الكاتب: رامي مهداوي
بدأت الدعاية الانتخابية الرئاسية والتشريعية قبل الموعد المحدد لها بشكل مُبكر وبأدوات مختلفة؛ وستكون لذلك تبعات إذا ما تمت حسب التوقيت المُتفق عليه من حيث طبيعة المرحلة القادمة وشكل النظام السياسي، والأهم طبيعة علاقتنا مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يعزز التقسيم الإداري للضفة الغربية وقطاع غزة على شكل دُويلتين قابلتين للحياة.
بقراءة سريعة لما يحدث من حالة غليان على الصعيد الحزبي الفصائلي من جهة وعلاقتهم ببعضهم البعض من جهة أخرى، أصبح المواطن العادي يستشعر بأنه الضحية الأساسية لما يحدث وخصوصاً إذا ما تم تشكيل قائمة مشتركة!
اسمحوا لي أن أضع هذه الفرضية: 60% ممن يحق لهم الانتخاب يعلمون لمن سيُعطون أصواتهم، من 15 الى 20% لن يشاركوا بالانتخاب، والمتبقي في حالة من الانتظار والتردد واللامبالاة، أستطيع القول، إن المعركة الانتخابية موجهة لمن يستطيع استقطاب 40% خصوصاً بالضفة الغربية وبالتحديد القدس، والمناطق والفئات المُهمشة بمختلف أنواعها.
قد تستنتج للوهلة الأولى أن العلاقة بين الفقرتين السابقتين مُتضادة بالتحليل المنطقي، لكن على أرض الواقع الفعلي إذا ما استشعرنا الشارع الفلسطيني بمختلف مُكوناته، سنجد بأنه حتى من قرر لمن يعطي صوته هو في حالة ريبة وعدم يقين أو حتى يحمل شعار «مكره أخاك لا بطل» لأسباب كثيرة.
أهم هذه الأسباب، نحن في زمن سقطت به الأيديولوجيات، إن القضية الفلسطينية الداخلية لم تعد تحتوي اختلافاً للأيديولوجيات والألوان، نحن في زمن التقدم العاصف في كل مجالات الحياة حتى بالقيم والمبادئ!! في زمن التغير اليومي في نمط العيش واحتياجاته، زمن التنوع الفكري للمصلحة الخاصة، وشبابنا الفلسطيني في عصر مواجهة المشكلات مواجهة علمية موضوعية. وليس عصر الأوهام، أوهام الأيديولوجيات الحزبية والفصائلية.
أجمل ما في الموضوع أن المواطن الفلسطيني العادي ذكي جداً لدرجة أنه كفر بكل ما هو قائم، ويريد الخلاص من الواقع الحالي، ما جعله ينتظر اللحظة التي سيُعاقب بها كل من يستحق العقاب من وجهة نظره، أيضاً من الممكن القول ببساطة، إنّ المواطنين قد ضاقوا ذرعاً بالقادة السياسيين الذين يريدون أن يكونوا أسيادنا بالانقسام وأسيادنا بالمصالحة!!
فيعتبر الكثيرون أنّ الطبقة السياسية الفصائلية ــــ من مختلف الألوان ـــ تُحَرّكها مصالحها الخاصة أكثر منها رغبة في خدمة المصلحة العامة أو حتى فصيلهم الذي ينتمون له. وسبب هذا التفكير ملاحظتهم بأنّ هذه الطبقة من النادر تجدهم لا يتحدثون مع أبناء فصيلهم إلّا خلال فترة الانتخابات؟!
وبأنّ خطابهم العام يركّز بشكل أساسي على المسائل العامة الأوسع المتعلقة بالاحتلال دون أي فعل على أرض الواقع ما أفقدهم مصداقية وجدية البرنامج السياسي، وتناسوا الحاجات اليومية للمجتمع وبالأخص لقواعدهم الانتخابية كأنهم كما يصفون ذاتهم «نحن على الرف فقط وقت الانتخابات يتذكرونا»!!
من هذا المنطلق، بات المطبخ السياسي في جميع الفصائل والأحزاب منفصلا عن مجتمعاتهم وخسروا ناخبيهم. وإذا ما تم تشكيل قائمة مشتركة «خضراء صفراء» أو/ و «ملونة» ستكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
وباعتقادي أن النسبة التي تحدثت عنها في بداية المقال إذا ما تم تشكيل قوائم مشتركة ستكون على شكل عقاب متغير نسبياً لا أحد يستطيع قراءته، هذا العقاب يهدف الى إرسال رسالة إلى السياسيين من قبل الشعب بأنّه لا يمكن الاستخفاف بأصواتهم بعد اليوم. فإذا أراد السياسيون أن يكونوا قادةً، عليهم أن يصغوا الى نبض الشارع ووضع خطة أفضل حول كيفية معالجة حاجات مجتمعهم.