الكاتب: رولا سلامه
في اذار يتساوى الليل والنهار ، وتشرق الشمس ، ويهطل المطر، وتتفتح الازهار ويطل علينا فصل الربيع ليحمل لنا أحلى المناسبات وأغلاها على قلوبنا ، نفتتح الشهر بيوم المرأة العالمي لنحتفل مع نساء العالم بيومهن، ونوثق نضالهن وانجازاتهن وبصماتهن في نواحي كثيرة وفي كل المجالات، نتحدث فيه عن انجازات وتحديات، عن مواقف وبطولات، نتحدث عن المرأة وما كابدته وعانته ومرت به من ظروف كانت تشكل لها التحدي الكبير، نتحدث عن الانتخابات الفلسطينية والاستعدادت لها ومشاركة المرأة فيها، ولا ننسى أن المرأة الفلسطينية نجحت في ميادين كثيرة، وتميزت في مواقف عديدة، وقد تكون أخفقت أحيانا ولكنها تعلمت واشتد عودها ووقفت من جديد وأكملت مشوار الحياة.
في فلسطين، الحياة قد تكون متشابهة مع دول العالم في ظروف كثيرة، في الامومة وتربية وتنشأة الاطفال ومتابعة المنزل وكل متعلقاته، في الدراسة والبحث وادارة الاعمال والوظيفة والعمل، ولكنها مختلفة وأكثر تعقيدا في حالتنا الفلسطينية، فيومنا مختلف عن باقي نساء المعمورة، لا يبدأ في الصباح الباكر دوما، فقد يبدأ في منتصف الليل أو أخره في الفجر وساعاته الاولى، فقد يداهم منزلنا جيش الاحتلال بسبب وبدون سبب، لاعتقال أب أو أخ أو زوج أو ابن، لاعتقال ربة المنزل أو ابنتها، فكيف ليومنا أن يكون متشابها مع أيام نساء العالم ونحن نعيش ساعاتنا بترقب وقلق دائم، لا نخطط للغد في معظم الاحيان، وأحلامنا اعتقلت منذ بدء الاحتلال، واعتقلت معها أرواحنا، فنساء فلسطين يتحدثن باستمرار عن تجربتهن بطريقة مختلفة وشيقه.
ورغم كل ذلك، نساؤنا أبدعن في مجالات عديدة، فنراهن تميزن في المقاومة الشعبية وكن في الصفوف الامامية مع الرجال أحيانا وسبقنهن أحيانا اخرى في المظاهرات والمسيرات ضد التوسع الاستيطاني ومصادرة الاراضي وهدم المنازل والمنشأت، كن من قيادات الصف الاول في الانتفاضة الشعبية الأولى، وتركن بصماتهن في كل مدينة وقرية ومخيم، كن مع أطفالهن وأطفال الجيران وشباب الحي في أزقة المخيمات وأحياء القرى وشوارع المدن يجمعن الحجارة ويوزعن البيانات، ويقدمن الحماية للشبان والأطفال، ويحميهن من جنود الاحتلال ومن الاعتقال، تميزن وهن في المعتقلات وبدأن بالاهتمام بالاشبال الصغار، وتثقيفهم وتدريبهم وتقوية معنوياتهم والاشراف عليهم ودعمهم معنويا ليواجهوا مصيرهم بقوة وحزم وارادة وصمود، وكن داعمات لبعضهن البعض داخل المعتقلات، فقصص التحدي والصمود والصبر كثيرة، وكن وبرغم اختلاف انتماءاتهن السياسية الا أنهن كن معا داخل المعتقلات، يدعمن بعضهن البعض، ويؤازرن بعضهن البعض، تميزن بعطائهن ووعيهن وصمودهن.
أما قصص التحمل والصبر والاصرار على الصمود، فقد تميزن به أمهات وزوجات وبنات الأسرى والاسيرات، تحملن مشاق الزيارات لأبنائهن وبناتهن، تحملن التفتيش المهين على مداخل المعتقلات، تحملن الاهانات وصبرن صبر ايوب وما زالوا، وتحملن جميعهن المنع من الزيارات ومن مشاهدة أبنائهن وبناتهن والاطمئنان عليهم.
ورغم كل ذلك، تصر المرأة الفلسطينية بالاحتفال بشهرها، فأول أذار فرحة يوم المرأة العالمي وبعد منتصفه بقليل عيد الام، روح الاسرة وعمودها الفقري، ونهاية اذار يوم الارض الفلسطيني، فعشقنا جميعا أرضنا وتراب أرضنا وتاريخنا ومجدنا .
نساء فلسطين تميزن ورغم الاسى والتعب والمعاناة أبدعن، وداوين جراحهن وتعالين على ألامهن وشاركننا فرحة اذار، فها هي الاستاذه رانيا عرفات – استاذه في جامعة القدس تقول عن شهر اذار " هو شهر العطاء اللا منتهي، وقطف ثمار جهود النساء، هو شهر المرأة بلا منازع وحتى الارض تفرح في هذا الشهر وتحتفل بطريقتها وحتى نحن كفلسطينيين أبى هذا الشهر الا أن نكون شركاء بوضع بصمتنا فيه، هو شهر الحياة .
أما الناشطه النسوية جهاد أبو زنيد – تقول عن اذار " هو شهر المرأة والارض، هو نقطة التحول لرفع شأن النساء حول العالم شعارا وعملا، هو شهرنا لنحتفل معا بانجازاتنا حول العالم، لنساند بعضنا البعض، ولنتعلم من بعضنا البعض، فهو شهر انتصاراتنا وانجازاتنا لقضايا النساء حول العالم، وهو شهر التحدي لنواصل المسيرة فما زال أمامنا الكثير لنقوم به، ونحققه لرفع شأن نساء العالم أجمعين ".
أما الحاجه ام سعيد وهي بائعة خضارتعمل لتعيل أحفادها بعد موت والدهم فتقول عن شهر اذار " هو شهر الأم وشهر المرأة وشهري وشهرك وعيدي وعيدك، وهو بداية الربيع وبداية الأمل، وهو الشهر الذي أتمتع به كثيرا، فبه أشم رائحة الصيف ورائحة الخير ورائحة الوطن وتراب الوطن".
كلمة واجبه هنا ونحن نستعد للانتخابات التشريعية في فلسطين ونحن نجهز القوائم ونتحدث عن برامجنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، علينا أن نفكر بنسائنا وندعم توجههم ونشد من أزرهم ونشجعهم على الترشح والتصويت، فهناك حالة تعطش لممارسة الديمقراطية بعد غيابها لسنوات كثيرة، وعلينا أن نختار أفضلنا وندعم أقوانا وأقدرنا على تمثيلنا والتحدث باسمنا والمطالبة بحقوقنا، فما زال أمامنا الكثير لنقوم به لدعم النساء وحقوقهن وسن التشريعات والقوانين التي تحمينا وتحمي أسرنا .
وأخيرا، في عيد المرأه ويومها نبرق لها التحيات ولنساء العالم ونقول أنكن فخر لنا جميعا، اننا بحاجة أن نواصل المسيرة فما زال أمامنا الكثير من التحديات والكثير من العقبات. فأجمل ما في هذا الشهر أنه يفتح الشهية، للحديث عن المرأة والام والحب والامل والامومة والارض والعطور والالوان الزاهية، يفتح الشهية للحياة، ويرسمها بألوان الربيع التي تبهر الأعين.
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا. والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .