الكاتب: أحمد الغندور
من الغريب أن يأتي التوافق الدولي والفلسطيني على إجراء الانتخابات الفلسطينية في زمن الكورونا، بعد أن تعثرت ردحاً طويلاً من الزمن، فقد جرت الانتخابات الأخيرة في العام 2006 وبعدها ساد الانقسام والشقاق كل شيء في المجتمع الفلسطيني، بل تعداه إلى الجاليات الفلسطينية في الشتات!
وكما كانت ولا زالت الكورونا تُشكل لغزاً يبحث في؛ كونها مؤامرة دولية أم جائحة طبيعية، فلا زال اللغز يمضي وصولاً للعلاجات المعلن عنها في الحواضر العالمية؛ هل تحمل الشفاء؟ أم أن هذه المطاعيم لها أهدافها الغير معلنة للتحكم بالبشرية؟!
وهكذا كانت الانتخابات الفلسطينية السابقة بنتائجها التي قادت إلى الانقسام لغزاً لم يجرِ بحثه طيلة السنوات الماضية، فقد جاءت بـ "توصية" دولية سارع إلى تنفيذها "مستشارون" مخلصون!
وتأتي اليوم الانتخابات الجديدة أيضا بـ "توصية" دولية من "رباعية" التناقضات الجديدة كعلاج لنتائج الانتخابات السابقة! وبالمستشارين المخلصين نُسارع إلى تنفيذها!
فأصبحنا اليوم أمام لغزٍ أشد تعقيداً من الكورونا أو علاجاتها! فما العمل؟!
لا شك أن مع صدور المرسوم الرئاسي بموعد إجراء الانتخابات في مراحلها الثلاثة يعني انطلاق المسار حتى صدور النتائج، ولا رجعة فيه!
لكن هل من الممكن رؤيتها تحقيقاً للآمال المرجوة للشعب الفلسطيني في الوحدة، وإنهاء الانقسام، وتحقيق العدالة لضحايا المرحلة السابقة، وضخ دماء جديدة فاعلة للمشهد السياسي الفلسطيني الباحث عن الحرية وتحقيق الاستقلال؟!
الإجابة على هذا السؤال الجوهري لا تأتي من خلال الخطوات الفلسطينية المتبعة لإجراء الانتخابات ـ حتى مع كافة الطقوس الخاصة بفيروس كورونا ـ، بل تأتي من خلال فك شيفرة اللغز الدولي فيما وراء الانتخابات!
والتي نحاول تقصيها فيما يلي: ـ
تأتي الانتخابات الجديدة بضغوط أمريكية ـ أوروبية لتجديد الشرعية الفلسطينية التي وفق "ادعائهم" اختفت عن المشهد الدولي نتيجة الانقسام، فهل تجديد الشرعية القائم في الأساس على "قواعد أوسلو" سيكون له الأثر في إنهاء الاحتلال عن فلسطين؟!
هل الإدارة الأمريكية الجديدة بما ترثه من أعباء من إدارة "ترامب" تملك من الإمكانيات ما يلزمها لعكس ونقض القرارات الصادرة عن القيادة السابقة؟! ورغم ذلك، ماذا عن الأجندة الخاصة بالإدارة الجديدة، هل تهدف إلى تحقيق نوع من العدالة للفلسطينيين؟ أم أنها ستسعى لتنفيذ أجندة "أوباما" الخاصة بـ "الإخوان المسلمين"، و"الربيع العربي"؟!
ما الهدف الذي يرجوه أطراف الرباعية الجديدة المتناقضة ـ مصر، قطر، تركيا، روسيا ـ من إجراء الانتخابات الفلسطينية، ومنهم من عرقلها لسنوات، أليس الأمر بمثابة رسائل لخطب ود "إدارة بايدن" هاتفة؛ بأننا نملك التأثير والتغيير في السياسة الدولية؟! فمن فاز منهم بذلك؟!
ماذا عن قوى دولية أخرى لها حساباتها الخاصة في فلسطين؛ إيران، الإمارات، "الكيان الصهيوني"، من يملك "الأصابع الأطول" لتغيير نتائج الانتخابات وفقاً لمصلحته الخاصة؟!
كيف يمكن أن نقنع "الفلسطيني المجروح" بأهمية الانتخابات في ظل "اللغز الدولي" وهو لم يشفَ بعد من الجرح الوطني؟!
هل يملك المثقف الوطني ـ وهو العاري المجرد ـ القدرة على المشاركة والتغيير في ظل التعقيدات الداخلية والدولية؟!
ما أطرحه اليوم؛ لا يأتي من باب التشاؤم والصدود عن الانتخابات، بل هي من باب حث الجهود للمشاركة في إنجاحها، فالنجاح يعني النجاة لنا ولقضيتنا الوطنية!
أخيراً، ولأن الانتخابات تعني الاختيار؛ فمن ممكن أن نُسمي من " المخلصين " ليكونوا عُدتنا، وعتادنا للمرحلة القادمة ؟!