الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الارشاد التربوي بين الواقع والمأمول

نشر بتاريخ: 14/03/2021 ( آخر تحديث: 14/03/2021 الساعة: 18:58 )

الكاتب:

الكاتب: فاتن عبيدات

يمثل الارشاد التربوي حاجة ملازمة للعملية التربوية، وجزءا مهما فيها، لما يقدمه من خدمات للمساهمة في حل وعلاج العديد من المشكلات المصاحبة للعملية التربوية، ولان طالب اليوم هو ثروة الغد، كان لا بد من العناية به وتقديم كل ما يلزمه من احتياجات من اجل بنائه بناء سليما من الناحية النفسية والاجتماعية والذهنية والسعي للكشف عن طاقاته الكامنة، وتمكينه من تحقيق ذاته.

ومن منطلق هذه الأهمية قامت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بتعيين المرشدين التربويين لتلبية الحاجات الارشادية للطلبة في المدارس، والنهوض بالعملية التربوية.

فهل تحقق للوزارة ما ارادت؟ للإجابة عن هذا السؤال قمت بسؤال العديد من الاطراف التربوية (مديرين، معلمين، مرشدين) للوقوف على آرائهم حول واقع الارشاد التربوي في المدارس الفلسطينية عبر سؤالهم مجموعة من الأسئلة حول قضايا تتعلق بالإرشاد التربوي داخل المدارس وكانت الأسئلة متبوعة بالإجابة عنها كما يلي:

- ما هي وجهة نظرك حول الإرشاد التربوي في المدراس الفلسطينية، هل تؤمن بقيمته وأهميته وقدرته على مساعدة أطراف العملية التربوية وبلوغ أهدافه المتمثلة بتحقيق التوافق والصحة النفسية لديهم في المدارس الفلسطينية؟

عند تحليل استجابات افراد العينة عن هذا السؤال، توصلت الى ان كل الأطراف التربوية تؤمن بأهمية الارشاد التربوي النابعة من أهمية الأطراف التي تعنى بها العملية الإرشادية من (طلاب، معلمين، اهل، وإدارة) وأيضا من أهمية الخدمات التي يقدمها لكل طرف من أطراف هذه العملية بصورة متوازية، كيف لا! وهو يعنى بالطالب كفرد ويقدم له الدعم النفسي والاجتماعي والأكاديمي ويعطيه الأدوات من اجل تحقيق ذاته، ويقدم الارشاد للأهل والدعم للإدارة والمعلمين.

- ما التحديات او المعيقات التي تواجه الإرشاد التربوي كي يحقق أهدافه في المدارس الفلسطينية؟

رغم الأهمية الكبيرة، والدور المركزي للإرشاد، ما زال يواجه بعض التحديات والمعيقات التي تركزت بحسب العينة بالمرشد نفسه وقدرته على أداء عمله ومدى كفاءته واعداده الأكاديمي، وقضايا أخرى تتعلق بالإدارة ومدى دعمها وايمانها بدور المرشد ومدى تعاون الطاقم والاهل والطلاب ومدى تفهمهم لدور المرشد، وأخرى تتعلق بظروف العمل كعدد الساعات غير الكافي، وعدم توفر أماكن مريحه ومخصصه لعمل المرشد؛ ومما لا شك فيه ان تقليص هذه المعيقات، والحد منها يساهم في نجاح دور المرشد التربوي في علاج المشكلات التي تواجه اطراف العملية التربوية.

- برأيك ما هي أكثر المشكلات السلوكية أو الانفعالية انتشاراً وتعتبر موضوعات ملحة وتحتاج الى تدخل فوري من قبل المرشدين التربويين في المدارس الفلسطينية؟

يواجه الطالب الفلسطيني العديد من المشكلات سواء المتعلقة به او بالعملية التربوية، التي تحتم التدخل وتقديم التوجيه والإرشاد، وبحسب العينة فان ابرز هذه المشكلات: أساليب التنشئة الوالدية غير المناسبة وغير التكيفية وطرق التواصل السلبية مع الأبناء، التي افرزت الكثير من المشاكل السلوكية والانفعالية والاخلاقية التي وقع ضحيتها الأبناء، الذين سقطوا فريسة مواقع التواصل الاجتماعي، وسوء استخدام الانترنت وخاصة في ظل ظروف جائحة كورونا التي زادت من اعتماد الافراد صغارا وكبارا على الشبكة العنكبوتية، بحيث أصبحت ساحة نشاط الفرد ومضمار اعماله اليومية من تعليم ولعب وتواصل مع الأصدقاء؛ ولخطورة هذه المشاكل ليس على الطلاب وحسب، وانما على المجتمع ككل، كان لا بد من وجود المرشدين التربويين المؤهلين في المدارس، ودعمهم للقيام بدورهم في التوعية والإرشاد والعلاج والدعم.

