الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وهذا العام أيضا ... شجارات حمقى - مسلسلات غبية وكاميرا خفيّة ثقيلة الظل

نشر بتاريخ: 20/04/2021 ( آخر تحديث: 20/04/2021 الساعة: 12:52 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام


بعد مرور أسبوع على شهر رمضان الكريم . يبدو واضحا أن معظم المسلسلات التي تبثها القنوات العربية فقيرة في النص ، وبعيدة عن روعة قصص الأدب العالمي ، ولا تمثّل الثقافة العربية . فقلت لنفسي : هل بدأت صفقة القرن على الصعيد الفني ؟
أفكار المسلسلات تعمّق الغرائز الساذجة عن الجمهور وتحث على غيرة النساء بشكل انتقامي مؤذي ومقرف ، وتردد الرجال وكثرة بكائهم وانشغالهم بأمور النساء يمنع نهضة الأمة ، مسلسلات تزرع الحيرة في عقول المشاهدين ، وتنشر الزعرنة وسط الشباب الصغار وتحثّ على الابتعاد عن احترام القانون \ والاهم أنها توصل رسالة لكل شاب أن يأخذ حقه بيده من هذه الدنيا . وان الظلم منتشر والعدل مفقود .
وتقوم أفكار المسلسلات هذا العام على إظهار المرأة العربية على أنها خبيثة ومتكبرة وفاجرة من جهة ، أو محكومة ، مسحوقة ، مغتصبة . لا أمل في إنقاذها من جهة أخرى .
هموم الطبقة الغنية وسخافاتها تحتل الصدارة في هذه المسلسلات فتضيع حلقات وحلقات في تدريب امرأة " رغم أنها ممثلة راقية ومحترمة " على التمثيل المسرحي مع محامين وعلماء نفس من أجل تعليمها على الكذب أمام القاضي في المحكمة !!
وتضيع حلقات وحلقات من الكاميرا الخفية بتكلفة تصل إلى ملايين الدولارات ، وسيارات فخمة تتحطّم ، وأطقم عمل ، وتصوير جوي من اجل أن يبتسم ضيف مسكين تورّط في حادث سيارة أو وضعوا له مخدرات في سيارته أو رموه من السماء إلى حمام السباحة ، وكل هذا في اجترار ممجوج لنفس الفكرة وهي المباغتة والأذى النفسي . رغم أن شارلي شبلن ودريد لحام وعشرات عظماء الفنانين كانوا يدفعون البشر إلى الضحك من قلوبهم حتى تنزل دموعهم بإمكانيات بسيطة لا تكلف البلاد عدة قروش وقميص بهلواني مستأجر .
انت تشاهد الممثل البريطاني اتكنسون في دور مستر بين ، والمشهد صامت لا يكلف عدة مئات من الدولارات وتضحك عليه لعدة أسابيع . أما الكاميرا الخفية اليوم فأنت تجهد نفسك وأنت تبحث عن نكتة فيه . فالمشاهد في مجملها عدوان لفظي على الضيف وتنمر على أصحاب السمنة وتعريضهم لخطر حقيقي !!

هناك أسباب عديدة لهذا الانحطاط ، قد يكون أهمها تحكّم جهات إنتاج جاهلة في العمل الدرامي ، مال كثير بلا قيمة وضحالة فكر وسخافة وانعدام المعرفة .
وقد يكون هروب وانزواء أهم الكتّاب عن المشاركة في هذه الأعمال الرديئة فلا تزال الدراما السورية والدراما المصرية هما ألأعظم والاهم في العالم العربي . كما أن جهات الإنتاج باتت وربما لأسباب سياسية ، باتت تتعمد عدم إنتاج المسلسلات البدوية و الفن الثوري والوطني من المغرب العربي ومن العراق والأردن ولبنان , وتقتصر تغطية فنون هذه البلاد على استضافة مذيعة أو فنانة لتكون ضحية كاميرا خفية أو ضحية مشهد لا يرقى لمستوى التقييم .
ورغم خسارة الوسط الفني لعدد من أهم وأفضل الفنانين العرب ، لا يزال لدينا فنانين عظماء وكبار في العالم العربي لم نشاهدهم هذا العام .
وحتى الفنانين والفنانات الذين شاركوا هذا العام ، كانوا من النخبة ومن الأسماء الكبيرة التي يثق الجمهور العربي بإمكانياتهم وروعة أدائهم ، ولكن الأدوار التي منحت لهم كانت لا تليق بمستواهم ولا تليق بجمهورهم .


وأخيرا - شجارات الشباب هذا العام ، وللأسف وقوع ضحايا ، يدفعني كل سنة لإعادة نفس الفكرة : السبب هو ضعف القضاء وفقر إمكانيات النيابة العامة مهنيا وماديا . ولو كان هناك قضاء سليم وعادل لما تجرأ شاب على قتل شاب أخر من أجل موقف سيارة ، ولو كان هناك رقابة على ملفات التحقيق لما ازدادت الشجارات في كل سنة أكثر وأكثر .