الكاتب: مصطفى ابراهيم
المتابع لوسائل الإعلام والصحافيين الاسرائيليين لقرار السلطة الفلسطينية بالتحلل من قرارها بالتحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل وعودة التنسيق مع اسرائيل يشعر بالحزن والغصب على حالنا، والسخرية والشماتة والغطرسة في التعليقات وتناول الموضوع، وإعلان الإنتصار، والقول ان السلطة وجدت في فوز جو بايدن بالرئاسة الامريكية سلم للنزول عن الشجرة، وانها لا تستطع الاستمرار بدون إسرائيل.
قرار السلطة التحلل من الاتفاقات ووقف التنسيق المدني والأمني والتراجع عنه بعد ستة اشهر، وما عانها الفلسطينيون في قوتهم وصحتهم واثار ذلك الكارثية على الناس، منذ البداية قرار التحلل اثار السخرية والكذب والتضليل خاصة في موضوع التنسيق الامني.
تعمدت السلطة عدم التمييز بين الاثنين، فالتنسيق المدني تقوم به وزارة الشؤون المدنية في الامور الحيايتة اليومية والاقتصادية والصحية، والتنسيق والتعاون الأمني كما تحب اسرائيل تسميته هو موضوع مختلف تماما، وتقوم به الاجهزة الامنية الفلسطينية بدون خجل أو وجل وهو سيف مسلط على الفلسطيين، ويقدم خدمات جلليلة للاحتلال الاسرائيلي.
في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والجيش الاسرائيلي شعروا بالسعادة وتنفسوا الصعداء على اثر قرار استئناف التنسيق الأمني، حيث تم تعريف عدم التنسيق في الأمني خلال الفترة الماضية بأنه "عظم في الحلق".
المتابع لمجريات الأمور وكيف تدار السلطة الوطنية الفلسطينية وطبيعة علاقتها بإسرائيل يعلم تماماً أن قرار السلطة الفلسطينية بعودة العلاقات والتسيق مع إسرائيل خاصة التنسيق الامني لم يكن مفاجئاً، حتى عندما أتخذ قرار التحلل من الاتفاقيات مع إسرائيل أيضاً كان قرار مؤقت ولفترة زمنية محددة، من اجل الضغط على اسرائيل.
إن قرار السلطة الذي اتخذته قبل 6 اشهر، والذي بموجبه رفضت السلطة استلام اموال المقاصة، والتي هي حق للفلسطينيين، لم يكن هذا القرار استراتيجياً ووطنياً وتنفيذا لتوصية المجلس المركزي بوقفه. لا سيما أن وقف العلاقات كان هناك هدفاً تكتيكياً للسلطة الفلسطينية للضغط على اسرائيل، وفشلت السلطة كما هو متوقع من أن ينتج عنه شيئ سوى العودة المهينة.
السلطة الفلسطينية تعزز يوميا فقدانها للمصداقية وعدم ثقة الناس بها والشعور بالمهانة والدونية والذل، وتعمل بعلم او بدون علم على فكيك المجتمع الفلسطيني وتشظيه وتعزيز ضعفه. واقسى ما يشعر به المرء هو ما تمارسه القيادة والنظام الفلسطيني من ذل ومهانة للفلسطييين بذريعة المصلحة الوطنية.
ستة اشهر من القهر والفقر، والمتاجرة بقوت الناس من أجل ما تسمى المصلحة الوطنية. واعلان الانتصار، والمنتصر الوحيد هو ممثل الاحتلال المنسق، السلطة ساهمت وتساهم في إنتاج الذل والمهانة وتعزيز قوتها وسلطتها وفجورها والهرولة إلى جلادها الاحتلال الإسرائيلي مصدر الذل والمهانة لها لحماية نظامها ومصالحها.
قرار عودة العلاقات مع الإحتلال يمثل ضربة لجهود المصالحة الوطنية، ويؤكد بأن كافة القرارات التي اتخذتها تأتي في سياق سياسة الانتظار التي يهواها الرئيس عباس، ويدفع ثمنها الشعب الفلسطيني.
وكل ما جرى منذ ذلك الحين هو مضيعة للوقت، وان السلطة عملت لصالح كسب مزيد من الوقت، وهي تبني آمالا على الادارة الامريكية الجديدة. لن تكون هناك مفاوضات حقيقية قريبا، والقضية الفلسطينية لن تكون على رأس أولويات الإدارة الامريكية، وامامها مهام ومشكلات داخلية وخارجية ملحة أكثر أهمية من القضية الفلسطينية.
والسلطة التي أعلنت الانتصار لذاتها ومصالحها وامتيازات المسؤولين فيها والحفاظ على مكتسباتهم، ولا تزال تنبي اوهام، وقدرة بايدن على قدرته لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل نهائي وبسرعة.