السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحكومة وإصلاح المؤسسات غير الوزارية

نشر بتاريخ: 11/01/2021 ( آخر تحديث: 11/01/2021 الساعة: 14:42 )

الكاتب: سعيد زيد

انطلقت عملية اصلاح وتطوير مؤسسات السلطة الفلسطينية قبل عشرين عامًا وأٌعدت مجموعة من التقارير والوثائق من جهات محلية ودولية، وتشكلت لجانٌ للاصلاح، كانت أبرز توصياتها دمج أو إلحاق الكثير من المؤسسات والهيئات العامة بالوزارات، وإلغاء غير الضروري منها، لترشيد الانفاق وتقديم الخدمات للمواطن بفعالية وجودة عالية. واتخذت الحكومات الفلسطينية المختلفة قرارات بهذا الشأن استنادًا إلى الصلاحيات المخوّله لها، ويكاد لا تخلو قرارات أي حكومة سابقة من قرار يتعلق بالمؤسسات غير الوزارية، ولا زالت العملية مستمرة، ولم تصل لغايتها. حيث أعلنت حكومة الدكتور محمد اشتيه قراراً بدمج والغاء والحاق 30 مؤسسة بالوزرات المختلفة لنفس الأسباب، وشكلت لجنة لهذا الغرض برئاسة وزير العدل، اوصت بعدم استحداث مؤسسات جديدة مؤقتًا لحين انتهاء اللجنة من أعمالها، وهذا لن يحل مشكلة ظهور مؤسسات غير وزارية مستقبلا تحتاج إلى دمج وإلغاء.

يبدو حال الحكومات الفلسطينية فيما يتعلق بالهيئات والمؤسسات غير الوزارية حال الملك اليوناني سيزيفوس الذي حُكم عليه دحرجة صخرة كبيرة إلى قمة جبل مرتفع،وما أن تصل للقمة حتى تعود للأسفل ليبدأ من جديد. لأن عملية الاصلاح المتمثلة بدمج المؤسسات لن تنتهي، ولن تحقق أهدافها، فآلة تفريخ المؤسسات والهيئات لن تتوقف لعدم وجود ضوابط ملزمه تحول دون انشاء مؤسسات جديده غير ضرورية، وآلية للتاكد من مدى الحاجة لها، وإذا ما كانت المؤسسات القائمة قادرة على اداء الدور والمهام التي ستقوم به المؤسسة المنوي استحداثها، واتخاذ القرارات بسرية دون أن يسبقها اعلان عن نية الجهات ذات العلاقة بانشاء مؤسسة ما في وسائل الاعلام، وإدارة نقاش حول الأهداف المرجو تحقيقها من الإنشاء، وتمكين الخبراء والمهتمين من إبداء الرأي الذي قد يساعد باتخاذ الاجراء المناسب للحيلولة دون تبديد الموارد.

من ناحية أخرى لا بد من دراسة ظروف إقامة المؤسسات المنوي العمل على دمجها أو الغائها لاستخلاص العبر والدروس، وإذا ما كان هناك علاقة لمن يقف على رأس المؤسسة بقرار استحداثها للحيلولة دون وجود حالات تضارب مصالح ولبلورة إجراءات تحول دون ذلك في المستقبل. ومن الأهمية مراجعة دور المؤسسات الرقابية لمعرفة الأسباب التي أدت إلى تمرير قرارات باستحداث مؤسسات غير ضرورية من تحت رادارها دون انذار أو تحذير، علماً بأن مؤسسات المجتمع المدني وخاصة ائتلاف النزاهة والشفافية "أمان" قد أصدرت عدة تقارير تتعلق بهذه المؤسسات ورواتب القائمين عليها وطالبت بالإصلاح، ويبدو أن ما تقوم به الحكومة الان ثمرة جهود المجتمع المدني.

تطوير ومراجعة البنى المؤسساتية الفلسطينية عملية محمودة ومطلوبة بكافة الظروف والحالات، ولكن الأهم وضع حد لعملية استحداث المؤسسات غير الضررورية كي لا تتحول الجهود الحكومية الى عمل لا جدوى أو نهاية له.