- كيف تقيم المرشدين التربويين العاملين في المدارس الفلسطينية وقدرتهم على أداء الأدوار المناطة بهم، وما هي الكفايات أو المهارات التي يحتاجونها كي يقوموا بواجباتهم على أكمل وجه، وبماذا تنصحهم؟

لقد أشاد المستجيبون في العينة بنوعية وكيفية قيام المرشدين بأداء أدوارهم وطيب الآثار التي يتركونها في الواقع التربوي، إلا أن المعلمين لم يكونوا بنفس رضى المرشدين والمدراء عن أداء المرشدين عند سؤالهم عن ذلك؛ وأكد افراد العينة على أن نجاح دور المرشد يتطلب منه التمتع بمزايا وسمات شخصية كالمرونة، والقدرة على الاتصال والتواصل، والانتماء، واستخدام لغة الجسد، والاصغاء والاحتواء؛ كما ان عليهم التمتع بمهارات مهنية كالقدرة على انتاج الحلول وملاءمتها للمشكلات، والمعرفة العلمية والعملية الخاصة بمجال الارشاد، والحفاظ على السرية.

ونصحوهم بالاستمرار في العمل على جانبين، تطوير الجانب المهني وذلك من خلال الالتحاق بالتدريبات العملية والورشات التدريبية، والاستمرار في الاطلاع والقراءة في المجال، وتبادل الخبرات مع الزملاء الاخرين، وضرورة امتلاك سلة غنية ومتنوعة من الأدوات؛ والعمل على تطوير الجانب الشخصي والشعور بالانتماء للمكان والتكيف معه، والمرونة والانفتاح حول اراء الاخرين، والثقة بالنفس؛ الامر الذي سيتيح لهم القدرة على الإحساس باحتياجات المكان المتواجدين فيه، واستشعار مشاكله والتحديات التي تواجه افراده، وإيجاد الحلول المناسبة لهذه الاحتياجات كلا حسب مدى استحقاقها للتدخل.

- هل تعتقد أن الموضوعات التي يتناولها المرشدين التربويين العاملين في المدراس الفلسطينية تستحق التركيز عليها والاهتمام بها وتلبي احتياجات أطراف العملية التربوية؟

لقد كانت آراء المستجيبين من العينة حول الموضوعات التي يغطيها المرشدين في المدارس ومدى استحقاقها للتركيز والاهتمام، ان كل الموضوعات التي يغطيها المرشد ذات أهمية وتعبر عن احتياج، وقد تكون ضمن احد هذه الأوجه، وجود احتياج خاص لهذه الموضوعات وضرورة تغطيتها كموضوع التنشئة الوالدية غير المناسبة وأساليب التواصل السلبية مع الأبناء، الذي اشرنا اليه سابقا والتعامل مع الفضاء الالكتروني، او وجود هذه الموضوعات ضمن خطة الارشاد الخاصة بالمدرسة كموضوعات النمو والتغيرات الجسمية والمشكلات المتعلقة بها، او وجود ظروف معينه اجتماعية كالحوادث او صحية كجائحة كورونا تستوجب التدخل الفوري، من هنا نرى ان الخطة الارشادية كما المرشد يجب ان تتمتع بالمرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المحيطة لتستطيع تلبية كل الاحتياجات وفي ظل كل الظروف.

وأخيرا سواء اتفقنا او اختلفنا مع ما جاء من استجابات لهذه العينة حول الأسئلة السابقة، فيجب علينا جميعا ومن منطلق حرصنا على مستقبل وطننا المتمثل في سلامة أبنائه نفسيا واجتماعيا وذهنيا، تقديم الدعم اللازم افرادا ومؤسسات للمرشد التربوي الذي يعمل على اعداد الطالب بحيث يكون منسجما ومتكيفا مع نفسه ومجتمعه والعالم الذي يعيش فيه.

*كلية الدراسات العليا – جامعة النجاح الوطنية