الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

بعد الأزمة الأخيرة... هل تدق أوكرانيا مسمار جديد في نعش صفقات تركيا مع روسيا داخل سوريا؟

نشر بتاريخ: 16/04/2021 ( آخر تحديث: 17/04/2021 الساعة: 12:47 )

الكاتب: دانييلا قرعان


الازمة الأوكرانية... هل الخلاف في وجهات النظر تجاه أوكرانيا من الجانبين الروسي والتركي هل يمكن ان يؤثر ع الوضع داخل سوريا
جاءت الازمة الأوكرانية لتضيف ساحة خلاف جديدة بين روسيا وتركيا، بعد سوريا وليبيا وأذربيجان، ولكن الموقف التركي في الازمة الأوكرانية سيكون أكثر حرصا عما كان عليه الحال في هذه الازمات، بالنظر لحساسية المسألة الأوكرانية لموسكو.
وتتعامل روسيا مع أوكرانيا باعتبارها حديقتها الخلفية، كما تعتبر نفسها وصية على الأوكرانيين المتحدثين بالروسية، وتستخدمهم كأداة ضغط على كييف.
هل تكرر تركيا في أوكرانيا ما فعلته في أذربيجان وسوريا وليبيا؟
طوال عام 2020 الحقت الطائرات بدون طيار التركية هزائم كبيرة بوكلاء روسيا في سوريا وليبيا، ودمرت كميات كبيرة من المعدات الروسية الصنع. تكررت نفس القصة في إقليم ناغورني قره باغ، اثناء الحرب بين أذربيجان حليفة تركيا وأرمينيا حليفة موسكو، حيث استخدمت انقرة قدراتها المكتسبة حديثا لإقحام نفسها فيما تصوره موسكو على انه مجال نفوذها المميز.
وقدم بوتين وأردوغان نموذجا فريدا في العمل السياسي، فبعد المواجهات شبه الخشنة بين البلدين في ساحات سوريا وأذربيجان وليبيا حيث تفوقت انقره في عام 2020 تحديدا، في النهاية كان يجلس الزعيمان ويتفاوضان ويضعان حلا للنزاعات مع تهميش الأطراف الأخرى.
" تصعيد العدوان الروسي في المنطقة" هذا ما حذرت منه القوات الامريكية في أوروبا عندما أعلنت حالة التأهب مبررة ب تصعيد العدوان الروسي في المنطقة.
تعود جذور الصراع الحالي الى شهر مارس / اذار عام 2014 عندما ضمت روسيا منطقة القرم الأوكرانية الى أراضيها، وأدت هذه الخطوة الى حدوث صدع كبير مع الدول الغربية، مما دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الى فرض عقوبات على روسيا، وبعد فترة استولى متمردون تدعمهم روسيا في منطقة دونباس، التي يغلب عليها سكان يتحدثون اللغة الروسية على منطقتي دونيتسك ولوهانسك.
" التوتر سيد الموقف... روسيا تحذر تركيا: اياك وأوكرانيا" بداية اوردوغان كان قد اعتبر ان التعاون العسكري بين انقرة وكييف غير موجه ضد دولة ثالثة، وكانت قد حذرت روسيا تركيا من مغبة التدخل وإذكاء نار الخلاف هناك، ونبهت من خطوة تشجيع ما سمتها روسيا ب النزعة العسكرية في أوكرانيا، محذرة روسيا أيضا تركيا ان لا تطلق تصريحات نارية للنظام في كييف وان تكتفي بتحليل الوضع، وهذا القلق الروسي من تركيا جاء بناء على توريد انقرة أسلحة لكييف، لكن تركيا صرحت ان التعاون العسكري بين تركيا وكييف غير موجه ضد دولة ثالثة.
هل انتهى شهر العسل بين اوردوغان وبوتين؟ القت التطورات الدراماتيكية التي شهدتها منطقة ادلب شمال سوريا خلال الفترات الماضية بمزيد من الأضواء على مصير التفاهات التركية الروسية في هذه المنطقة، وما إذا كان شهر العسل بين القيادتين الروسية والتركية قد شارف ع الانتهاء في ظل ما يقال من تكهنات بشأن إمكانية وقوع صدام بين البلدين على الأراضي السورية.
اما فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية الحالية وتدخل تركيا لصالح أوكرانيا ضد روسيا له الأثر الأكبر على الأوضاع داخل منطقة الشرق الأوسط وخاصة سوريا.
التدخل العسكري الروسي في سوريا لا يمكن فهمه الا من خلال النظر العميق لموضوع الازمة الأوكرانية، فالأمر بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرتبط من جهة تخفيف العقوبات ع روسيا، ومن جهة أخرى يرتبط بخلق حالة عدم استقرار أوكرانيا وإقامة معوقات في طريقها نحو أوروبا.
لماذا تمثل أوكرانيا أهمية كبيرة لتركيا؟
بعيدا عن مصالح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والناتو، تمثل أوكرانيا أهمية بالغة لتركيا في عدة مناح، أولا: ان الدولتان متشاطئتان على البحر الأسود، ومن شأن اضعاف أوكرانيا أكثر على هذا البحر لصالح روسيا تهديدا لكل الدول الأخرى المتشاطئة على البحر الأسود بما فيها تركيا.
ثانيا: الموضوع برايي شديد التعقيد والتداخل، تاريخيا كان للعثمانيين الاتراك تواجد في شبه جزيرة القرم وهذه ضمتها روسيا قبل بضعة سنوات تحت سمع العالم وبصره، تركيا لها اطماع وروابط ثقافية مع ما يسمى الدول الناطقة بالتركية او القريبة من التركية من دول الاتحاد السوفييتي السابق ( تركمانستان، قيرغيزيا، كازاخستان، اوزبكستان، طاجكستان، اذربيجان) لكن هذه الدول جميعا هي في منطقة نفوذ (أو منطقة المصالح الحيوية لروسيا) وفيها اقليات روسية كبيرة، بالملايين، اوكرانيا ايضا دولة مقابلة لتركيا على البحر الاسود، لكن فيها نزاع بين جماعات موالية لروسيا في شرق وجنوب البلاد وجماعات موالية للغرب، اعتقد ان حدود المناورة التركية مع الدب الروسي محدودة وخطرة، وقد جربت تركيا ذلك مع روسيا حين اسقطت طائرة روسية فوق ادلب ثم تراجعت بسرعة، العالم كله يسلم بالدور الروسي المركزي في سوريا بما في ذلك تركيا التي كانت شريكا لروسيا في رعاية عدد من اتفاقيات التهدئة وخفض التوتر.
ثالثا: النقطة الأهم هي وجود شراكة بين البلدين في مجال التصنيع العسكري، حيث تمثل أوكرانيا مزودا محتملا ومهما للكثير من المعدات العسكرية لتركيا، ولا سيما محركات الدبابات والطائرات.
رغم اهتمام تركيا البالغ بالأزمة الأوكرانية، فان انقرة على الأرجح تعلن ان أوكرانيا بالنسبة لروسيا قضية مختلفة وشديدو الحساسية، كما ان تجربة تركيا الذاتية تظهر انه بينما دول الناتو شجعتها على دعم المعارضة السورية ضد الأسد، فإن الغرب تركها وحدها، عندما أرسلت روسيا قواتها الى سوريا وحدث توتر بين انقره وموسكو.