السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل قضت كورونا على المنظومة الصحية عندنا!

نشر بتاريخ: 11/03/2021 ( آخر تحديث: 18/03/2021 الساعة: 13:31 )

الكاتب: رولا سلامة

لا يخفى على أحد أن الأوضاع الصحية في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعد حوالي عام من انتشار جائحة كورونا وصلت لدرجة خطيرة جدا، فالارتفاع الكبير بأعداد المصابين يوميا والذي استدعى إغلاق كامل للعديد من المحافظات خلال الايام الماضية، يشير الى الوضع المأساوي والخطير الذي وصلنا له، والذي نال من قدرات مشافينا سواء الحكومية أو الخاصة.

وهذا الوضع الخطير الذي نمر به، أثر أيضا على مرضانا الذين يعانون قبل كورونا من أمراض مزمنة وخطيرة تستدعي زياراتهم للمشافي باستمرار، ناهيك عن المرضى الذي يحتاجون لعمليات جراحية وآخرين ممن يستوجب وجودهم في المشافي باستمرار لتلقي العلاج مثل مرضى غسيل الكلى ومرضى السرطان وغيرهم.

ان ما يجهله المواطن العادي والمأساة الكبيرة الحاصلة في المنظومة الصحية في فلسطين هذه الايام، هو انخفاض عدد العمليات الجراحية التي يحتاج لها المرضى، فبالرغم من حصولهم على التحويلات الطبية لاجراء العمليات الجراحية المختلفة وتحويلهم للعديد من المشافي الحكومية والخاصة لاجراء هذه العمليات، الا أنهم يصدمون بواقع جديد عليهم، فما هو هذا الواقع الذي فرضته كورونا عليهم؟

غالبية المشافي الحكومية وجزء لا بأس به من المشافي الخاصة تحول لمرضى كورونا، وبالتالي فنسبة الاشغال كبيرة جدا، والأطباء منشغلون بمرضى كورونا ولم يعد أحد يبالي بالمرضى الاخرين الذين يحتاجون لاجراء عمليات اخرى، والذين لا يملكون المال لاجراء العمليات بالمشافي الخاصة على حسابهم الخاص، وبالتالي أصبح على المريض وبعد أن حصل على التحويلة ورفض المشفى اجراء العملية لوجود نقص في الكوادر الطبية أو نقص في الاسرة والغرف الخاصة بالعمليات الجراحية، أصبح عليه أن ينتظر لعدة أشهر وفي حالات كثيرة لما يقارب العام ليتمكن من اجراء عمليته ووقف معاناته.

ان كل ما وصلنا له من تدهور وانهيار تام للمنظومة الصحية يقع أولا وأخيرا على عاتق الحكومة والتي تباطأت وتساهلت بالتعامل مع جائحة كورونا، واستهتار المواطنين وعدم المبالاة التي شاهدناها بتنفيذ تعليمات الحكومة فيما يختص باجراءات الوقاية من كورونا، فكان الأجدر بالحكومة فرض الغرامات المالية على كل من لا يلتزم بهذه التعليمات فيما يختص بارتداد الكمامات والتباعد الاجتماعي وأعداد المتواجدين داخل المحال التجارية والمطاعم والمقاهي، وكان الأجدر بالحكومة أن تتبع سياسة الاغلاق واحكام الاغلاق لفترة معينه مع تشديد العقوبات ضد من لا يلتزم بالاجراءت الوقائية وعدم السماح للقطاع الاقتصادي أن يتحكم بأروح الشعب، فلم يكن المال والاقتصاد يوما أهم من الشعب وحياته وأمنه وأمانه، فكل هذا الاخفاق ساهم في معاناة المرضى والذين يحتاجون باستمرار لزيارة المشافي، وفاقم من معاناة الصغار والكبار ممن يحتاج لاجراء عملية جراحية مستعجله، فمن يملك المال يستطيع أن يتوجه للمشافي الخاصة والمراكز الطبية ليجري العملية على حسابه الخاص، ومن لا يملك المال- وهم كثر هذه الايام- سيتحمل الألم والمعاناة وينتظر دوره خلال الأعوام القادمة .

فقصة الشاب عمر من محافظة جنين تدمي القلب عندما نسمع حجم معاناته وألمه من ديسك في الظهر، عانى كثيرا في المشافي الحكومية الى أن استطاع أن يحصل على التحويلة لاجراء عملية جراحية قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وما زال ينتظر لأن المشفى رفض اجراء العملية له بحجة كورونا وحالة الطوارئ، فالى متى عليه أن يتحمل الألم وتأجيل العملية، سؤال نطرحه على وزارة الصحة وننتظر الاجابة ؟

ان الحكومة مطالبه هذه الايام أولا بتشديد الاغلاق ومنع التنقل بين المحافظات والتشديد على الالتزام الكامل من قبل الشعب بارتداد الكمامات وبالتباعد الاجتماعي خوفا على صحتنا جميعا، وكذلك بفرض الغرامات المالية على المخالفين، فمن أكثر الطرق نجاعة هي فرض الغرامات المالية على من لا يلتزم وعلى من لا يبالي بصحته وصحة من حوله، والحكومة مطالبه أيضا بمتابعة ملف اللقاحات والضغط بكافة الاتجاهات للحصول على اللقاحات بالسرعة الممكنة، فكل يوم يمر علينا نخسر عشرات الاشخاص ونخسر فيه الكوادر الطبية، ونساهم في تفاقم الأزمة الصحية وتدهور المنظومة الصحية وانهيارها بالكامل.

أما مطلبنا الاخر فموجه لوزارة الصحة، فنحن نعلم تماما حجم الضغظ على المنظومة الصحية وعلى الأطباء والممرضين والطواقم جميعا، ولكنا نناشدهم أن يخصصوا بعض المشافي لاجراء العمليات الجراحية الضرورية والعاجله وعدم ترك المرضى يعانون أكثر فأكثر، فكورونا قد تبقى في زيارتنا لعام اخر ومرضانا لن يتحملوا المرض لعام اخر .

ان الشعب جميعا مطالب بالالتزام باجراءات الوقاية جميعها، ومطالب بالالتزام بالقوانين والتعليمات الصادرة من جهات الاختصاص المختلفة، علينا جميعا أن نتحمل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية لنمر معا بأمن وأمان.

الكاتبة: الاعلامية رولا سلامة، هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن" ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا. والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني.