الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تعتبر مهنة رئيس الوزراء في فلسطين مهنة غامضة ، ومستحدثة ، وغير منصوص عليها في المواد الأساسية عند تأسيس السلطة. قامت الولايات المتحدة بواسطة رئيس المخابرات الأمريكية جورج تينيت بفرضها على الزعيم الراحل ياسر عرفات خلال حصاره في المقاطعة برام الله عام 2003 . ومنذ ذلك الحين تبدو هذه الوظيفة غير محددة المهام من الناحية الإدارية والمالية ، وغير واضحة الأهداف من الناحية السياسية .
لم ينجح أي رئيس وزراء فلسطيني في حل الأزمات الخانقة ( لأسباب موضوعية لا تتعلق بقوة شخصيته ولا بمواصفاته الشخصية ) ، وفي المحصّلة جهدوا جميعا لإدارة الأزمات ، وتحويلها إلى ملفات ، ومراكمتها حتى أصبحت كارثة دائمة .
الصحة - المستشفيات - وقف التوظيف للخريجين - الوضع المالي المتدهور - القطاع الخاص الضائع - تقهقر الزراعة - تحويل الشؤون الاجتماعية إلى بطالة مقنّعة - تراجع حرية الرأي بشكل خطير - فقدان الحريات العامة - شركات التأمين - البنوك - فقدان الأمن في المخيمات ومناطق جيم - فقدان السيادة - العقيدة الأمنية - تنظيم العمل بين الوزارات - العلاقة المشوّهة مع التنظيمات والأحزاب - استبدال الكفاءات بالولاءات .... الخ .
أبو مازن فشل كرئيس وزراء فشلا ذريعا وقدّم استقالته \ أحمد قريع خسر الانتخابات لصالح حماس وخرج من رئاسة الوزراء مصدوما مندهشا \ إسماعيل هنية فشل في مهمته ووقع في عهده الانقسام الدموي الخطير وانفصلت غزة عن الضفة الغربية \ سلام فياض فشل سياسيا ، وخدعته الإدارة الأمريكية وإسرائيل أن الدولة ستقوم في العام 2012 \ رامي الحمد الله ورغم قوة شخصيته وعناده . فشل في التناغم مع حركة فتح وتورط في ضباب مشروع الضمان الاجتماعي واستثمر في الأمن أكثر مما استثمر في الأمان . فخرجت فتح ضده وأسقطته \ محمد اشتية جاء بخطة العناقيد الاقتصادية ومن يومها انخسفت الأرض ولم يعد لدى الموظف ما يشبعه خبزا . ورغم انه عضو في مركزية فتح لا يبدو وان الحركة تقدّم له أية امتيازات خاصة حتى تحوّلت حكومته إلى حكومة كورونا .
الآن . تقرر القيادة إذا تجري الانتخابات أم يصار إلى تأجيلها . وفي كلتا الحالتين بدأ البحث منذ اليوم عن رئيس حكومة جديدة .
وبرأيي أنه لم يعد يهم المواطن الفلسطيني من يكون رئيس وزراء السلطة القادم وما هي هويته السياسية . بل أن الأهم ما هي خطته لحل المشاكل التي تراكمت فوق رؤوس المواطنين !!
فالأمر لم يعد يتعلق بانتمائه السياسي أو كونه من التكنوقراط ( مصطلح غربي غبي لا فائدة منه في المجتمعات العربية المتخلفة مؤسساتيا وتكنولوجيا ) . بل في رؤيته وجرأته في الإعلان عن خطة عاقلة وقوية لحل المشاكل ، وقدرته على تنفيذها بأسرع وقت محدد . بالعدل والقانون والمساواة . وان يملك القوة ليقدم استقالته في حال فشلت حكومته . البلد تحتاج إلى وزير يضع خطة وينفذها آو يملك القوة للاستقالة وليس يملك القوة ليتشبث بالمنصب الفاشل .
الغريب في بلادنا . أن جميع الوظائف تتطلب خبرة . إلا مناصب القيادة . فلا أحد يطلب صاحب خبرة. ويبدو أن البلاد العربية جميعها تشترط برئيس الوزراء أن لا يكون لديه شخصية سياسية قوية , وهذا أفضل لمن قاموا بتعيينه وأفضل لمن سوف يعزلونه .