الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عمر أبو ليلى وزير الوجدان الجماعي.. مقاربة النوايا والفعل الناجز

نشر بتاريخ: 06/03/2021 ( آخر تحديث: 06/03/2021 الساعة: 16:09 )

الكاتب: ياسر المصري




ويحضر عمر أبو ليلى ومن يشبهونه في هذه اللحظات وهم حاملون للحلم والإرادة والعزة، تلك العزة الكفيلة لأن تغرس فينا جماعة وأفراداً بأن الحقيقة تأخذ مداها من المواقف وطبيعة الأحداث، ولعل هؤلاء الغائبين لا بد وأنهم دائما حاضرون، لكن فارقة هذا الحضور في هذه الأيام هو انبعاث الصورة كأنها تحيا وتجدد ذاتها، عمر جسامة جمال الصمت الهادر والفعل الذي امتشق بسالته من ذلك الخيال والحلم والوعي المحارب في وجداننا الحماعي، عمر الفدائي بامتياز اللحظة والموقف والأثر والفداء المتجلي به وبجيله الموجود والمؤمن، ذلك الفداء الذي قدمه بفعل مُركب كعمليته ( طعن مستعمر والإستيلاء على سلاحه والقيام باطلاق النار على جنود غاصبين ومستعمرين أخرين ليقتل منهم ثلاثة ويصيب آخرين)، مركب بفعل القدرة وفعل الرسالة، لقد نفذ عمر عمليته وحيدا وجريئا حاملا جيله معه وإن لم يكن أحد منهم معه، حين غادر منزله صباح يوم الأحد 17/3/2019 منطلقا إلى ولائه الأقصى بفضائه الأوسع والأبعد عن كثيرين، حاملا رسالته الكبيرة والعظيمة بحجم آلامنا وأحلامنا، خرج من منزله في صباح ذلك اليوم تاركا للكثيرين منا مساحات البحث عن فعل السيرة وتفاصيل واهتمامات متابعة من سيكون وزيرا في حكومة قد كلف الرئيس الفلسطيني محمد اشتية بتشكيلها يوم 10/3/2019، وقد ذهب عمر ممتشقا لكل الألقاب والأسماء والأوجاع إلى ذلك المدى من التاريخ والحضور غير مكترث بمن سيكون وزيرا للتعليم العالي أو المالية او الخارجية او أي حقيبة وزارية أخرى ، ذهب وزيرا قائما بقامته لا يلغي حضوره أو يكرسه أحد سوى كوكبة الشهداء فكان عنهم ومنهم، ذهب عمر وزيرا في مجلس وزراء لا نراه حتى اللحظة، واليوم تعود صورته العالية التي أكمل صياغتها وهو مشتبك مع الرصاص يسابقه لكي يقول لذلك المحتل بأنه ليس رجافا ولا مرتعدا وإن العراء الذي يسكنه حين استشهاده كان له السبيل لأعظم الرسائل منذ تلك اللحظة إلى هذا اليوم.
واليوم في الصورة يعود عمر يحمل رسالته مجددا، ونحن نغوص في اللحظة بعمق غرقنا بما يتعلق بالإنتخابات التشريعية الذاهبون إليها دون أن توقفنا اللحظة، وحتى لا أكون متهورا في تكبيد التهمة سوء تقديرها من قبلي، فإن الإتهام إذا وقع على الجميع ترفع تلك التهمة عن هذا الجميع، ومسبقا لا اتهام أو تهمة لأحد، مهما كان هذا الأحد سواء كان يحمل وصفا أو اسما أولقبا، ولكنها الصورة المحفورة في غياب التيه ولحظة الوصف، فيحدث أن يكون هناك حدث تاريخي بامتياز واقتدار يليق بحجم ألمنا وشهوة اعتلاء الحق وحمايته، وهو الحدث الذي تم تكريسه في عهد وسياسية الرئيس محمود عباس، بأن تتجه محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في جرائم حرب مفترض ارتكابها من قبل دولة الإحتلال والإستعمار، إن هذا القرار يستحق من الجميع الفلسطيني أن نقف معه وله، حتى وإن كان في مراحله الأولى، لكنه بحده الأدنى قد تطرق بشكل قانوني ولافت ومهم إلى الإستيطان وجنود وضباط وقادة دولة الإحتلال كمهددين بالملاحقة والتحقيق والمحاسبة على ما ارتكبوه بحق شعبنا من جرائم، وهذا يؤسس لملاحقة الإحتلال كاحتلال لوجود وقيامه، ومرة أخرى حتى وإن كان ذلك يؤسس لمرحلة نظرية تقوم على أساس توفر فرصة حقيقية وجدية لملاحقة الإحتلال قيادة وسياسة وأفعال فإنه يستحق من الكل الفلسطيني رصد كل إمكانيات ومقدرات شعبنا لتطوير ومتابعة هذا بشكل يليق بما توصف به القضية الفلسطينية من كونها قضية مرتبطة بالقرار الدولي، وإن بكل هذا مرحلة جديدة بكل خصوصية هذا القرار وأهميته التاريخية وما يشكله من خرق للقاعدة التي اعتمدت عليها دولة الإحتلال بأنها فوق القانون الدولي، وهذا يفرض ضرورة تكريس الأفعال المحمولة على النوايا ووجدان شعبنا والخط الصحيح لتحرير فلسطين
وإن الحالة الثالثة من الأربع حالات العينية التي تستدعي التحقيق بها بحسب المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية أعمال بناء المستوطنات، واعتماد محكمة الجنايات الدولية كل الأراضي التي توصف بحسب تعريف الجمعية العامة للأمم المتحدة بأراضي دولة فلسطين( القدس، الضفة، قطاع غزة) وهذه هي الأرض التي اعترفت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة، كأراضي لدولة فلسطين العضو المراقب بالجمعية، لعل هذا منجز حقيقي وجدي من منجزات سياسة الرئيس محمود عباس من تدويل الصراع وحماية الثوابت القائمة على أساس عدم التعايش مع الاستيطان، ويحدث هذا والإنقسام قائم والإنتخابات لم تحدث.