الكاتب: السفير حكمت عجوري
من الصعب ان يتوقف الحديث عن الانتخابات في فلسطين قبل ان تتم هذه الانتخابات لان القلق الذي يحيط بامكانية حصولها من عدمه ما زال قائما، بالرغم من صدور المرسوم الرئاسي بشانها وموافقة حركة حماس على اجرائها كما بقية الفصائل ، ولهذا القلق سببان، الاول هو الانقسام الذي ما زال قائما وله منتفعيه والثاني ان فلسطين دوله ما زالت تقبع تحت احتلال صهيوني هو الاسوأ في التاريخ المعاصر بسبب عنصريته وعداءه للانسانيه وعليه سيعمل هذا الاحتلال على اعاقة هذه الانتخابات ان هو تاكد من ان النتائج ستاتي على غير هواه.
الناخب الفلسطيني كما ما يبدو ما زال متردد بالرغم من تطلعه لهذا الاستحقاق الذي طال انتظاره لشغفه في التغيير من اجل تحريك ادوات التحدي لهذا الاحتلال بعد هذا الركود وما نتج عنه من ظلم لحق بالفلسطينيين بسبب اصرار الاحتلال على ابقاء الامور على ما هي عليه في ادارة الصراع وليس انهاءه ليبقى اللاحل سيد الموقف خدمة لاستمرار الاحتلال في محاولة مستميتة ولكن يائسه من قبل هذا الاحتلال على قتل الامل الفلسطيني بتحقيق الحلم في تقرير المصير واقامة الدولة ذات السياده وعاصمتها القدس كون الاحتلال يرى في انتعاش الامل الفلسطيني وتحصينه بنجاح الانتخابات تهديد وجودي لكيانه.
الامل بتحقيق الحلم ليس مجرد عواطف ولا مجرد كلمات نسمعها في المناسبات الخطابيه ولكنه سر القوة الكامنه في الكل القلسطيني وهو كلمة السر للنصر الحتمي من اجل استرجاع الحق الفلسطيني ، من هنا ياتي الخوف الصهيوني من هذا الامل الذي يرى فيه كما اسلفت عدوه ومهدد وجودي لكيانه وهذا هو سبب قلقنا من افساد الاحتلال للانتخابات حتى لا تخرج بواقع جديد.
الحديث عن الامل الفلسطيني يعني و بنفس الاهميه الحديث عن الراعي لهذا الامل وهل يمكن الحديث في هذا السياق عن غير حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينيه وهي التي زرعت بذور هذا الامل في نفوس وووجدان كل الفلسطينيين عندما فجرت سنة 65 برصاصتها الاولى جدار المستحيل الذي كان يقف حائلا دون ترجمة الامل الى واقع ملموس ومن ثم شرعت ومنذئذ في تعبيد طريق التحرير الوطني لفلسطين لتحرير ارض الدوله الفلسطينيه من براثن المحتل الصهيوني وباستخدام كل الوسائل واتباع اقصر الطرق المؤدية الى ذلك بعد ان طالت المعاناة للفسطينيين في الوطن تحت الاحتلال وفي الشتات.
الطريق عبر اوسلو كان من المفروض ان يكون الاقصر نحو تحقيق الهدف وترجمة الامل الى واقع ليتضح بعد ذلك انه كان طريق مليئ بالالغام زرعتها اسرائيل القوة القائمه بالاحتلال بحيث اصبح الاستمرار فيه غير آمن وكذا الانسحاب منه بدليل اغتيال رابين وتسميم الشهيد الخالد عرفات.
