الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

حراك أوروبي عربي لإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية جديدة

نشر بتاريخ: 29/11/2020 ( آخر تحديث: 29/11/2020 الساعة: 17:51 )

الكاتب: د. هاني العقاد

من المستحيل بقاء المشهد السياسي في المنطقة علي ما هو عليه الان ,ومن المستحيل ان يقبل العالم بقاء عجلة مسرة السلام متوقفة ,ومن المستحيل الا يتاثر المشهد بالتغرات الدولية والاقليمية وخاصة بعد فوز جو بايدن واختلاف طريقة التعامل الامريكي مع واقع الصراع ,وبعد ان باتت صفقة ترمب خطة الزمن الماضي التي لم تكتمل ولم يستطع ترمب استكمالها ولا حتي اسرائيل التي تسابق الزمن لفرض الفرائض علي الارض واحداث تغيير جيوسياسي يكون مقدمة لتصفية القضية الفلسطينية واسدال الستارعلي مبدأ حل الدولتين واعتبار كل قرارات الشرعية الدولية كانها لم تكن ولم يكن هناك جهد دولي يوما من الايام لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة العربية التي توالدت فيها صراعات داخلية مخيفة تنذر بتقسيم العديد من الدول كنتيجة طبيعية لعدم ايجاد حل عادل برعاية عادلة للصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلي . ادارة ترمب واسرائيل اختاروا المسار الاصعب لتحقيق سلام عربي اسرائيلي دون ان يؤدي ذلك لتقرير مصير الفلسطينين وانهاء الاحتلال علي اعتقاد منهم ان حل الصراع يمكن ان ياتي من البوابة العربية دون الاخذ في الاعتبار ان هذا لايمكن ان يتحقق ولا يمكن ان يقبله الفلسطينين تحت اسوأ الظروف واشد الضغوط .

هناك اشارات كثيرة تؤكد ان حراك اوروبي عربي مشترك يدور الان لتهيئة الفلسطينين لطاولة المفاوضات من جديد ,من هذه الاشارات اللقاء الهام عبر الفيديو كونفرنس بين الرئيس ابو مازن والمستشارة الالمانية انجيلا ميركيل وهو ما يؤكد ان هناك دور الماني مهم في هذا الاتجاه واعتقد ان المانيا اليوم تركز علي دور مشترك مع (مجموعة صيغة ميونخ ) التي تم تشكيلها علي هامش مؤتمر ميونخ للامن فبراير 2020 وتضم المانيا وفرنسا ومصر والاردن ويكرس العمل في المجموعة لاعادة العملية السياسية في المنطقة لمسارها الطبيعي . اشارة اخري مهمة تبين ان المانا احدثت اختراق ما نحوذلك وهي جولة الرئيس ابو مازن هذا الاسبوع للقاء الرئيس بعد الفتاح السيسي والمللك عبدالله الثاني .هذه اول رحلة للرئيس ابو مازن خارجية بعد ذلك التاريخ ولاهمية المحادثات مع مصر والاردن فان الامر تطلب لقاء ونقاش عن قرب ,وباعتقادي ان مجمل النقاش لن يخرج عن المساعي (مجموعة ميونخ ) لتهيئة الفلسطينيين للجلوس من جديد علي طاولة المفاوضات والاستعداد لمرحلة بايدن التي قد تدفع فيها الادارة الامريكية الجديدة هذه المفاوضات عبر الضغط علي اسرائيل للقبول بالجلوس علي اساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية .

السيد رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني خرج بتصريح مهم يدلل علي ان في الاجواء تحريك فاعل لعملية السلام واجابة لسؤال دولي عربي ;وهو هل الفلسطينيين مستعدون للعودة للمفاوضات وعلي اي اساس...؟ كانت الاجابة من خلال هذا التصريح الذي افضي الي ان القيادة الفلسطينية بعثت برسائل مهمة الي القيادة الجديدة في الولايات المتحدة الامريكية والدول الاروبية بانها مستعدة للعودة للمفاوضات مع اسرائيل دون شروط مسبقة علي اساس حل الدولتين واعتقد ان هذا التصريح جاء لان السلطة الفلسطينية تأكدت من ضعف دعم المنظومة العربية للقضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني وانه لايمكن لمجموعة صيغة ميونخ وحدها ان تحقق تقدم في حراكها الحالي دون ان يكون هناك دور معزز واساسي من الادارة الامريكية الجديدة.اعتقد ان هذه الرسائل جاءت كخطوة مطلوبة من القيادة الفلسطينية لتثبت فيها استعدادها للعودة لطاولة المفاوضات وان ليس لديها اي موانع سياسية او ايدلوجية للتفاوض من جديد مع اسرائيل . السيد جزيف بوريل الممثل الاعلي للشؤون الخارجية والسياسة والامنية للاتحاد الاوروبي خلال جلسة رسمية للبرلمان الاوروبي لمناقشة الوضع في الشرق الاوسط اعطي تطمينات للفلسطينيين قبل تحرك السيد الرئيس ابو مازن ولقاء الرئيس عهد الفتاح السيسي والملك عبدالله الثاني انه لن يكون هناك سلام واستقرار مستدامان في المنطقة بدون تسوية شاملة للصراع العربي الاسرائيلي ولا سيما الصراع الفلسطيني الاسرائيلي علي اساس حل الدولتين المتفاوض عليه وقابل للحياة علي اساس المعايير المتفق عليها دوليا , واكد علي انه انطلاقة من ضرورة اعادة الطرفين للمفاوضات فان الاتحاد الاوروبي سوف يستمر في العمل مع اعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك الادارة الامريكية الجديدة لدعم القانون الدولي وانهاء الصراع وضمان حقوق متساوية للجميع .

يبدو ان الاوروبين ادركوا اليوم اكثر من اي وقت مضي ان الفلسطينيين لن يعودوا للمفاوضات العبثية دون اسس ومرجعيات ويبدوا ان (مجموعة ميونخ) بالذات تدرك تماما ان كل محاولات ادارة ترمب السابقة لمسار سلام من البوابة العربية فاشل ومضيعة للوقت ولن يحقق الامن والاستقرار لاي طرف وهو ليس اكثر من سلام كاذب . مع هذا الحراك بات يتوجب علي الفلسطينيين اليوم ان يكونوا اكثر اصراراً وثباتا علي ذات الموقف "علي انه لا تفاوض مع الاسرائيلين الا علي اساس حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية وتطبيق قرار 2334 الدولي مقدماً والذي يعتبر الاستيطان في ارض الضفة الغربية غير شرعي ويجب وقفه فوراً " , لذا فانني علي يقين ان الاوروبين سينجحوا هذه المرة اذا ما توفر لحراكهم الحالي عوامل مهمة اولها دعم عملي من ادارة بايدن من خلال الضغط علي اسرائيل لتعلن موافقتها علي التفاوض علي اساس تطبيق حل الدولتين و وقف الاستيطان والضم والتهويد والاعتراف بان كل اراضي العام 1967 بما فيها القدس ارض محتلة لا يجوز تغير طابعها القانوني حسب بنود القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة , ولا يجوز الاستعمار فيها او فرض السيادة علي اجزاء منها لاي سبب كان .