الكاتب: د.هاني العقاد
بعد رسالة المدعية العامة (فاتو بنسودا) لاسرائيل حول التهم الموجهة لقادتها بارتكاب جرائم حرب في غزة خلال حرب عام 2014 ومواجهة مسيرات العودة بالرصاص المحرم دوليا 2018 وسرقة الارض الفلسطينية وهدم البيوت والاستيطان في القدس والضفة الغربية , واعطاء مهلة شهر لاسرائيل للرد علي هذه الرسالة . بات واضحا ان لاهاي ارعبت اسرائيل وجعلت المستوي السياسي الاسرائيلي يهرول في اكثر من اتجاة لانقاذ ساسته وقادة حربه الصهاينة من الاصفاد الدولية التي ستوضع في ايدهم ان اجلا ام عاجلا . اسرائيل بدأت تحاكي نفسها دون ان تعرف كيف ستواجة محكمة لاهاي او كيف سترد علي رسالة المدعية العامة . لكن حسب ما نتوقع فان اسرائيل لن تعترف باي من هذه التهم وسوف تنكر ارتكاب اي جرائم حرب مستندة في ذلك الي تحقيقات اجراها الجيش الاسرائيلي في بعض الحالات التي شهدت انتقادات دولية واسعة . لكن الملفات التي تحقق فيها الجنائية الدولية اليوم ملفات كبيرة وموثقة بالبراهين والادلة والوثائق مما يجعل دفوعات اسرائيل امام ذلك دفوعات ضعيفة وغير قانونية لذلك فان اسرائيل تحاول مع اكثر من طرف للنجاة من محكمة لاهاي واولها اصدار التهديدات للفلسطينين بعدم التعاون مع الجنائية الدولية دون الاكتراث بأن مثل هذا التهديد يدين اسرائيل عملياً بممارسة ارهاب الدولة والذي لا تقبله محكمة لاهاي .
قبل يومين كان واضحا ان اسرائيل شرعت في مسلسل التضيق علي القيادات الفلسطينية ومحاولة ابتزازها عبر الحد من تنقلها بين المدن الفلسطينية والخارج بعدما اعترضت سيارة وزير الخارجية الفلسطينية "رياض المالكي" وسحب بطاقة عبور كبار الشخصيات الفلسطينية واخضعت مرافقية للتحقيق ,لا يخفيي عليي احد ان هذا الاجراء جاء بسبب الدور الهام الذي يلعبة وزير الخارجية الفلسطيني وخاصة تجهيز ما يلزم من ملفات و وثائق ودلائل واثباتات وشهود وتقديمها للجنائية الدولية في القضايا التي تحقق فيها محكمة لاهاي اليوم وخاصة قضايا الاستيطان وجرائهم الحرب علي غزة لتؤكد وتثبت بالدفوعات التي لا تقبل التاويل ان اسرائيل ارتكبت هذه الجرائم بتخطيط وقصد لايزاء الفلسطينين واقتلاعهم من ارضهم . وزير الخارجية الفلسطينين (رياض المالكي) كان قد وضع مجلس السفراء العرب المعتمدين في هولندا في صورة التطورات المتعلقة بقرار المدعية العامة (فاتو بنسودا) فتح تحقيق جنائي في الحالة الفلسطينية في فلسطين والمتعلق بمستجدات العمل والتعاون والمتابعة مع الجنائية الدولية في لاهاي .
وزارة الخارجية الفلسطينية كانت قد اصدرت بيان تكشف فيه مدي زيف رواية الاحتلال الاسرائيلي باتجاه اجراء تحقيقات داخلية في اشتباه جرائم حرب وقالت الخارجية في بيان وزع علي كافة البعثات الدبلوماسية بالارض الفلسطينية والامم المتحدة ان تحقيقات الاحتلال ومنظومة القضاء في اسرائيل هي جزء لا يتجزأ من منظومة الاحتلال الصهيوني . اليوم قالت قناة ( كان الاسرائيلية ) ان أسرائيل مستعدة لاقامة تعاون اقتصادي او اي تعاون اخر مع الفلسطينين بشرط تعهد الفلسطينين بعدم التعاون مع التحقيق الذي تجرية محكمة لاهاي الدولية ,وقالت الصحيفة ان اسرائيل تفكر في تجريد شخصيات فلسطينية نافذة غير وزير الخارجية (رياض المالكي) من بطاقة عبور كبار الشخصيات . لعل هذا التصريح لايوحي فقط بما ستقوم به اجهزة الاحتلال الاسرائيلي من اعاقة تنقل الوزراء والمسؤلين الفلسطينين وقد تصل الحالة الي فرض الاقامة الجبرية علي بعضهم ومنع خروجهم من فلسطين . قد لا يتوقف الامر عند هذا الحد ايضا فاننا نتوقع ان تنفذ اسرائيل من الان فصاعدا مسلسل ابتزاز قذر بحق الفلسطينين يطال اقتصادهم ويعيق نمو مؤسساتهم الاقتصادية وخاصة ان الحكومة الفلسطينية وضعت كل ما لديها من امكانيات للخروج من الازمة الاقتصادية القاتله والتي تعرض لها الفلسطينين بسبب اجراءات الاحتلال الاسرائيلي وبسبب انتشار فيروس كوفيد 19 والاجراءات التي تحد من اعادة الحياة الي طبيعتها .
هذا ارهاب الدولة العبرية والوجه البشع والحققي لاسرائيل , الوجه الذي لا يعرف سوي اجراءات احتلاليه قذرة تذكر الفلسطينين دائما بانهم تحت الاحتلال وتحرم عليهم مناهضة هذا الاحتلال اللعين او حتي التقدم بشكوي للعالم الحر الذي مازال يؤمن بان اسرائيل كيان عنصري منتهك للقانون الدولي وكافة الاتفاقيات والمواثيق التي تؤكد علي احترام حقوق الانسان وحماية المدنين الفلسطينين وقت الحرب. لعل اجراءات اسرائيل اليوم والتي تقايض الفلسطينين علانية علي التراجع عن تقديم اي وثائق وبراهين وشهود ودلائل علي ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينين تؤكد للمرة الالف ان اسرائيل كيان مجرم يمارس جرائم الحرب بتنوع فريد لم يحدث ابان اي احتلال بالعالم ,ويؤكد ان اسرائيل دولة مجرمة يستوجب معاقبة قادتها السياسين والعسكرين والامنين امام محاكم دولية حتي يرتدع العالم الذي يفكر ان بعض مجرمي الحرب يمكن ان يفلتوا من العقاب . ان كانت اسرائيل تراهن علي ان الفلسطينين يمكن ان يتراجعوا عن التعاون مع محكمة لاهاي حتي لو اعتقلت كل وزراء السلطة وفرضت اسرائيل الاقامة الجبرية علي رئيسها واعاقت الانتخابات في القدس وحدت من حركة تنقل البضائع من والي الارض الفلسطينية فهي مخطئة لانها لا تعرف ان هذه الاجراءات تزيد الفلسطينين اصرارا علي مقاضاة من ارتكب مثل هذه الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني ولم يعد امام اسرائيل الا ان تستسلم لمحكمة لاهاي وتقر وتعترف انها ارتكبت الكثير من جرائم الحرب وتمتثل للعدالة الدولية وتبدي استعدادها للتعاون مع المحكمة بدلا من تهديد الفلسطينين وابتزازهم ومحاولة مقايضتهم علي امل ان تفلت هذه المرة من العقاب وتستطيع حماية قياداتها العسكرية والسياسية المتورطين بارتكاب جرائم حرب عرفها صراحة القانون الدولي والدولي الانساني .