى العنف والقتل أو عبروا عن تفهمهم لهما.

هذا غير مقبول، كما تم التعبير عنه أيضًا من قبل العديد من الأصوات في جميع أنحاء العالم: فهو فقط يؤجج العنف والكراهية - في أوروبا والعالم. كانت المعارضة القوية لهذا الاستغلال دليلاً آخر على الرغبة في العمل معًا.

لنكن واضحين للغاية: الصدام ليس بين الإسلام، وهو عقيدة يشترك فيها أيضًا الملايين من المواطنين الأوروبيين، ومعتقدات أخرى. إنه ليس "صراع حضارات"، بل صدام بين الحضارة والبربرية، وبين احترام الحياة والإرهاب العدمي.

ولمواجهة التحديات المميتة للإرهاب والتطرف العنيف وخطاب الكراهية، لا يمكننا أن ننجح بمفردنا. نحن بحاجة إلى العمل جنبًا إلى جنب مع شركائنا في جميع أنحاء العالم. في كل مكان.

نحن بحاجة إلى الشعور بالمسؤولية المشتركة لمكافحة الكراهية والإرهاب، فهذه معركة يجب أن نكسبها معًا، لأننا جميعًا ضحايا لها.