الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

إحياء يوم التضامن وتفكيك الخطاب التطبيعي

نشر بتاريخ: 28/11/2020 ( آخر تحديث: 28/11/2020 الساعة: 10:31 )

الكاتب: رمزي عودة




تدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة كافة الشعوب والحكومات والمنظمات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وذلك في يوم 29 نوفمبر من كل عام تخليدا لقرار التقسيم رقم 181 للعام 1947، وذلك بهدف تذكير العالم بمسؤوليته التاريخية والسياسية عن رفع الظلم الواقع على الفلسطينيين بفعل قيام الدولة العبرية على إثر هذا القرار، ومنع قيام دولة مستقلة للشعب الفلسطيني بفعل الإحتلال وإستمرار إنتهاكاته ضد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفقا لقواعد القانون الدولي العام. وتأتي أهمية إحياء هذه المناسبة هذا العام بسبب إتساع سياسة الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقطاع، إضافة الى إستمرار سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية الرامية الى تهويد القدس وضمها كعاصمة للدولة العبرية في إطار إعتراف إدارة ترامب وتشجيعها لهذه السياسة. كما تأتي أهمية هذه المناسبة هذا العام نظرا لإرتفاع منسوب التطبيع بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل أدى الى التهديد باسقاط المبادرة العربية وتبنى الإطار العام لصفقة القرن أو صفقة ترامب كمرجعية للتسوية. وفي الإطار السابق، تقوم العديد من الحركات الإجتماعية السياسية محليا وعربيا ودوليا بإحياء هذا اليوم، ومن هذه الحركات الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والضم. وتكتسب أنشطة هذه الحملة المناصرة للقضية الفلسطينية أهمية بالغة لسبيين مهميين؛ الأول هو كون أعضاء هذه الحملة من النخب العلمية والبحثية والاكاديمية الوازنة فلسطينيا وعربيا ودوليا. أما السبب الثاني؛ فهو كون هذه الحملة رفعت شعارها للتضامن مع الشعب الفلسطيني متضمنا محاربة الإحتلال والضم والتطبيع.
وفي سياق مواجهة موجة التطبيع فكريا وعلميا، يمكن إقتراح أن تتضمن الجهود البحثية تفكيك الخطاب التطبيعي وذلك بهدف تفنيد الرواية التطبيعية ونسفها من أساسها. وبالضرورة، فان تحليل الخرافات التي يقوم عليها مفهوم التطبيع يمكن أن يكون مفيدا في هذا الاطار. وفي الواقع، تقوم الرواية التطبيعية على عدة خرافات بعيدة كل البعد عن الحقائق؛ فهي تقوم أولا على أن التطبيع قد أوقف الضم برغم أن تعليق الضم كما جاء في إتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني هو تعليق مؤقت، ويشير الى إعتراف ضمني بشرعية الضم بعد فترة زمنية متفق عليها. أما الخرافة الثانية التي تأسست الرواية التطبيعية عليها فهي أن التطبيع قد أدى الى السلام، برغم أن الدول المطبعة لم تكن في حالة حرب أساسا مع دولة الإحتلال، وبالضرورة فان حالة التطبيع لن تنهي حرب هذه الدول مع دولة الإحتلال لأنه لم تكن هنالك حربا بالاساس. وترتبط الخرافة الثالثة للرواية التطبيعية بأن التطبيع يؤدي الى الأمن، في الوقت الذي قسمت فيه العملية التطبيعية الشرق الأوسط الى قطبين متناحرين أو مجموعة من الأقطاب المتصارعة، وأقصد هنا المحورالايراني والمحور الخليجي، وهو الأمر الذي يؤدي حتما الى عدم الإستقرار والتصعيد في المنطقة، وسيزيد من مخاطر حدوث حرب وتحالفات مبنية على توازنات القوة بين الأقطاب الإقليمية . وتنطوي الخرافة الرابعة والأخيرة للرواية التطبيعية على أن التطبيع يؤدي الى التنمية الإقتصادية في المنطقة، في حين أن الإستثمارات العربية والسياحة في المنطقة ستكون أكثر عائدية وإنتاجية في دول مستقرة مثل الدول الأوربية وليس في منطقة غير مستقرة كما هو الحال عليه في المنطقة العربية.
وبالضرورة، يمكن أن تنجح الجهود الأكاديمية في مواجهة الخطاب التطبيعي في حال إستطاعت هذه الجهود تكوين وخلق قيادة نخبوية تتشكل من الأكاديميين ودور صناع الفكر والسياسات، بحيث تستطيع هذه النخب أولا تحويل خطاب التطبيع من خطاب للسلام والأمن الى خطاب للتخوين والهزيمة، كما تستطيع ثانيا ربط خطاب التطبيع بتسهيل عملية المساس بالمقدسات والاعتراف بسيادة الاحتلال عليها، وثالثا، تستطيع هذه النخب إستنهاض الفكر القومي والديني المضاد للتطبيع. وإذا ما نجحت هذه الجهود في إعادة إنتاج فكر مضاد للتطبيع يقوم على أساس الهوية العربية وجذرية الصراع مع المحتل وحتمية الانتصار، فانه يمكن أن تتوج هذه الجهود في تعزيز الرواية العربية والفلسطينية، وتفنيد الرواية التاريخية الصهيونية، وربط مفهوم التطبيع بالخرافات التي قامت عليها الحركة الصهيونية في الأساس.