الكاتب: د. فاهوم الشلبي
مرت اسابيع واشهر، والانسان في كافة بلدان العالم يعاني من وباء الكورونا، الذي شكل تحدي لمنظمات الصحة العالمية ووزارات الصحة والمستشفيات العامة والخاصة لعدم وجود علاج فعال، وان وجد فهو ما زال تحت التطوير، وتجاوبا مع هذا الواقع، لجأت كافة دول العالم الى اتخاذ سياسات واجراءات وقائية، مثل الحجر، التباعد، لبس الكمامة ، تقليل فرص التفاعل في المناسبات الاجتماعية، تقليل الازدحام في اماكن العمل المختلفة، منع السفر والتنقل، وما شابها من اجراءات.
على مستوى فلسطيني، انسجمت السياسات والاجراءات المتخذة كأساليب وقائية من قبل الحكومة مع الاساليب العالمية، بل كانت سباقة، وكان من ضمنها حذر الحركة بالسيارات ايام الجمعة والسبت، وتشغيل المؤسسات الحكومية والخدمية بطاقم لا يتعدى 30% من مجموع العاملين، والمؤسسات الانتاجية بطاقم لا يتعدى حجمه عن 50% من الطاقم الكلي.
وفي استراحة فنجان قهوة مع صديقين من زملاء العمل السابق، دار الحديث عن هذه الاجراءات وأهميتها في ظل تواضع الامكانيات والقدرات الصحية المتوفرة، وتشعب الحديث ليعلق احدهم: لقد احتجت الغرف التجارية والاتحادات الصناعية وبعض النقابات على التشغيل الجزئي وبطاقم 50% ، لكن لم نسمع أي احتجاج من قبل الأهالي المحتاجين لخدمات المؤسسات الرسمية عن تأخر تنفيذ معاملاتهم ، أو من الموظفين الرسميين عن مطالبات بعمل اضافي مقابل تأخيرهم لساعات عمل اضافي لإنجاز معاملات وخدمات لا تحتاج التأخير!!! فجاوبه الزميل الاخر قائلا: “ مداخلة ممتازة، والامر واضح، فالمؤسسات الانتاجية تنتج مواد للبيع اوللتركيب وتعتمد على عدد العاملين في الكميات المنتجة، اضافة ان رواتبهم قد تبقى مدفوعة حتى لو التزم نصفهم بقرارات الحكومة، وصاحب العمل سيتضرر!!! بينما في المؤسسات الحكومية الرسمية، معظم الخدمات المقدمة للجمهور كمعاملات ووثائق و رخص تعمل الكترونيا ومبرمجة مسبقا، ويسهل اخراجها من قبل اكثر من موظف وليس من قبل موظف واحد، وبالتالي يمكن تناوب الموظفين ليعمل الواحد يومين في الاسبوع فقط وتضمن تواجد حوالي 30% من العاملين بوميا!!!
فرد عليه قائلا: " إذا العمل في معظم المؤسسات الرسمية ينجز كاملة بطاقم 30% من الموظفين، فهل يعني ذلك أن نسبة البطالة المقنعة فيها حوالي 70%؟! هنا تدخلت انا قائلا: لا، ليس هكذا، فمؤسسة عن مؤسسة تختلفان في طبيعة الاعمال والخدمات المقدمة، لكن لا انكر ان هناك بطالة مقنعة لكن بنسب اقل بكثير من 70 %!! وأكملت قائلا: " انا مسرور لهذا النقاش، وفي تقديري أنه من الأهمية أن تستغل المؤسسات الحكومية الرسمية هذا الوضع، وتقوم كل منها بعمل قياس لحجم ادائها وانجازها الفعلي خلال اسبوعين (فترة التعليمات الحكومية المتعلقة بكورونا) ومن ثم تقارنه بحجم الاداء والانجاز في ظل العمل بطاقة 100%". واذا كان حجم الاداء والانجاز متقارب في الحالتين، فهذه نتيجة تستحق التحليل والدراسة، ومن ثم تتطلب معالجة !!!!! وابعد من ذلك، قد ترفع علامة استفهام على اهمية او عدم أهمية وجود مؤسسات أو وزارات كاملة، واستبدالها بمؤسسات صغيرة تحمل اسما صغيرا لفرع أو قسم في المؤسسة الكبيرة.
هنا رد أحدهم قائلا: نعم إنها فكرة جميلة واقتراح جيد، حبذا لو يسمعك المسؤولون، ويقومون بتنفيذ الاقتراح، لأنها فرصة ذهبية في مثل هذه الظروف لعمل تقييم للاداء وبدء تطبيق ثقافة التقييم او التقويم وتحليل النتائج لتصويب الواقع وتغييره نحو بيئة عمل منتجة وفعالة.