الكاتب: رولا سلامة
هي فرحة كنا ننتظرها منذ سنوات ، نحلم بها ونرسم صورا زاهية فيها ألوان الصيف ورائحة زهر اللوز ، خلال جلساتنا ونقاشاتنا وورشات العمل ، نتكلم عن مستقبلنا ومستقبل أطفالنا ومشاركة شبابنا وشاباتنا في الانتخابات، عن التغيير والتجديد وضخ الدماء الجديدة في حياتنا ، كنا نقلب صفحات رزنامة السنوات الماضية ، فنرى وجوها تتكرر باستمرار ونرى كلمات وعبارات ومسميات حفظناها عن ظهر قلب ، كنا نناقش سرا ما يجب أن يناقش بالعلانية ، كنا نتأمل أن نستشار أو يؤخذ رأينا بما يدور حولنا ، كنا نضع اجابات لاسئلة تدور في عقولنا ، وتوقعاتنا بأن نشارك في القرار باءت جميعها بالفشل .
صبرنا طويلا وخططنا كثيرا وحلمنا بالليل والنهار أن يأتي اليوم الذي نشارك فيه في بناء الوطن وقبله في تحريره وحمايته ورفعته ، كنا نتأمل أن نتعلم من الكبار بعد أن يحتضونا ويعلمونا ويقصون علينا تجاربهم الكثيرة ، وكأن القدر بدأ يتغير نوعا ما ، وبات الأمل في احداث التغيير أقرب من السابق .
اليوم ، نحن مطالبون بأن نتحرك ، والشباب جميعا مطالب بأن يبدأ بالتجهيز للانتخابات ، وعلى المرأة أن تتحرك كذلك للمشاركة بها ، للتعلم من دروس وعبر الماضي ، للتعلم من أخطاء الكبار واستحواذهم على السلطات لسنوات وسنوات ، ولنتعلم أن البناء بحاجة لنا جميعا ، بحاجة لحكمة وتجارب الكبار ونشاط وعقل وهمة الشباب ، نحن بحاجة أن نتعلم المشاركة والمثابرة والتخطيط والبناء وأن نتعلم أيضا التكتيك والتجديد والحوار وأن نعمل سويا ومعا من أجل الوطن ، من أجل وحدته ورفعته وتحرره واستقلاله واستقلال خياره .
دعونا نقولها بملء الفم وبصراحة مطلقة وبما أن الشباب يشكل تقريبا ربع عدد السكان في فلسطين وعندما نقول أن حوالي 2 مليون شخص يحق لهم الاقتراع في الانتخابات القادمة فهذا يعني أننا بحاجة كشباب أن نتحرك ونتحرك بسرعة ونجهز أنفسنا وقوائمنا وبرامجنا ونبدأ برسم المستقبل ، علينا أن نتعلم من دروس وعبر الماضي والانتخابات السابقة ، فنحن الان مطالبون أكثر بالعمل والتجهيز للانتخابات التشريعية مع العلم أن الجزء الأكبر من الشباب تحت سن الثلاثين عاما لم يخوضوا التجربة في الانتخابات السابقة قبل خمسة عشرة عاما .
برغم الظروف الصعبة التي نعاني منها ونحن نواجه الاحتلال يوميا وقطعان مستوطنيه الذين لم يتركوا بقعة من الوطن الا وعاثوا بها فسادا ، من حرق وقلع واستيلاء على الأرض ، واغتصاب لمقدراتنا وثرواتنا وأرضنا ، وبرغم حالة الخذلان التي شعرنا بها ممن اعتقدنا أنهم سند لنا وحماة لحقنا وحريتنا ، وبالرغم من الاوضاع الاقتصادية السيئة قبل كورونا وخلال كورونا وستستمر كذلك بعد كورونا ، الا أننا علينا أن نتعلم من كل ما ذكر ونقوي عزيمتنا ونشد من أزر بعضنا البعض لنبدأ مرحلة التغيير ونحاول ما استطعنا أن نكون جزءا منها وأن نحرض الشباب ونقوي عزيمتهم ليكونوا معنا في كل الخطوات وأن ينتشروا في كل مكان ليروجوا للانتخابات وليعززوا من مشاركاتهم في الاقتراع وتشكيل القوائم وخوض الانتخابات سواء بالاقتراع أو الترشح ، فلتخرج القوائم وتخوض التحدي ، ولنرفع شعار الشباب دوما ، ولنطالب بالوحدة والتحرر وصون الكرامة والحريات والتعددية واحترام اختلاف الاراء ،ودعونا نتفق على ميثاق شرف لنوقع عليه داخل قلوبنا وعقولنا ، فالاقتتال محرم وشراء الأصوات محرم ، ومحرم أن نبيع ضميرنا وشرفنا لأجل الانتخابات ، دعونا نترك بصمات مختلفه في هذه الانتخابات المختلفة بكل المقاييس لنكون مثالا يحتذى به للاجيال القادمة .
قد يقول البعض أن المشاركة في هذه الانتخابات لن تكون مثل سابقاتها ، وأن عددا لا بأس به ممن يملكون الحق في الاقتراع لن يمارسوه لاسباب كثيرة نذكر منها على عجالة غياب الحريات وقمع الأصوات التي تنادي بالتغيير والتجديد ، والأوضاع الاقتصادية والسياسية السيئة اضافة لغياب دور فاعل للأحزاب السياسية الفلسطينية التي كانت سابقا تضبط عناصرها وتفرض عليهم بطرق كثيرة أن يشاركوا بالاقتراع ، ناهيك على خوف البعض من المشاركة الان في الانتخابات سواء بالاقتراع أو الترشح ليدفعوا ثمن ذلك مستقبلا من ملاحقات واعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية .
أننا ان نظرنا للانتخابات على أنها وسيلة هامة لاعادة الوحدة الفلسطينية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية وتوحيد الكلمة والصف لمجابهة التحديات والتهديدات وخطط التقسيم ، عندها فقط سنفهم أهميتها ونتحرك لحشد المؤيدين والمشاركين والمرشحين ليخوضوا غمار هذه المعركة الهامة والمصيرية .
كلنا أمل بالشباب ونعلم تماما أن صوت المرأة لا يقل أهمية عن صوت الرجل وأن مشاركتها تعني مشاركة نصف المجتمع وأن وجودها في العملية الانتخابية أمر حتمي لا غنى عنه وأننا نريد أن نراها ونسمع صوتها ونشاهد أداءها ونتعلم من تجربتها ونوثق بالصوت والصورة أداءها لتتعلم الاجيال القادمة أننا هنا في فلسطين صوت للمرأة وصوت للرجل وكلاهما عمود من أعمدة بناء الوطن .
ها نحنا فتحنا ملف الانتخابات وعقدنا العزم أن نواصل المسيرة ونكون معكم في مقالات اسبوعية لنفتح ملفا تلو الاخر ونناقش موضوع الانتخابات ومشاركة المقدسيين بها ونستمع لرأي نساء الوطن ونكون معهم .
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .