الجمعة: 24/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

"كورونا بين الحقيقة والانكار"

نشر بتاريخ: 12/12/2020 ( آخر تحديث: 12/12/2020 الساعة: 18:42 )

الكاتب:

مرام الشيخ

بعد أن اخترق فايروس كورونا الحدود الصينية متجهًا نحو دول العالم أجمع، ضجّ العالم بأكمله بالحديث عن هذا الفيروس، فدخل هذا الفايروس ميزان التقييم البشريّ ما بين الحقيقة والانكار، فما هي حقيقة فايروس كورونا؟

فايروس كورونا هو فايروس مستجد ويُسمّى بـ(كوفيد-19)، واجتاح- بداية الأمر- مدينة ووهان الصينية إلى أن أصبح عابراً للقارّات، متحدياً غطرسة الدول وجبروتها، ومُرغماً العالم على التقوقع والانعزال وإغلاق حدوده، واللجوء إلى قوانين الطوارئ، وتقييد الحريات العامة والخاصة.

ومن هذا المنطلق، انقسم الناس في آرائهم إلى مؤيد ومعارض، فمنهم من يؤيد حقيقة وجود هذا الفايروس، ومنهم من يشكُّ وينكر حقيقة وجوده، ولكلّ منهم تبرير لسبب القبول أو الرفض، فقبولهم لهذا الفيروس ورؤيتهم بأنّه حقيقة نابعٌ بالدرجة الأولى لما نعيشه اليوم مع فايروس كورونا وسط آلاف من الوفيات، ومئات الآلاف من الإصابات ذات الوتيرة المتزايدة، وعجز المنظومات الصحية عن اكتشاف لقاحٍ مضّادّ لهذا الفايروس الفتّاك الذي قارب قدومه للعالم قرابة العام.

أمّا بالنسبة لمن ينكرون حقيقة وجود هذا الفايروس رغم شدّته، والحاجة إلى الالتزام بالإرشادات الاحترازية للحدّ منه، فهم يروْن أنّ هذا الفايروس لا صحة لوجوده، فقد تنبّأ الكثيرون بهذا الفايروس قبل سنوات في المسلسلات والأفلام طارحين تساؤلاً بانتظار الرد عليه، وهي إن كان هناك تنبؤ بمثل هذا الفايروس لماذا لم يتم اتخاذ اجراءات تمنع من ظهوره؟. وأنّ أزمة كورونا لا تتعدى كونها سوى مؤامرة مدروسة تقودها قوى كبرى، على رأسها الصين، لتهيئة المناخ لولادة نمط جديد من العلاقات الدولية.

ولعلّ الأخطر من الذين ينكرون وجود كورونا، هم الأشخاص الذين أُصيبوا بالفايروس دون أن تظهر عليهم أعراض، فأخذوا يروّجون على أنه مرض بسيط وغير مخيف، فزادت اللامبالاة والاستهتار عند الناس، متناسين أنّ لكل شخصٍ قدرة ومناعة تختلف عن غيره من الأشخاص، فيتشكل عند هؤلاء المصابين دون أعراض وعي زائف يعملون على نشره في المجتمع.

ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو إصابتي وأسرتي جميعها بالفايروس، وما سبّبه لنا من أعراض شديدة تتراوح بين الأوجاع العضلية والسعال واحتقان الحلق والإعياء الشديد، ولعلّ أخطر ما حدث هو دخول والدي لقسم العناية المكثّفة في مركز التأهيل الوطني في مدينة بيت لحم الذي خُصص لمرضى (كوفيد-19)، فأنا شخصياً أؤمن بحقيقة وجود هذا الفايروس وأستنكر ما أشاهده من ردود فعلٍ متمثلة بالإنكار لحقيقة وجود هذا الفايروس في ظل الانتشار غير المسبوق له، فعدد الأشخاص الذين ينكرون وجود هذا الفايروس يفوق عدد الذين يقرّون بحقيقة وجوده.

ومع تواصل اجتياح الفايروس لدول العالم، وفشل هذه الدول في معركة مواجهته، تبقى جملةٌ من الأسئلة الحائرة عن مدى قدرة العالم على البقاء صامداً أمام هذه الجائحة؟ وهل من أملٍ ينبِّئ بنهاية هذه الأزمة، وكيف سيكون ذلك؟ وإذا تمَّ اكتشاف لقاحٍ للفايروس هل ستتم المتاجرة به على حساب الشعوب؟