بقلم: د. محمد صعابنه
عميد شؤون الطلبة ورئيس قسم القانون الخاص في جامعة فلسطين الأهلية
قد تكون القرارات بقانون المتعلقة بالشأن القضائي أهم حدث قانوني في العام 2021م، حدث أثار العديد من الإشكاليات القانونية في الشارع الفلسطيني، حدث واجهته الهيئة العامة لنقابة المحاميين الفلسطينيين طيلة الأشهر الثلاثة الماضية بعزيمة وإصرار وصمود وثبات، وضحت الهيئة بمصالحها بغية إلغاء هذه القرارات المقوضة لمبدأ استقلال السلطة القضائية ومبدأ سيادة القانون.
وفي ظل مشهداً من الصمود والنضال النقابي ضد هذه القرارات، تتفاجئ الهيئة العامة بالأمس القريب بقرار مجلس نقابتها الموقر القاضي بوقف هذا النضال، مبررةَ قرارها بوجود الحالة الوبائية والانتخابات التشريعية العامة وتجنباً إلحاق الضرر بالهيئة العامة والمتقاضين.
وهنا تتجلى التساؤلات التالية: هل قرار المجلس بتعليق حراكه النقابي وفعالياته يرتقي إلى مستوى الصمود والتضحيات التي قدمتها الهيئة العامة؟ وهل هذا الحراك قد حقق أهدافه المرجوة؟ وهل مسوغات قرار وقف الحراك جاءت مقنعة للهيئة العامة؟
الجواب قطعاً (لا). لأن الأمور بخواتيمها، والخاتمة كانت انكسار لا انتصار للحقوق والمبادئ الدستورية وتضحيات الهيئة العامة. فمبررات قرار وقف الحراك غير مقنعه، وبالمناسبة هي ليست وليدة اللحظة بل هي موجودة منذ أن قررت النقابة حراكها المشروع. وبالتالي كان الأجدر بمجلس النقابة البقاء صامداً فوق الجبل بقوة جنوده هيئته العامة، صارخاً بصوت عال بالحق وبسيادة القانون واستقلال القضاء حتى يتبين له على الأقل مصير انتخابات المجلس التشريعي، كون هذا الأخير، صاحب الاختصاص الأصيل في البت بأمر هذه القرارات بقانون.
ولكن للأسف ما لبثوا المجلس إلا قليلاً ونزل عن الجبل وأعلن تعليق حراكه النقابي، ظناً منه أن في هذا النزول، انتصار وتحقيق لطموحات الهيئة العامة ويوفي بتضحياتها، ليتيقن بعد ذلك أن في هذا النزول والانسحاب، كانت الهزيمة والانكسار، فضاعت التضحيات ولم تتحقق الأهداف، وظهر المجلس كالغريق الذي يتشبث في طوق نجاة مثقوب، خاصة بعد القرار الصادر بتشكيل لجنة لدراسة القرارات بقانون المتعلقة بالشأن القضائي.
وآخر دعوانا، أن يحفظ الله (سبحانه وتعالي) الأخوات والأخوة الزملاء في الهيئة العامة من كل سوء، ويحفظ لهم قلعتهم نقابة المحامين من كيد الكائدين.