الكاتب: رمزي عودة
أصبح جلياً بأن الإنتخابات التشريعية لن تؤجل، فقد توافقت الفصائل في إجتماع القاهرة الثاني الذي يعقد هذه الأثناء على جملة من التفاهمات أهمها ميثاق شرف للإنتخابات، وتأكيد إلتزامها بموعد الانتخابات. وبدا أن الجميع قدإقتنع بجدية الانتخابات وإقترابها في الموعد المقرر لها في 22 أيار المقبل، ولهذا بدأت تتصاعد حمى المنافسة الانتخابية بين كافة فصائل العمل الوطني وقوائم المستقلين، لاسيما مع إقتراب موعد إنتهاء فترة ترشيح القوائم الانتخابية مع نهاية الشهر الجاري.
ليس مشكوكاً فيه بأن هذه الانتخابات تعتبر مصيرية للمجتمع الفلسطيني بشكل عام وللفصائل بشكل خاص، حيث ستحدد الموقف الوطني من القضايا الوطنية الأكثر حساسية؛ كشكل الدولة الفلسطينية المقبلة وطبيعتها والآليات اللازمة لتنفيذها، إضافة الى قضايا الأمن والإستقرار ومنظمة التحرير والعلاقات الإقليمية والدولية. وعلى هذا، فإن حركة فتح كسائر الفصائل الوطنية تولي أهمية قصوى للانتخابات القادمة؛ ليس فقط لأهمية هذه القضايا الإستراتيجية، وإنما أيضاً لكونها صاحبة المشروع الوطني، ولكونها أيضاًالحركة الجامعة والأكثر إلتصاقاً بالجمهور بكل أطيافه.
المتتبع للجهد الفصائلي الانتخابي، يدرك جلياً بأن فتح تعلمت درس عام 2006 جيداً، حيث تراها الآن مصممة بقوة على عدم تكرار أخطائها في الانتخابات التشريعية الثانية. فمنذ إعلان المرسوم الرئاسي حول الإنتخابات في يناير الماضي، يعمل الجميعفيالحركة كخلية النحل على الحشد والمناصرة والضبط والرصد والاستطلاع والتخطيط والمتابعة والتقييم. وبدا كأن الحركة تعيد إستنهاض ذاتها بطريقة ثورية لم نعهدها سابقاً.
وفي السياق، فإن الحركة تدرك بكل مكوناتها جيداً بأنها إقتربت من الإنتصار التاريخي الساحق في الانتخابات المقبلة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، إستخدمت فتح مجموعة من الأدوات الانتخابية الجديدة التي لم تستخدمها سابقاً في أي من حملاتها الانتخابية، وهي:
وضعت معايير علمية قابلة للقياس من أجل إختيار أعضاء مرشحيها مثل التاريخ النضالي والدرجة العلمية والابداع والعمر والجندر وغيرها. وألزمت الأقاليم بإتباع هذه المعايير.
إستعانت بمجموعات كبيرة من الخبراء والأكاديميين للمساهمة في صياغة برنامجها الانتخابي وحملتها الانتخابية.
قامت بالعديد من إستطلاعات الرأي من أجل تحديد نقاط القوة والضعف في مواقعها الجغرافية، وإستشراف آراء المواطنين تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بهدف تضمينها في برنامجها الانتخابي.
وظفت طاقاتها الفنية والعلمية في إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي وأساليب الذكاء الإصطناعي في تجنيد المناصرين وإدارة حملتها الانتخابية.
أفردت جانباً مهما من قائمتها ومن برنامجها الانتخابي للقطاع الشبابي والقطاع الاكاديمي بما يقدم للحركة فرصا أكبر في النمو والتوسع والتطور.
ومن جانب ثاني، فإن حركة فتح والتي هزمت بشكل رئيس في إنتخابات عام 2006 بسبب ترشح العديد من كوادرها كمستقلين، تبدو اليوم أكثر صرامه في التعامل مع أي كادر أو عضو ينشق عن صفوفها أو ينوي الترشح بعيداً عن قائمتها الرسمية. ولهذا، لم نكن نستغرب موقف الحركة الصارم مؤخراً من ناصر القدوة، ولن نستغرب مستقبلاًأي إجراءات عقابية تتخدها الحركة بحق الذين يترشحون في قوائم منافسة للحركة.
ومن جانب ثالث، فإن حركة فتح اليوم ترفع شعارات جديدة وتتبنى نهجاً مختلفاً عن السابق، فهي ترفع شعار الحداثة والتنمية وبناء الدولة، وتعمد الى صناعة الأمل لدى المواطنين في قطاع غزة والذين أرهقتهم سنوات الحصار والحكم الجائر في القطاع لأكثر من 14 عاماً مضت. وبالضرورة، فإن برنامجها الانتخابي سينصب على الإعتدال والوسطية ومقارعة الإحتلال وبناء الدولة والإنسان الفلسطيني، وهذه العناوين العريضة والتي ستنصب جهود الحركة على تنفيذها، ستؤدي حتماً الى إتساع قاعدة الحركة الانتخابية.
ومن جانب رابع، فان مبدأ التوافقية الذي تبنته حركة فتح في هذه الإنتخابات، والذي أسفر عن إجتماعات بيروت رام الله وإجتماعي القاهرة، وتعهد فتح بأن تسعى قدر الإمكان لتشكيل قائمة إنتخابية مشتركة، وأيضا تشكيل حكومة وطنية إئتلافية، كل هذا سيصب في خدمة أهداف الحركة الرامية الي تحقيق المصالح العليا للشعب الفلسطيني وتوسيع القاعدة الإنتخابية لهذا المشروع.
في المحصلة يبدو أن فتح تتجه لحسم معركة التشريعي بأغلبية ساحقة لا تقل حسب إعتقادي عن 60 مقعداً. ومع أنها ستحقق المقاعد الأكثر،إلا أنها ستحرص على تشكيل حكومة إئتلافية عريضة، يكون همها الشاغل معالجة البطالة والفقر وتنمية قطاع غزة وتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة وضع القدس القانوني كعاصمة محتلة لدولة فلسطين، وأخيراً، إعادة انتاج الدبلوماسية القانونية في مقارعة الإحتلال في المحافل الدولية.