الجمعة: 24/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

مرة أخرى عن فرصة "حل الدولتين"

نشر بتاريخ: 02/01/2021 ( آخر تحديث: 02/01/2021 الساعة: 19:20 )

الكاتب: منيب رشيد المصري

مع فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن القول بأن هناك بعض التغييرات التي ستحصل على تعامل الإدارة الأمريكية مع الملف الفلسطيني، فبعض التقديرات تشير إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعيد النظر في موضوع استئناف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، وستعيد النظر أيضا في موضوع مكتب منظمة التحرير في واشنطن الذي تم اغلاقه في عهد الرئيس ترمب، كذلك الحال فيما يتعلق بقضية نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، بحكم أن الرئيس الحالي بايدن يؤمن بحل الدولتين، وأن الإجراءات التي اتخذها الرئيس المنتهية ولايته ترمب تعيق لا بل تعطل الوصول إلى هذا الحل.

وعلى الرغم من اختلاف الآراء والمواقف من الملف الفلسطيني بين رؤساء بين رؤساء الولايات المتحدة، إلا أن الثابت الوحيد هو أنهم جميعا يدعمون دولة الاحتلال، ولا يمكن لأي منهم أن يفرط بمصالح هذه الدولة تحت أي ظرف كان، ومن هنا فإن الثابت في تعامل الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الملف الفلسطيني هو قائم على أساس الحفاظ على مصالح دولة الاحتلال دون سواها، ومن هنا قد يكون ايمان الإدارة الأمريكية بأن مصلحة "إسرائيل" وضمان أمنها يمكن في تطبيق حل الدولتين على أرض الواقع، وهنا يمكن لنا نحن الفلسطينيون أن نلتقي مع الإدارة الأمريكية الحالية في هذا التوجه المتعلق بتطبيق حل الدولتين.

إن الحديث فلسطينيا عن دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، ليس بجديد بل تم الاتفاق عليه في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة عام 1988، حيث تم إعلان قيام دولة فلسطين على أساس قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وبالتالي هناك اجتماع وطني على هذا الحل، ولكن المشكلة تكمن في عدم قدرتنا على الوصول اليه لأسباب موضوعية لها علاقة بالوضع الدولي والإقليمي والعربي، وأسباب ذاتية خالصة لها علاقة بالواقع الفلسطيني الحالي، والذي يمكن وصفه بأنه سيئ، والسبب الأساسي في هذا السوء هو وجود الانقسام الفلسطيني، وغياب الحياة الديمقراطية التي أساسها الانتخابات.

ما يعنينا الآن، هو استثمار ما هو متاح بعد نجاح بايدن والذهاب باتجاه ترتيب بيتنا الداخلي على أساس شراكة تامة بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني، والتي تبدأ أولا بإنهاء الانقسام وتطبيق ما تم الاتفاق عليه من قرارات المجلس المركزي في العامين 2015 و2018، وأيضا البناء واستكمال ما تم الاتفاق عليه خلال اجتماع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية الذي انعقد بين رام الله وبيروت في الثالث من شهر أيلول الفائت، فهذا الأمر يصلب وضعنا الداخلي أمام أية ضغوط قد تمارس علينا من أجل إعادة الجلوس على طاولة مفاوضات جربناها لعشرات السنوات دون فائدة.

أعتقد بأن الاتفاق على برنامج وطني وإعادة الاعتبار لمنظمة التحري الفلسطينية على أسس ديمقراطية، وضم جميع القوى الفلسطينية تحت مظلتها خطوة أولى نحو النجاح في مطالبة المجتمع الدولي بتطبيق حل الدولتين من خلال مؤتمر دولي تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة، يكون هدفه الأساس تطبيق قرارات الشرعية الدولية وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، بعاصمتها القدس.

نحن نقول بأن الاتفاق على برنامج سياسي بالحد الأدنى يتطلب أن نجلس جميعا على طاولة الحوار من خلال مؤتمر وطني يضم الجميع للاتفاق على المبادئ الرئيسية لخطة وطنية تهدف إلى تحصين الوضع الداخلي من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب نحو انتخابات عامة، وذلك تزامنا مع إعادة ترتيب أوضاع المنظمة لضمان مشاركة الشتات في القرار.

ومن هنا فالمطلوب الآن هو المبادرة من طرف الأخ الرئيس أبو مازن باعتباره رأس الشرعية الفلسطينية، بالدعوة إلى حوار وطني شامل، فهو الأقدر على إدارة الدفة في ظل الوضع الداخلي والخارجي المعقد، وهو لا خلاف عليه بل الخلاف معه وهو أمر صحي وطبيعي في ظل تعدد الآراء والمواقف في الساحة الفلسطينية.

ومن منطلق أننا جميعنا في خندق واحد نقول بأننا مع الرئيس أبو مازن في إصراره على حق الفلسطينيين في العيش بكرامة وعزة في دولة مستقلة وعاصمتها القدس، ونحن معه في سعيه لإنهاء الانقسام وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، ونحن معه في خيار السلام، لأن السلام يصنع مع الأعداء وليس مع الأصدقاء، وللسلام استحقاقات أهمها ان يتوقف القتل والتدمير، وينتهي الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، ويطلق سراح الأسرى القابعين في عتمة السجون، وأن يتمكن الفلسطيني من العمل في حقله وأرضه ومصنعه ومكتبه وجامعته، والسلام يعني ان يتوقف القتل والدمار الذي يسببه الاحتلال.

نحن مع الأخ الرئيس لأنه الأقدر على حماية الحريات العامة، وتعزيز أمن المواطن الشخصي، والقضاء على ظاهرة الفلتان الأمني التي بدأت تطل برأسها، ونحن معه في مكافحة أي من مظاهر الفساد بحيث تبقى صورة نضالنا ساطعة في العالم، ونحن معه في التواصل بين المواطن وقيادة الوطن وفي نصرة الضعيف والمظلوم. ومعه يداً صلبة على الظالمين والمفسدين.

ومن منطلق أننا جميعا في خندق واحد، فإننا نرى بأن التمسك بخيار إنهاء الانقسام وترتيب البيت الداخلي على أساس ما تم الاتفاق عليه في القاهرة 2011 و2017، وأيضا العمل على تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني، وكذلك الالتزام بما تم إقراره خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل، هو الضامن الوحيد لتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة المؤامرة التي تستهدف الوجود الفلسطيني، وتسعى إلى شطب حقوقه، وإنهاء حقه في العودة والدولة، وهو مدخل مهم وأساسي في الوصول إلى حل الدولتين في ظل وجود جو بايدن على رأس الإدارة الأمريكية الحالية.