السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بايدن: سيعيد السياسة الأميركية التقليدية وإدارة الصراع

نشر بتاريخ: 17/11/2020 ( آخر تحديث: 17/11/2020 الساعة: 16:28 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم




لم يتوقف عدد من المسؤولين الإسرائيليين في الحكومة من التعبير عن قلفهم من احتمال ممارسة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ضغوط على إسرائيل في القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن تسعى إلى مفاوضات مع إيران حول اتفاق نووي جديد.


وفي الوقت ذانه يقول هؤلاء المسؤولين إنه سيتم الحفاظ على علاقات العمل الحميمة بين الأجهزة المهنية في الدولتين، وان التعاون الوثيق الحاصل بين وزارة الأمن الإسرائيلية ووزارة الدفاع الأميركية، الجيشين وأجهزة الاستخبارات، الذي تم الحفاظ عليها في الماضي أيضا بعد تغير الإدارات في واشنطن، ولن تتضرر من جراء تغيير الحكم، باستلام جو بايدن مهمته.
وتشير التوقعات أن مستوى التعاون والتنسيق الاستخباراتي والعسكري، وفي مجالات الأبحاث وتطوير الأسلحة، وحفاظ الولايات المتحدة على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي في الشرق الأوسط، الذي تم الاتفاق عليه مؤخرا خلال محادثات أجراها وزير الأمن الإيسرائيلي، بيني غانتس، مع وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر.
وأن حجم المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل، البالغة 3.8 مليار دولار سنويا، سيستمر، ولن يتضرر، بل ربما يتم رفعه.
القلق الاسرائيلي يتعلق باحتمال استئناف بايدن العمل بالاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه دونالد ترامب، ورغم من ذلك فإن ترامب أعلن أنه في حال فوزه بولاية ثانية، سيسعى إلى التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران. مع ذلك فان التخوف الإسرائيلي هو أن يوافق بايدن على اتفاق مشابه للاتفاق الأصلي، الموقع في نهاية إدارة باراك أوباما، عام 2015.
مع ان وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن اتصالات غير رسمية جرت بين أعضاء في الفريق الذي يبلور السياسة الخارجية والأمنية لبايدن وبين مسؤولين سياسيين رفيعي المستوى في إسرائيل، أن الإدارة المستقبلية تتبلور معادلة لاستئناف المفاوضات مع إيران.
والقلق الآخر الذي تخشاه إسرائيل هو استئناف الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل تقديم تنازلات للفلسطينيين، لكن القلق الإسرائيلي في الاساس هو أن سياسة أميركية كهذه من شأنها أن تعرقل جهود التطبيع التي بدأت مع الامارات والبحرين والسودان ستلحق بهما، وأن اي ضغط في هذا المسار كما تدعي إسرائيل سيعرقل جهود إسرائيل بإقناع "دول سنية معتدلة" بتحويل علاقاتها مع إسرائيل إلى علاقات علنية.
معلوم أنه باستثناء ترامب، فإن جميع الإدارات الأميركية، الديمقراطية والجمهورية، اتبعت السياسة الواضحة نفسها: مساعدات سخية لإسرائيل، مظلة سياسية لإسرائيل، حلف أمني عسكري واقتصادي مع إسرائيل. غير أن بايدن مثل الادارت الامريكية السابقة وهو جزء منها، وهناك التزام مطلق بحل الدولتين، عدم الاعتراف بالمستوطنات، الخط الأخضر كأساس للمفاوضات، لكن لن يغير بايدن قرار ترامب المتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة.
ومع هذا القلق الذي يعبر عنه اليمين الاسرائيلي بزعامة نتنياهو هو تعبير عن مبالغ فيه واستباق لتولي بايدن الحكم للحصول على مكتسبات وضمانات إضافية فإسرائيل تعتبر أهم حليف للولايات المتحدة، بالرغم من أن رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، تأخر بتهنئة الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن.
ويعتقد محللون اسرائيليون تأخر نتنياهو في تهنئة بايدن انه أي نتنياهو ما زال يخشى عقاب ترامب غير المتوقع، وأن نتنياهو يحلم على ما يبدو بهدية وداع من ترامب، لكن هذه ليست بداية جيدة لعلاقات مع بايدن، وأداء نتنياهو يدل أكثر من أي شيء آخر على أنه يعاني من أعراض فطام.
القلق الاسرائيلي هو جراء التاريخ السيئ من العلاقة بين نتنياهو والإدراة الامريكية في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والذي وصف نتنياهو في كتابه "أرض الميعاد"، والذي صدر هذا الاسبوع، وسلط الضوء على تفاصيل علاقته المضطربة مع نتنياهو، منذ صعودهما إلى الحكم عام 2009. ووصف أوباما نتنياهو بانه ذكي، وماكر، وصعب المراس، ورجل يتمتع بمهارات تواصل غير عادية، ولديه القدرة بأن يصبح ساحرا واجتماعيا إذا ما عاد عليه ذلك بالفائدة.
وبحسب محللين إسرائيليين قالوا: أن معظم مستشاري الرئيس الجديد عملوا في إدارة الرئيس الأسبق، باراك أوباما، وهم يعرفون جيدا نتنياهو ومزاجه وشكوكهم نحوه بالغة، وتأخر نتنياهو في نشر بيان التهنئة لبايدن سيزيد هذه الشكوك وحسب، وهو نابع من العلاقة المميزة بين نتنياهو وترامب الذي كان السند السياسي المركزي لنتنياهو باعلان اسرائيل فرض سيادتها على القدس ونقل السفارة الامريكية والخطوات الاكثر قسوة تجاه الفلسطينيين باعلان صفقة القرن لتصفقة القضية الفلسطينية وتجفيف تمويل "أونروا"، وغيرها من القرارات.
ويذكر بعض المحللين الإسرائيليين انه على سبيل المثال، فإنه ثمة شك إذا كان قانون القومية الذي اعلن في العام 2018، سيولد لو أن هيلاري كلينتون كانت في البيت الأبيض مكان ترامب كما ذكر الصحافي بارك رافيد، وإن بايدن ومستشاريه شهدوا إدمان نتنياهو على ترامب، وأن أحد مستشاري بايدن قال إن نتنياهو يستيقظ من الثمالة الآن، وأحد الأعراض هو الصداع.
وقد أجمع عدد من المحللين الاسرائيليين على ان بايدن صديق إسرائيل المخلص، وقد قال إنه صهيوني، وقصد بذلك أنه معجب بالفكرة التي أقامت دولة إسرائيل، وهو تلميذ لوبي أيباك كلاسيكي، وهو ليس أوباما، وهو ليس ليبراليا مثل أوباما، وتربطه صداقة مع نتنياهو منذ سنوات طويلة، وهو يعرف إسرائيل جيدا، ويحبها وينبغي مساعدتها كي يساعد إسرائيل، بدلا من الخصام معه.
بايدن ينتمي إلى المجموعة الأكثر تأييدا لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، والعلاقات بين الرئيس المنتخب وإسرائيل عميقة ومتواصلة أكثر من أي شيئ أخر.
وفي ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني فأنه ملح أقل بالنسبة للأميركيين، وحل الدولتين عائد إلى طاولة المداولات، بقوة ضئيلة، وعلى الأرجح أن الصراع مع الفلسطينيين لن يُحل ولن يكون في مرتبة عليا، ويصعب التصديق أن ادارة بابدن سترغم الجانبين على الحسم.
وطوال السنوات التي تولى خلالها رؤساء أميركيون، ليسوا ترامب، لم يتوقف المشروع الاستيطاني للحظة، واستمر هذا المشروع تحت جميع رؤساء الولايات المتحدة. وبوتيرة مختلفة، وأن مشروع الاحتلال سيستمر.
من ماذا تخشى إسرائيل وتقلق، والحلف بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية عضوي، وقائم على رعاية الأم لابنتها التي تقوم ليس بدور شرطي المنطقة، بل أكثر من ذلك وهو امتداد للسياسة الأمريكية القديمة الجديدة تجاه القضية الفلسطينية والتنكر لحقوق الفلسطينيين، وادارة الصراع وليس حله من قبل الادارات الامريكية الديمقراطية، وهو نفس توجه نتنياهو الذي يعمل منذ توليه الحكم على تبني هذه الفكرة والرؤية.