الكاتب: د. رمزي عودة
وفقاً لمسح الشباب الذي أصدره جهاز الإحصاء المركزي في العام 2015، يمثل الشباب من سن 15- 29 عاما نحو 30% من المجتمع الفلسطيني، وترتفع هذه النسبة إذا ما أضفنا إليها الفئة العمرية من سن 30 حتى سن 39 لتصبح نحو 42% من مجموع المواطنين؛ منهم 42.3% من الذكور، و41.9% من الإناث. ويعاني الشباب من إشكاليات مطلبية حادة في المجتمع الفلسطيني، حيث ترتفع نسبة العاطلين عن العمل بين أوساطهم الى نحو 30.2% ، وترتفع هذه النسبة لتصل الى 43.6% لدى أوساط الشباب في مخيمات اللجوء. وقد حدد الشباب أهم الأولويات الأساسية لهم في المسح السابق كالتالي: إنهاء الاحتلال وبناء الدولة 79.4%، رفع مستوي المعيشة 7.3%، محاربة الفقر والبطالة 4.9%، محاربة الفساد 2.3 %، الديمقراطية وحقوق الانسان 1.8%. وفيما يتعلق بالمشاركة الشبابية في الحياة العامة، فقد توصل المسح الى أن نسبتها ضعيفة وتصل الى 19.6% من الشباب فقط، من جهة أخرى، فإن نسبة الشباب المنتمين للأحزاب والحركات السياسية تبدو أيضا قليلة جداً لا تتجاوز 1.4%.
بشكل عام، تعتبر فئة الشباب في المجتمع الفلسطيني فئة مهمشة، فبالرغم من إرتفاع نسبتهم في المجتمع المحلي، الا أن 1% فقط من الشباب دون سن الثلاثين ينتمون للفئات العليا من الوظائف الحكومية وغير الحكومية. وتشير دراسة مؤسسة "مفتاح" الى ضعف مشاركة الشباب في الإنتخابات التشريعية الثانية عام 2006، فقد ترشح لها 122 شاباً (18 أنثى و104 ذكور) على مستوى الدوائر والقوائم من أصل 728 مرشحاً، وكانت النتيجة أن فاز ما مجموعه 18 شاباً وصغير السن دون سن الأربعين(منهم إنثتان و16 ذكراً) من أصل 132 عضواً هم مجموع أعضاء المجلس التشريعي. بالمقابل، فقد برزت مشاركة الشباب بشكل أكثر وضوحا في عملية الإقتراع لهذه الانتخابات، حيث بلغت نسبة الشباب المقترعين دون سن الاربعين 67% من إجمالي المقترعين والبالغ عددهم نحو مليون وأربعمائة ألف مقترع تبعا لبيانات لجنة الإنتخابات المركزية.
في السياق السابق، حرمت الفئة الأكبر من الشباب من فرصة المشاركة في الإنتخابات التشريعية نظرا للانقسام السياسي وإنقطاع العملية السياسية في الوطن منذ عام 2007. وبعدما وافقت حركة حماس على ورقة تفاهمات إسطنبول، صدق الرئيس الفلسطيني وعده، وأصدر المرسوم الرئاسي المتعلق بالإنتخابات في 15 الشهر الجاري، والذي يحدد موعداً للإنتخابات التشريعية في 22 أيار القادم وفقاً لنظام التمثيل النسبي. وبالضرورة، وعلى خلاف نظام الدوائر، يتيح نظام التمثيل النسبي فرصاً أكبر للشباب لتشكيل قوائم إنتخابية يمكن لها أن تفوز بعدد من المقاعد التشريعية، حتى لو كان هذا العدد محدوداً في الإنتخابات العامة، وخاصة أن نسبة الحسم تعتبر قليلة نسبيا 1.5%، بحيث تستطيع أي قائمة الحصول على مقاعد إذا ما تجاوزت نسبة الحسم. من جانب آخر، يمكن للشباب أن ينظموا أنفسهم داخل أحزابهم السياسية، ويشكلون بالضرورة كتلة مطلبية داخل الحزب تسمح بما يمكن وصفه "بالكوتا الشبابية الحزبية"، أي تخصيص نسبة من القائمة الحزبية للشباب في المواقع المتقدمة للقائمة الحزبية المرشحة. كما يجب على الشباب داخل الحزب أن يعيدوا صياغة برامج أحزابهم السياسية وفقا لتطلعات الشباب وأولوياتهم الأساسية؛ وعلى رأسها مقاومة الاحتلال وبناء الدولة ومحاربة الفقر والبطالة.
بالمقابل، وبإعتبار الشباب القوة التصويتية الكبرى للأحزاب والقوائم في الإنتخابات المقبلة، على الأحزاب والقوائم إستخدام أدوات جديدة لتجنيد المناصرين الشباب، وهنا أقصد مواقع التواصل الإجتماعي والندوات الرقمية التي يستخدمها غالبية الشباب الفلسطيني (أكثر من 50% من الشباب الفلسطيني إعتبر مواقع التواصل الإجتماعي مصدراً أساسيا لمعرفته". من جهة ثانية، ومن أجل ضخ دماء جديدة ومقبولة جماهيريا في الاحزاب الوطنية، يجب إشراك الشباب في صياغة البرامج الإنتخابية وفي قوائم الترشح وفي برامج التجنيد والمساءلة الحزبية. وأخيرا، يمكن القول بأن الشباب هم الفئة المسؤولة بالأساس على تعزيز قوتهم السياسية في المجتمع الفلسطيني، فعليهم أن يثقوا بأنفسهم أكثر، ويعمدوا الى تعزيز قدراتهم القيادية، وعلى المجتمع أن يمنحهم الفرصة الكافية للعمل والمشاركة إنسجاما مع مقولة أان "الشباب هم عماد الحاضر والمستقبل" والاستغناء عن مقولة أن "الشباب هم عماد المستقبل" فقط.