السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشاركة المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية عملية نضالية

نشر بتاريخ: 19/04/2021 ( آخر تحديث: 19/04/2021 الساعة: 12:35 )

الكاتب: ‏داود كتاب

‏قبل الخوض في موضوع الانتخابات الفلسطينية من الضروري أن يكون واضحاً للقراء انني مؤيد بدون أي تحفظ او تردد لمشاركة المقدسيين في الانتخابات وأنه من الضروري عدم السماح لأي طرف التدخل في القرار الفلسطيني. ولكن رغم هذا التأكيد فإنني اعتقد انه يجب ان تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية واستكمال عضوية المجلس الوطني بالأوقات المحددة في المرسوم الرئاسي الصادر في 13-1-2021.

‏بادئ ذي بدء لا بد من توضيح الاختلاف الجوهري بين اتجاهين مختلفين في هذا الخصوص. فهناك من يصر على مشاركة المقدسيين لان هذا حق لهم وهو من ثوابت النضال الوطني الفلسطيني وذلك من منطلق وطني بحث في حين هناك فئات متنفذه تقوم باستخدام "القدس" و إمكانية تعثر عملية انتخاب المقدسيين لأسباب ذاتية وتحول موضوع مقدس مثل مشاركة المقدسيين في الانتخابات الفلسطينية الى "شماعة" تحمل صفات وطنية مزيفة وذلك بهدف تأجيل او الغاء الانتخابات الوطنية بسبب التخوف من النتيجة. للعلم فإن نفس الجهات التي تحاول أن تعطي الانطباع بأنها تدافع عن القدس لم تقم بأي عمل يُذكر لصالح القدس والمقدسيين بل أستطيع أن أزعم أن غالبية المطالبين بإلغاء الانتخابات بحجة القدس من أكبر المعرقلين في القيادة الفلسطينية لأي أمر يتعلق بحقوق المقدسيين.

‏طبعا لا حاجة لمناقشة المجموعة الانتهازية الثانية ولكن سأقدم مجموعة من الاقتراحات لدعم المجموعة الأولى وهي بالتأكيد الأكثرية في الشعب الفلسطيني والتي ترى أن التوجه الفلسطيني الصادق يجب أن يكون للضغط لمشاركة المقدسيين وليس المطالبة بتأجيل او الغاء الانتخابات. المعرف ان غالبية المقدسيين صوتوا في الانتخابات الماضية وجاهيا ولكن في مقرات الانتخابات خارج حدود القدس. انا كمقدسي شاركت في الانتخابات مرة في البيرة ومرة في منطقة شعفاط .

‏لكن هناك من يصوت من خلال صناديق البريد في القدس وهذا حق متفق عليه في الاتفاقيات الثنائية.

‏للتوضيح ينص اتفاق المبادئ (أوسلو) الموقع أمام البيت الأبيض عام 1993 واتفاقية المبادئ الثانية لعام 1995 على حق المقدسيين بالمشاركة في الانتخابات تصويتا وتمثيلا. والمعروف أنه لم يتم الغاء الاتفاق رسميا من قبل إسرائيل لغاية الان بل بالعكس تستغل إسرائيل نظام أراضي "ا" و"ب" و"ج" لصالحها وهو تصنيف ظالم جاء في نفس الاتفاق.

‏يقول البند الثاني الاتفاق الإسرائيلي الفلسطيني: "بإمكان فلسطينيي القدس والذين يعيشون هناك المشاركة في عملية الانتخابات، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في هذا الاتفاق، وفي المادة السادسة للملحق الانتقالي الثاني في "ترتيبات الانتخابات بخصوص القدس" حيث يحدد الاتفاق تفاصيل المشاركة من خلال مكاتب البريد التابعة للبريد الإسرائيلي فقط، وترسل منها بمظاريف بريد لا تحمل أي شارة أو أي رمز فلسطيني، وأن يكون عدد المصوتين بما لا يزيد على القدرة الاستيعابية لمكاتب البريد الخمسة التي تم تحديدها لانتخابات سنة ١٩٩٦ وتمت زيادتها إلى ستة مكاتب بريدية سنة ٢٠٠٦. وبناءً على هذه التقييدات صوت ٥٣٢٧ مقدسياً فقط في مكاتب البريد للانتخابات التشريعية والرئاسية سنة ١٩٩٦، وصوت ٦٣٠٠ منهم في الانتخابات التشريعية سنة ٢٠٠٦ بحسب إحصاءات لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية.

‏مكاتب البريد الستة التي شارك فيها المقدسيين في آخر انتخابات أصبحت الآن 16 مكتباً. إذا الالتزام بالتصويت عبر البريد متفق عليه في اتفاقية ملزمة للطرفين تمت برعاية أمريكية ودعم دولي وتم إيداعها في وثائق الأمم المتحدة مستمرة لا داعي لطلب إذن من أي طرف بل المطلوب تأكيدها والنضال من أجلها على الأرض لا تقديم هدية مجانية للمحتل. بالغاء الانتخابات لانها تريد عرقلة حق مكتسب.

‏الجانب الإسرائيلي ولغاية الان لم يرد أي رد رسمي للسؤال الذي طرح عليها من الجانب الفلسطيني ومن الرعاة الدوليين. قد يقول البعض ان السبب هو انشغالهم في مفاوضات تشكيل الحكومة ولكن الأمر في موضوع التنفيذ لا يتحمل الانتظار وعلى إسرائيل الدول المتنفذة في القدس إقرار حق المقدسيين في التصويت والترشيح.

‏حاولت الشرطة الإسرائيلي تقديم رد اولي من خلال منع إقامة أي لقاءات تحضيرية للانتخابات وتوقيف قصير لبعض المرشحين ثم تم إطلاق سراحهم ولكن ذلك لا يعني شيء.

‏ ورغم الحجج القانونية القوية التي تضمن حق المشاركين واهمية النضال لتحقيق هذا الحق, يجب أن يفكر الجميع بحلول بديلة في حال قامت إسرائيل وهي القوى النافذة في القدس بمنع حتى هذا الأمر المتواضع في المشاركة عبر البريد.

‏يجب البدء بتفكير سريع في موضع التسجيل. لقد قام 94% من الفلسطينيين في الضفة والقطاع بالتسجيل للانتخابات في حين لم يتم تسجيل المقدسيين حيث قيل لنا أن المقدسي لا يحتاج للتسجيل بل عليه او عليها ان يتقدم للتصويت حاملا هويته/ها المقدسية. لماذا لا يتم السماح للمقدسيين الآن وبأسرع وقت للتسجيل ليتونيا من خلال إرسال صورة عن هويتهم. وفي حال منع إسرائيل من السماح للتصويت عبر البريد يمكنك التصويت ليتوانيا.

‏انه من حق سكان القدس الفلسطينيون غير حاملي جواز سفر إسرائيلي (هناك العديد من المقيمين في القدس من مناطق الـ 48 وعدد قليل قام بالتجنس) المشاركة في الانتخابات الفلسطينية ترشيحا تصويتا وهذا الحق يجب عدم المساس به وفي نفس الوقت يجب العمل على تحقيقه دون التلويح بإلغاء او تأجيل الانتخابات بل يجب أن يتحول النضال من أجل المشاركة جزءا من عملية النضال الوطني في حين يجب العمل الحثيث للتحضير لكافة السيناريوهات المتوقعة كي لا تكون هناك مفاجئات في آخر لحظة. إن العملية الانتخابية الفلسطيني طال انتظارها وهي حق يجب ان لا يتأخر مهما كان السبب وعلى القيادات والشعب الإصرار على ضرورة قيامها بصورة منتظمة ودون تأخير.