الكاتب: راسم عبيدات
نعم هذا الشعار صحيح .....ورسم البوصلة والوجهة الحقيقية للأمة كانت دوماً تأتي من مدينة القدس .....مدينة القدس التي تدور حرباً حقيقية فيها على السيادة عليها ما بين المقدسيين المجردين من كل وسائل القوة سوى إرادتهم ومعنوياتهم وقدرتهم العالية على الصمود والمواجهة لمشاريع ومخططات الإحتلال المستهدفة اقتلاعهم وتشريدهم وطردهم وتهويد مدينتهم والسيطرة على مقدساتهم،ونفي كل اشكال وتعبيرات وجودهم الوطنية السياسية ،الثقافية ،الإقتصادية الإجتماعية الفكرية والمؤسساتية ....المقدسيون اختبرهم المحتل في أكثر من معركة وهبة شعبية ...وفي كل بروفا وهبة شعبية يراكم المقدسيون عوامل الصمود والمقاومة،ويصبحون أكثر بأس وجرأة...فهبة ا ل ش ه يد الفتى ابو خضير الذي خطف وحرق حياً من قبل مستوطنين متطرفين، حدثت في تموز/2014 وتبعتها هبة شعبية في تشرين اول /2015 بدأها ا ل ش ه يد مهند الحلبي في البلدة القديمة من القدس ومن ثم توالت الهبات الشعبية في القدس ،لتكن هبة البوابات الألكترونية تموز/2017 ،هبة اسقطت مخططات الإحتلال وبعض المنهارين العرب،بنصب بوابات الكترونية على بوابات المسجد الأقصى ،ومن بعد ذلك كانت هبة مصلى باب الرحمة شباط/2019 .....واليوم مع بداية شهر رمضان وفي ظل المتغيرات والتطورات التي حصلت إعتقد المحتل بان الفرصة مؤاتية لكي يجهز على المدينة ويحتفل بنصره على المقدسيين بتهويد المدينة وجعلها عاصمة ليس لدولته،بل لكل يهود العالم،فالساحة الفلسطينية منقسمة على ذاتها ومتشظية ،قيادات سياسية منفصلة عن الواقع،وتمارس السياسة على أساس الإنتظارية ورهن حقوق الشعب الفلسطيني لمتغيرات في الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأمريكية ...وكذلك كان السقوط المدوي للنظام الرسمي العربي المتعفن،الذي حدثت في داخلة تغيرات عميقة وبنيوية ،أفضت ليس الى تغيير في دوره ووظيفته،بل الى انتقاله ليس فقط للهرولة التطبيعية مع دولة الإحتلال والغاء قرارات المقاطعة العربية واقامة العلاقات الدبلوماسية والتجارية والإقتصادية معه،بل ذهب هذا النظام في سفوره ووقاحته الى ما هو أبعد من ذلك بنسج تحالفات استراتيجية امنية وعسكرية مع دولة الإحتلال،وفي تغيير جوهر الصراع وأسسه من صراع عربي- اسرائيلي جوهره القضية الفلسطينية الى صراع اسلامي- اسلامي مذهبي(سني- شيعي)،واعتبار العدو المتخيل والمفترض ايران،هي عدوة الأمة العربية والتي تهدد امنها وإستقرارها ووجودها،بدل دولة الإحتلال الصهيوني التي تحتل الأرض الفلسطينية والعربية وتنهب خيراتها ومقدراتها وتمنع تطورها وتقدمها،وفي الجزء المتعلق في المؤامرة على القدس ...كان البعض يريد ان ينقل الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية الى أكثر من دولة عربية وإسلامية بالإضافة الى دولة الإحتلال،وفيما يخص المسجد الأقصى المعرف بمساحاته البالغة 144 دونماً،كمسجد اسلامي خالص بقبابه ومصاطبه وساحاته،وجدنا المشيخة الميكروسكوبية الإماراتية، تخترع لنا ما يسمى بالديانة " الإبراهيمية"،مشتقة من اتفاقيات " ابراهام" التطبيعية التي وقعتها مع الإحتلال،لكي تفتح الباب أمام حق لليهود في هذا المسجد ،وكان بند السماح بالوصول بحرية الى كل الأماكن المقدسة،وفي ما يسمى بصفقة القرن ذكر اسم جبل الهيكل،والصلاة الإبراهيمية المخترعة طقوس تؤدي على غرار الصلوات التلمودية والتوراتية بهز الرأس وركعتين من قبل مشايخ ومطارنه وحاخامات يهود ....