الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وقفة: هل حقاً ستجري الانتخابات ؟!

نشر بتاريخ: 18/01/2021 ( آخر تحديث: 18/01/2021 الساعة: 11:36 )

الكاتب: جمال زقوت



الانتخابات حق دستوري للمواطنين من اجل ممارسة دورهم الطبيعي في المشاركة السياسية و اختيار ممثليهم و وتجديد قياداتهم، وفي الحالة الفلسطينية لتجديد بنية الحركة الوطنية بعد أن ترهلت و فشلت في انجاز مشروعها الوطني الذي تعمد سابقاً بالثورة و الانتفاضة، و ضاع رصيده بين مفاوضات فاشلة و مقاومة اسلامية أقرب للصراع على السلطة و التمثيل منها لمواجهة الاحتلال ومشاريعه التصفوية ؛ و هي إن تمت فمن المفترض أن تشكل فرصة للمسائلة و المحاسبة و اعلاء شأن المواطن الذي سيصبح في تلك الحالة مركز العملية السياسية و الاجتماعية بعد أن تم اقصاءه على مدار خمسة عشر عاماً إن لم يكن أكثر من ربع قرن ، و بالتالي هي خطوة على طريق تكريس المواطنة التي تم تفكيك عقدها الاجتماعي و غابت كل مفاصل المشروع الدولاني الذي يمكن أن يؤسس لها بل، و تم الانقضاض على ما كان يمكن أن يبنى عليه من انجازات في مرحلة التنمية من أجل الصمود المقاوم و البناء الديمقراطي للتنمية من القاعدة نحو القمة؛ هذا كله من حيث المبدأ ، رغم أنه في بعض الدول كاسرائيل مثلاً تشكل الانتخابات محطة لتغييرات شاملة تشهد نشوء أحزاب جديدة و أحياناً لاندثار أخرى حتى لو كانت عريقة مثل حزب العمل و كاديما و شينوي و ربما أزرق أبيض . هذا يشترط خلق مناخ مفتوح وليس كما تجري في بعض الدول المجاورة التي تكون فيها الانتخابات مجرد وسيلة لاعادة تدوير و شرعنة دولة الفساد و الخراب. في فلسطين وبعد حوالي 13-14 عام من الانقسام وتمزيق المؤسسات و تفكيك الأولويات الوطنية و الاجتماعية و التعدي على صلاحيات واستقلال القضاء و تغييب المواطن ، و الاخطر الانشغال في حروب الانقسام و الاقصاء التي فعلت فعلها في جسم الحركة الوطنية المريض و شجعت نتانياهو وحكومة المستوطنين بدعم من عرابهم المنصرف ترامب، على التغول بأقصى درجات الوقاحة لأول مرة في تاريخ الصراع على الرواية والحقوق و الفلسطينية بهذا القدر من العنصرية و العنجهية المستندة لاذعان عدد من الانظمة العربية وتخلي الحركة الوطنية الفلسطينية عن دورها و فشل مشروعها الوطني المتآكل . هذا كله من الممكن يجعل من الانتخابات في حال اجرائها محطة متداخلة الاهداف على الصعيدين الوطني و الديمقراطي؛ جوهرها البدء بعملية تفكيك الانقسام وبناء المؤسسة الوطنية الجامعة بمحاسبة و ابعاد الانقساميين وليس تصميم العملية بما يعيد لهم شرعية الانقسام والمحاصصة لما اسْتَبقوه من مصالح بعيدة كل البعد عن بوصلة الشعب و اهتماماته وأولوياته الكفاحية و الاجتماعية. هذا هو المعيار الحقيقي للقيمة الوطنية الديمقراطية للعملية الانتخابية وجوهرها مكانة الوطن و مبدأ المواطنة وليس أمراء الانقسام و المحاصصة ! هذه الأمر له شروط واجبة أهمها حكومة وحدة وطنية انتقالية كأحد أهم ضمانات نزاهة الانتخابات و ليس الوحيدة، و الغاء التعديات و التعيينات التي انهت استقلال السلطة القضائية و نزاهتها، و تكافؤ الفرص لمجموع القوائم الانتخابية ، ومن الناحية الأخرى انشاء قائمة المواطن الانتخابية التي يجب أن تقدم النموذج الحقيقي بفسيفساء مكونات المجتمع و خيرة شبابه و بناته وكفاءاته ومناضليه والانتصار فيها للمخيمات المسحوقة والريف الفلسطيني الذي يتعرض لأكبر عملية سطو من الاحتلال و مستوطنيه، والاقصاء من النظام السياسي، والأحياء الفقيرة و المهمشة في المدن الفقيرة التي تتحول يومياً إلى عشوائيات ومرتع للفقر والبطالة والأمراض الاجتماعية التي تجعلهم لقمة سائغة للجهل و التخلف و بالتالي لمخططات الاحتلال كما جرى و يجري في حزام الفقر العشوائي في محيط القدس و غيرها من المدن . قائمة المواطن يجب ان تكون مهمتها الأولى تحرير طاقة الشباب والنساء وعموم فئات المجتمع و ابداعاتهم الخلاقة من كارثة الاحباط التي ولدها الانقسام والفشل، و تقديم نموذجاً مختلفاً من القيادة الشابة القادرة على توليد و وتربية الأمل باعلاء راية المواطنة التي تمكن الناس من استرداد كرامتهم و حقهم في الدفاع عن بلادهم و مقاومة الغزاة المحتلين . و يبقي السؤال الذهبي هل حقاً ستجري الانتخابات أم أننا أمام نسخة من المناورات المحكمة والمتقنة الاخراج ليس كالتي سبقتها من مناورات ؟! هذا ما ستكشفه الأيام القادمة و خاصة ما يسمى بحوار القاهرة إن تم حتى نهاية هذا الشهر!