الأحد: 19/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات الفلسطينية رسالة شعب

نشر بتاريخ: 28/03/2021 ( آخر تحديث: 28/03/2021 الساعة: 20:18 )

الكاتب: دكتور ناجي صادق شراب

تتجاوز الانتخابات الفلسطينية الأهداف التقليدية المتعارف عليها من اى انتخابات تتمثل في تجديد الشرعية السياسية والمؤسساتيه وتداول السلطه, والمشاركه السياسيه.الإنتخابات الفلسطينية رسالة من الشعب الفلسطينى وترجمة لتعريف الديموقراطية التي تتلخص في كلمتين نحن الشعب الفلسطينى. هذه هي الرسالة الحقيقية للإنتخابات، لأن الأشرعية قد لا تتحقق مع الاحتلال ولا الغايات الأخرى للانتخابات بما فيها المؤسساتية التى قد تدوسها جنازير الدبابات الإسرائيلية، وتعيق عملها وتحولها لمؤسسات من ورق.فالشعب الفلسطيني أكثر تحمسا وتشوقا لهذه الانتخابات كما قبلها، وبالنسبة له اكثر من عملية تصويت والقاء صوته في صناديق الانتخابات. هي رسائل يريد أن يرسلها :الأولى ان الانتخابات تعتبر مقاربه مثل اى مقاربه سياسيه كالمفاوضات والمقاومه، ولا تقل أهمية عن خيار المقاومه ذاتها ، بل هي مقاومه سلميه يريد ان يعبر عبرها عن حقه في تقرير مصيره السياسى الذى أقرته الشرعية الدولية . حقه في تشكيل السلطة التي يفوضها في التفاوض والسلام والمقاومه السلميه من أجل إنهاء الاحتلال، وفيها قوة للسلطة ونزع اى مبررات إسرائيلية ان السلطه غير شرعيه ولا تملك حق ممارسة السياسه وينزع عنها صفة الإرهاب التي تحاول إسرائيل أن تلصقها بها ، لأن السلطه المنتخبه لا تدعم الإرهاب بل تدعم الخيارات الديموقراطية .ورسالة للمجتمع الدولى أن الشعب الفلسطيني يستحق دولته ، وانه من النضج والوعى السياسى ما يسمح له بقيام دولة ديموقراطيه.ورساله ثالثه لإسرائيل أنك لست الوحيدة التي تتغنى بالممارسة الديموقراطية وان إسرائيل واحة الديموقراطيه وسط محيط من التخلف والكراهية ، بل إن الشعب الفلسطيني ورغم الاحتلال والحصار يمارس السلوك الإنتخابى بدرجات تقترب من درجات ممارسة هذا السلوك في اكثر الدول ديموراطية. والإنتخابات تعنى ان الشعب الفلسطيني ليس مجرد جماعات وأفراد وفصائل بل هو شعب له هويته الوطنية والتاريخية والحضارية ، وانه تواق لهذا الحق أكثر من رغبته في الطعام والماء، فهذا بالنسبة له حق سياسى وهذا أساس المشكلة الفلسطينية مشكلة حقوق سياسية وليست مجرد نزاع عقارى كما حاول جاريد كوتشينر وصفها، فهذا الانتخابات ردا بليغا على مثل هذه إدعاءات، ولهذا السبب تحاول إسرائيل دائما أن تجهض هذه الانتخابات وتفشلها ـ، لأنه ليس من مصلحتها ان يبنى الفلسطينيون ديموقراطيتهم، إستنادا لمقولة السلام لا يصنعه إلا الشعوب الديموقراطية، بهذه الممارسه تسقط مقولة إسرائيل لا يوجد شعب ديموقراطى نقيم معه السلام.ومن أهم رسائل الانتخابات ان الشعب يشكل أحد أركان الدولة الثلاث، وبالإنتخابات يؤكد الشعب الفلسطيني على تأسيس العنصر الثانى من عناصر الدولة المستقلة وهو عنصر المؤسسات والسلطة وإن كانت ناقصه بسبب الاحتلال لكنها تأكيد على حقيقة هذه المؤسسات ، ويبقى العنصر الثالث وهو عنصر الإقليم المحتل ، وهنا المسؤولية الدولية إذا أردتم السلام وأردتم الديموقراطية فعليكم إزالة الاحتلال الإسرائيلي.ورسالة يرسلها الشعب الفلسطيني عبر الانتخابات بتمسكه بخيار السلام الذى يحقق إنهاء الاحتلال وقيام الدولة ، فالإنتخابات تزيل اى تخوفات ان الشعب الفلسطيني خياره الإرهاب والعنف، فالإنتخابات رسالتها السلام، ولذلك لن نجد اى برنامج سياسى لأى قائمه مشاركه بما فيها حماس يمكن ان تدعو لتدمير إسرائيل ورميها في البحر، بل كلها تطالب بالدولة الفلسطينية وبالحقوق الفلسطينية.

هذا وتأتى الإنتخابات الفلسطينية بعد الانتخابات ألأمريكية والإسرائيلية ولهذا دلالة سياسيه عميقه وهى كما لكم حكومات منتخبه لنا حكومة منتخبه شرعيه مفوضه باسم الشعب الفلسطيني ، وهذا يدعم ويقوى موقف الحكومة الفلسطينية في أي مفاوضات قادمه.لهذه ألأسباب الفلسطينيون تواقون للذهاب لصناديق الانتخابات، وليست المرة ألأولى التي يسجلون أعلى النسب التى بلغت حتى الأن اكثر من 92 في المائة ، شاركوا قبل ذلك في الانتخابات ألأولى التى أفرزت رئيس ياتى بالإنتخاب وسلطة تنفيذيه وتشريعيه، وفى الانتخابات الثانيه والتى شاركت فيها حماس لكنها لم تستمر لأساب ليست فقط فلسطينية بل لقيام إسرائيل بإعتقال نواب الشعب وفرض الحصار على غزه، واليوم تشارك حماس وكل الفصائل في ألإنتخابات الثالتة التي تتم تحت مرجعية إنتخابات الدولة الفلسطينية.

ورغم هذه الحماسة الشعبية والمطالبة الدولية والعربية بها وبتوفير ضمانات نجاحها لكن لا أحد على يقين كيف يمكن أن نتنهى هذه الإنتخابات ؟ وكيف يمكن التغلب على كل التحديات والمعيقات سواء في ممارستها او بعد الإنتهاء والتعامل مع نتائجها؟ وهنا تقع المسؤولية الدولية على توفير كل الضمانات لنجاحها وقبلها المسؤولية الفلسطينية ولها شكلان ألأول ان تتم الانتخابات في أجواء ديموقراطيه وبدرجة عاليه من النزاهة والشفافية ودون أي تزوير، وثانيا القبول بنتائجها وتشكيل حكومة منتخبه لها حق التحدث باسم الشعب الفلسطيني والإلتزام بقرارتها، فهذه ألإنتخابات قد تكون ألأخيرة وقد تكون بداية لإنتخابات الدولة الفلسطينية المستقلة، فلا خيار إلا النجاح.

[email protected]