يضاف لذلك ما وفرته الإدارة الأمريكية المتصهينة السابقة من مكاسب ومنجزات لدولة الإحتلال فيما عرف بصفقة القرن الأمريكية،حيث نقل السفارة الأمريكية من تل ابيب والإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال وشرعنة عملية ضم الضفة والإستيطان....ولذلك اعتقدت دولة الإحتلال وحكومتها وفي ظل الأزمة السياسة التي تعيشها ،بعد فشل نتنياهو المهدد بالإدانة في المحاكم الصهيونية بالتهم الثلاثة المنظورة ضده امام القضاء الصهيوني بالرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،وبالتالي الإطاحة بمستقبليه السياسي والشخصي ودخول السجن لعدة سنوات،بأنه لا بد من التصعيد في مدينة القدس لحسم موضوعها والسيادة عليها،وبما يرفع من أسهمه عند جماعة " الصهيونية الدينية" بن غفير وسموتريتش ،وتطويعهم للقبول بتشكيله للحكومة بدعم من القائمة العربية الموحدة - منصور عباس....وبأن الظروف مؤاتية لفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عن القدس،تيمناً بشعار الرئيس الأمريكي السابق المتصهين ترامب بان القدس أزحيت عن الطاولة،وبأن المقدسيين باتوا لقمة صائغة نتيجة الحرب المستمرة التي تشن عليهم في كل مناحي وشؤون حياتهم.....ومن بوابة باب العامود الشهيرة اختارت حكومة الإحتلال وأجهزتها الأمنية التصعيد، تلك البوابة التي غيروا تسمية ساحتها من ساحة باب العامود الى ساحة مجندتين قتلتا في عمليتين لمقاومين فلسطينيين 2016 و2017،حيث أرادوا منع الشبان المقدسيين من استخدامها والجلوس فيها والقيام بالعديد من الأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والترويحية ...ولكي تتصاعد حالة الإشتباك اليومية مع المحتل الى اشتباك شعبي مفتوح،على ضوء اعطاء المستوى الأمني والسياسي الصهيوني الضوء الأخضر للمستوطنين من أجل القيام بعمليات التنكيل بالمقدسيين وبث الرعب والخوف في قلوبهم ....ولذلك حشدت الجماعات اليمنية المتطرفة من " لهافا" و" فتيان التلال" و" تدفيع الثمن" أنصارها في مساء الخميس من اجل تنفيذ عدوان وحملة ردع و" تأديب" بحق الشبان المقدسيين،وعملت على ممارسة العربدة والعدوان على المقدسيين وممتلكاتهم ومركباتهم بحماية جيش وشرطة الإحتلال،ولكن هذه " الغزوة" الصهيونية منيت بالفشل وارتدت عكسياً على الغزاة،حيث اثبت الشبان المقدسيين قدرتهم العالية على المواجهة والتصدي لهذه السوائب المنفلتة من زرائبها ...واستطاعوا طرد تلك السوائب ....ولتشتعل بعد ذلك نيران الهبة الشعبية الفلسطينية،والتي لو كان هناك قيادات فلسطينية على مستوى التقاط الحدث ولتناغم مع نبض الشارع الفلسطيني لبنت على نتائج الهبة المقدسية الجديدة وطورتها الى فعل شعبي انتفاضي واسع ....والملاحظ بان مفاعيل تلك الهبة انتقلت الى الضفة الغربية وكذلك الى الداخل الفلسطيني- 48 - والذي يعيش ظروفاً مشابهة للمقدسيين من حيث القمع والتنكيل ومخاطر الطرد والترحيل والتهجير القسري يافا نموذجاً ،وكذلك كان القطاع يتاهب للتقدم خطوة أخرى غير الفعاليات الشعبية والجماهيرية لنصرة القدس والأقصى،بدعم انتفاضة المقدسيين بالنار .
هذه الهبة مألاتها مفتوحة وكذلك سيناريوهاتها مفتوحة ...ولكن تبقى التطورات صعوداً وهبوطاً رهنا ليس بالعامل الفلسطيني فقط،.بل بما يحدث من متغيرات وتطورات في الإقليم والمنطقة،ولكن يبقى العامل الحاسم في ذلك فلسطينياً،وهل القيادة الفلسطينية والقوى والفصائل قادرة على التقاط الحدث ،وأن تشكل رافد وداعم اساسي لهبة المقدسيين،وأن تسهم بفعالية فيها في إطار القيادة والتأطير والتنظيم،ام تبقى في غيبوبتها وانفصالها عن الواقع والجماهير..؟؟؟.