الكاتب: مروة عدوي
وقع رئيس دولة فلسطين القرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 بشأن المحاكم الإدارية، والذي نشر في الوقائع الفلسطينية في العدد الممتاز رقم (22) بتاريخ 11/1/2021 .
وقد وسع المشرع للقرار بقانون السابق من النطاق الموضوعي لإختصاص محاكم القضاء الإداري، وخاصة فيما يتعلق بالحقوق المالية للموظف العام الفلسطيني، وذلك وفقاً لنص المادة (20) / د والتي نصت على أن :" تختص المحاكم الإدارية دون غيرها، بالآتي :- د . الطعون بالقرارات الإدارية النهائية المتعلقة بالوظائف العمومية من حيث ..... الرواتب والعلاوات أو الزيادات السنوية أو الحقوق التقاعدية المستحقة للموظفين العموميين أو المتقاعين منهم أو لورثتهم بموجب التشريعات النافذة ..."..
ويتضح من المادة السابقة، بأن القضاء الإداري الفلسطيني أصبح يملك النظر في طلبات الموظف العام المالية، والتي تتعلق بالراتب أو العلاوات أو المكافأة وفقاً لقضاء الحقوق من خلال دعوى التسوية، وليس وفقاً لقضاء المشروعية من خلال دعوى الإلغاء كما هو مطبق حاليا، إذ يلجأ المتقاضي إلى المحاكم العادية للحصول على مستحقاته المالية على اعتبار أن الرواتب والعلاوات التي يستحقها الموظف العام تعتبر في ذمة الخزينة حتى يتقاضاها، على اعتبار أن النزاع حولها هو نزاع مدني من اختصاص المحاكم العادية وليس من ضمن اختصاص القضاء الإداري، وذلك لحصر قاضي الاداري سابقا اختصاصه في قضاء الالغاء فقط مع أن النص السابق كان يتيح له النظر في كافة المنازعات الادارية والتي من ضمنها المنازعات التي نص عليها القانون الجديد.
ولقد أيّد القانون الجديد لما أوردنا سابقا في رسالة الماجستير والتي جاءت بعنوان دعاوى تسوية الحالة الوظيفية -كلية الحقوق - جامعة القدس ، حيث بينا فيها كافة دعاوى التسوية بالتفصيل مقارنة مع النظام المصري وناشدنا المشرع في حينه بضرورة النص على دعاوى التسوية بشكل صريح وكذلك ضرورة أن يكون القضاء الإداري على درجتين.
وقد أحسن المشرع للقرار بقانون السابق بالنص بشكل صريح على اختصاص القضاء الإداري بالحقوق المالية للموظف العام لما تتميز به دعوى التسوية من خصائص تسهل وتيسر على الموظف العام المتقاضي من خلال عدم شغل القضاء العادي مرة أخرى بدعوى تم فحصها وتدقيقها من قبل من خلال محكمة القضاء الإداري هذا من جانب وتكبد مصاريف جديدة من جانب آخر، وذلك لأن سلطة القاضي الإداري في دعاوى التسوية واسعة تمتد للحكم بالحقوق المالية للموظف مقارنة بسلطة القاضي في دعوى الإلغاء والتي تنحصر في فحص مشروعية القرار الإداري فقط هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ذا الشأن المتقاضي يستطيع أن يرفع دعواه في أي وقت طالما أن حقه لم يسقط بالتقادم، مقارنة بضيق النطاق الزمني لرفع دعوى الإلغاء .
ووفقاً لما سبق، فإن موضوع دعوى التسوية لا يتعلق بالطعن في مشروعية أحد القرارات الإدارية المتصلة بشؤون الموظفين وإنما هو عبارة عن نزاع ذو طابع مالي ما بين الموظف أو (ورثته) وبين الإدارة، يطالب فيها - إذا كان مدعيا- تعديل مرتبه أو معاشه أو مكافآته وتسويته وفقاً لما يمنحه القانون مباشرة دون أن يكون للإدارة أي سلطة في المنح أو المنع إذ لا يعدو القرار الصادر بها سوى محض قرار تنفيذي بناءً على سلطة مقيدة .
ويجدر الإشارة إلى أن حقوق الموظف العام تقسم إلى شقين، الشق الأول حقوقه وهو على رأس عمله وتتمثل بحقه في الراتب، والعلاوات ، أما الشق الثاني حقوقه بعد انتهاء الخدمة أي مستحقاته التقاعدية وتتمثل في الراتب أو المعاش التقاعدي، والمكافآة - في حالة توفر شروطها - وبالتالي عند حدوث أي نزاع حول تلك الحقوق فإنه يتم المطالبة بها وفقاً لدعوى التسوية ضمن قضاء الحقوق .
وأخيراً، كانت خطوة في غاية الأهمية بتوسيع صلاحيات محاكم القضاء الإداري وفقاً للقرار بقانون رقم (41) لسنة 2020 ، ولا سيما في الأمور المتعلقة بحقوق الموظف العام، كون أن الطعون الوظيفية سواء التي يتم الطعن بها عن طريق دعوى الإلغاء أو دعوى التسوية تشكل الغالبة من الطعون، ولذلك لا بد أن تعمل الجهات المختصة على الإسراع بتشكيل المحاكم الإدارية حتى تقوم بدورها تنفيذا لما جاء في نصوص القانون وكذلك ليصبح التقاضي على درجتين .