نهاية تلك الطريق في اعتقادي تجسدت في انتخابات 2006 وتداعياتها التي فرضت واقع جديد اطال في عمر الاحتلال وعكس نفسه بكل سلبياته على النظام السياسي القائم وذلك بسبب الانقسام وافرازاته التي خلقت صراعا جديدا ما بين السلطه والسلطان والمقاومه نتج عنه ضياع ذلك كله و فقدان السلطة لاي سلطه وفتح الباب للانتهازيين والكسبه للوصول الى سدة الحكم ليعيثوا فسادا في ظل غياب الرقابه والمحاسبة وتحديدا بسبب غياب المجلس التشريعي وفقدان دوره الدستوري كمؤسسه تشريع ومراقبه ومحاسبه بعد ان آثرت اغلبيته الحمساوية ومنذ البداية على تعزيز الانقسام خدمة لاجندات غير فلسطينيه وهذه كلها مجتمعه ساهمت الى حد كبير في حرف البوصله الوطنيه الفلسطينيه اضافة الى ما لحق بشعلة النضال من خفتان في وهجها كاد يصل حد الظلمه في الشارع الفلسطيني بسبب استعجال حركة فتح في التحول الى الحزب الحاكم قبل انجاز تحرير الوطن الذي انطلقت اساسا من اجله.
ما سبق يؤكد على اهمية الانتخابات القادمة كحافز وطني للخروج من ذلك كله لانها بنجاحها ان شاء الله ستؤسس لعودة الامور الى ما يجب ان تكون عليه واصلاح ما فسد وبقدر الامكان لتغيير الامر الواقع الذي وبدون شك ساهمنا جميعا عن قصد او غيره في صناعته وبالتالي صار لزاما على الجميع ناخب و مُنتَخَب وبالخصوص ابناء حركة فتح وانصارها المساهمه في تغييره بما يخدم اكمال مسيرة التحرير سواء اكان ذلك بالتفاوض ولكن بمعايير النِدية التي تقرها الشرعية الدوليه التي تفضي الى انهاء هذا الاحتلال واقامة الدوله ذات السيادة وعاصمتها القدس او باي وسيلة اخرى يسمح بها القانون الدولي الذي تنتهكه اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في كل يوم.
الحافز الاخر هو كيفية الاستفادة من المعايير الجديده التي وضعها السيد الرئيس كشروط للمرشحين من ابناء فتح وانصارها لتمثيل الشعب في الانتخابات القادمة والتي ارى انها تتماهى مع طموحات الناخب الفلسطيني خصوصا وانها تعكس رغبة شديده من قبل الرئيس الفلسطيني ورئيس حركه فتح على اصلاح اخطاء الماضي وكنس الفساد واجتثاثه بعد ان اصبح كابوسا يقض مضاجع الشرفاء من ابناء الشعب الفلسطيني ويعمق الشرخ ما بين القيادة والشعب وتحديدا جيل الشباب.
محاربة الفساد واجتثاثه وباي ثمن هو الطريق الاقصر والانجع للتغيير الايجابي المأمول بداية في مؤسسة السلطة التشريعيه (المجلس التشريعي) التي لا محاله ستنعكس ايجابا على باقي السلطات وذلك من خلال دورها الرقابي والمحاسبي وسن القوانين لمكافحة افة الفساد التي اصبحت حصان طروادة الاحتلال يدخل بواسطته الى الجسد الوطني الفلسطيني ليفتك به من الداخل حتى لا تقوم له قائمة لا لتفاوض نِدي مثمر ولا القدرة على التحدي والمقاومه .
المعايير الانتخابية التي وضعها رأس الهرم والتي افصح عنها في توجيهاته بهذا الخصوص في اجتماع المجلس الثوري الاخير تنم عن رغبة شديدة من قبل الرئيس لاصلاح اخطاء الماضي وجسر الهوه مع الشعب وعليه فهي بمثابة تفويض ودعوة للناخب من قبل الرئيس للمشاركة في التغيير وفي مكافحة الفساد عن طريق اختيار المشرعين من الاكفاء القادرين على فعل ذلك لان خلو السلطة التشريعيه من الفاسدين سينعكس كما اسلفت وبنفس القدر على السلطتين الاخريين التنفيذية والقضائيه وذلك من خلال الصلاحيات الدستوريه لهذه السلطه التشريعيه في الرقابه والمحاسبة وسن القوانين.
تاسيسا على ما سبق نقول ان نجاح الانتخابات في ايار القادم يكمن في المشاركة الجماهيريه الواسعه من اجل تغيير الامر الواقع.