الكاتب: السفير منجد صالح
الحرس الثوري: الانتقام القاسي لمقتل سليماني وزادة آت "لكنّه راكب على سلحفاة"
ألتمس العذر من القرّاء الأكارم على هذا العنوان، وربما على محتوى المقال الذي ربما سيبدو متناقضا متفائلا متشائما "متشائلا" مُحبِطا مُحبَطا مُثبّطا مشجّعا مواليا معارضا حياديّا!!!
فالعنوان الذي قرأته في إحدى الصحف الإلكترونية (الحرس الثوري: الانتقام القاسي لمقتل سليماني وزادة آت) استفزّني دون شك، ربما سلبا ربما إيجابا، فأضفت عليه (لكنه راكب على سلحفاة)!!!
هل سنبقى، وقد كتبت بالصدد عدة مقالات، في صحراء "أشبعتهم شتما وفازوا بالإبل"، وفي دنيا "نسمع جعجعة ولا نرى طحينا"؟؟!! أم أننا سنرتقي إلى قمم الذين يُفضّلون: "إذا بُليتم فإستتروا"، و"إستعينوا على قضاء حاجاتكم بالكتمان".
والسؤال الذي يطفوا على سطح الأحداث هو: "هل هدّدت "جعجعت" أمريكا وإسرائيل بإغتيال سليماني في محيط مطار بغداد وإغتيال العالم زادة في محيط طهران، أم "فعلتها على السُكّيت" وعلى "طريقة الخفافيش"؟؟؟
إذن، يا سادة يا كرام، لماذا التهديد "الجعجعة" بالرد "القاسي" و"القادم" و"المُزلزل" و"المُلثّم" و"إلّي راكب على المُهرة"، و"حوبس يا أبّو ميّالة، حوبس رُد الخيّاله.. من عادانا لنعاديه وبالبارود نشنّع فيه!!!".
فهل سنبقى في بند القصائد والزجل وإجترار التهديدات ونصب المسارح والإحتفالات والبيانات والتربّصات والترقّبات بالذكرى السنوية الأولى والثانية والثالثة .. و"حامية حامية" وعلى وشك و"جايّه في الطريق"، وتحشيد الجماهير و"رفع ضغطها" ورفع "أدرينالينها"؟؟!!
بينما الأمريكيّون والإسرائيليّون القتلة المجرمون السفّاحون يكمنون في كل زاوية في جنح الظلام ويضرون ضربتهم، يقذفون سهامهم المسمومة التي "تنحر" خيرة رجال وعلماء الأمة الإسلامية والأمة العربية، دون "جعجعة" ولا ضجيج.
الدماء تنزف من علماء ورجالات الأّمة بفعل غدر وحقد ونذالة وغطرسة الأعداء، وبالمقابل فإن أفواه زعمائنا القياديين والمسؤولين تنزف كلاما معسولا وتعابير ممجوجة وخطابات مُكرّرة وتهديدات جوفاء، وكليشيهات وتنميقات إنتظار "الرد المناسب في الوقت المناسب"، وإعطاء مُهلة من أجل إجتماع "الجنرالات" والتشاور مع "الجنّيات والساحرات وضاربات الودع".
والدم يصرخ طالبا العدالة، طالبا الإنتقام، لكنه يجفّ وتتبخّر ذرّاته وتبقى الصرخة "ساهمة" تضيع مع صدى سراب الصحراء، فالجنرالات لم ينتهوا بعد من إجتماعهم ب"الجنّيات"، لكنهم خلال ذلك، وحتى لا يُعيلوا صبرنا، يُصدرون "البيانات والتطمينات!!!".
نعرف تماما مدى حساسيّة الموضوع ودقّته، فأمريكا وإسرائيل تتكالب على الأمتين العربية والإسلامية، وتناصب الإسلام العداء بعد أن تكللت جهودهما بإنهيار الشيوعية والإشتراكية وحلف وارسو والإتحاد السوفييتي.
وضربت المسلمين بالمسلمين، بإختراعهم داعش بعد القاعدة ومتفرّعاتهما وتفريخاتهما من المنظمات "الجهادية" المعادية للإسلام وللجهاد.
تتكالب على القضية الفلسطينية أولا "لشطبها" وإزاحتها عن "خارطة" الشرق الأوسط. تتكالب على لبنان لإضعافه وتفكيكه ودق أسافين الفتنة بين مكوّناته وطوائفه وإتجاهاته السياسية والعقائدية، وسرقة خيراته البحرية والبرية.
تتكالب على إيران وتحاصرها بالعقوبات، وتعدّ عليها انفاسها، وتصل إلى عقر عقر دارها وتضرب في مقتل أفضل علمائها ورجالاتها.
لكن إيران ليست دولة ضعيفة ولا مُستضعفة، فقد راكمت، ومنذ سنوات، خبرات هائلة في مجال التسليح وصناعة الأسلحة، ساعدها في ذلك إنهيار الإتحاد السوفييتي الجار، وجلب العشرات بل المئات من العلما والخبراء "السوفييت" وتشغيلهم برواتب مغرية في برامج تطوير الصواريخ وكافة انواع الاسلحة.
"السيف أصدق أنباء من الكتب في حدّه الحدّ بين الجد واللعب".
هم يفعلون ومن ثمّ يتحدّثون عن فعلهم، و"جماعتنا" يتحدّثون يتشدّقون عن فعل قادم لكن إما أنّه لن يأتي ابدا أم أنّه سيأتي راكبا على ظهر سلحفاة.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني