الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لا يزال جيلنا، نحن الذين فجرنا الانتفاضة البطولية الأولى يشعر بالخجل لاننا وافقنا على خدعة السلام مع الاحتلال ووافقنا على اوسلو.. نشعر بذلك أمام اولادنا وهم ينظرون الينا بعين الشفقة ويسألوننا (وهل فعلا صدقتم ان اسرائيل وافقت على السلام وانها سوف تنسحب من كامل حدود 67 وتنفذ وعدها في العام 1988 باقامة دولة فلسطينية لها حدود ومطار وميناء؟) .
كلما تنازل الفلسطينيون أكثر كلما ظهر يمين صهيوني متطرف أكثر، تارة مستوطنين حاقدين مثل ايلات شكيد ونفتالي بينيت وتارة هستيرية مثل ماري ريجيف وتارة مخبول ايديولوجي مثل ايهودا جليك وتارة السفير الامريكي العنصري فريدمان وآخرهم المستوطن الكاهاني بن جبير والمعتوه بن آري والمجنون سموتريتش. يساعدهم في ذلك الادارة الامريكية التي فقدت ضميرها وانسانيتها.
ما حدث قبل اسبوعين لا يصدق/ الاحتلال الذي أجرى اربع انتخابات في سنة ونصف يمنع الانتخابات على الفلسطينيين في القدس، وفي نفس الوقت تخرج تظاهرات يقودها منظمة لاهافا ومجموعة من المجرمين العنصريين يهتفون في شوارع القدس (الموت للعرب) و(احرق لهم القرية) ويهجمون على باب العامود ويعتدون على النساء والشيوخ بشكل همجي في المسجد الاقصى و في ليلة القدر وفي آخر جمعة بشهر رمضان ، بالتزامن مع هجوم المستوطنين أولاد التلال على بلدات الضفة الغربية يحرقون الزيتون والمساجد والكنائس ويعلنون على مواقعهم ( العرب خدم عندنا).
لقد فعل الصهاينة بسكان الارض المحتلة ما كانت النازية تفعله باليهود وزادوا على ذلك أكثر وأبشع.. قتلوا كل أمل في صدورنا، وذبحوا الفرح في عيون اطفالنا.
لا تزال كلمات القيادي الراحل شفيق الحوت ترن في اذني (في عام 1948 نحن لم نقدر أن نكره اليهود لدرجة ان نقتلهم ونقتل أطفالهم، ولكنهم قدروا أن يكرهوننا لدرجة أن قتلونا وقتلوا اطفالنا. ولذلك انتصروا علينا ولذلك نحن هزمنا).
اما القائد اليساري نعيم الأشهب فقال لي في مكتبي (في العام 1948 استشهد أخي وطردنا على يد عصابات الهاجاناه من منزلنا في حي روميما غربي القدس . وبينما كنا نرحل وصوت اطلاق النار يلعلع في السماء ووالدتي تبكي بحرقة على أخي الشهيد . طلبت انا من عائلتي ان ينتظروا قليلا قبل النزوح ، وركضت الى حي روميما وعدت مسرعا . وحين سألتني العائلة أين ذهبت ؟ قلت لهم انا نسيت أن ادفع بعد للخياط " الترزي" اليهودي اجرته لخياطة قميصي وذهبت الآن ودفعت له!!!
فبكت العائلة أكثر، وصرخوا في وجهي كيف أن أخي استشهد امس وسرقوا ارضنا وبيتنا ومدينتنا وانت تذهب لتعطي اليهودي اجرته ؟؟؟؟؟ فقلت لهم : هذا شيء وذاك شيء آخر!!!!
سكت قليلا وسألت نعيم الأشهب: وهل أخذ اليهودي منك أجرة قص القماش؟ قال نعم أخذ.
فالتزمت الصمت وأنا انظر اليه وأتذكر كلمات شفيق الحوت.
لم نكره اليهود يوما ، ولم نتمنى لهم الموت أبدا. ولكنهم يكرهوننا ويقتلوننا كل يوم ويقتلون أطفالنا أمام عيوننا كل يوم.
الآن أستطيع أن أكتب من دون تردد ومن دون تأنيب ضمير: لن يكون على هذه الأرض شيء اسمه دولة لليهود أبدا، ولو انطبقت السماء على الأرض . لن يكون هناك أمل ببقاء اسرائيل على ارض فلسطين. لن تقدر أمريكا على حمايتها ولو أرسلت لها خزائن الارض، ولو أعطت كل مستوطن صاروخ نووي.
كل الأوهام انتهت هنا/ لقد قرر الفلسطيني أن يواجه نفسه أولا قبل أن يواجه الاحتلال.. لقد سقطت الجدران ولم يعد هناك فرق بين الحياة أو الموت.
قادم اليكم جيل لا يشبهنا ابدا. نحن كنا ضعفاء ، ووافقنا على السلام. ووافقنا على العيش المشترك. لكن الاجيال العربية القادمة سوف تحب الموت من أجل فلسطين كما تحبون أنتم الحياة.
فارحلوا قبل فوات الأوان.
اوروبا لن تقبل بكم مرة أخرى. وروسيا لن تقبل بكم صدقوني لن تقبل.
افريقيا لن تقبل بكم ولا أمريكا اللاتينية كذلك . وحتى استراليا لن تقبل.
اذهبوا الى أمريكا.. أمريكا حلوة وقادتها صهاينة مثلكم. سوف تحبونها أكثر .
إخرجوا الآن وبسرعة قبل فوات الأوان. اذا ليس من أجلكم فمن أجل اولادكم واحفادكم.
لن يهدأ لكم بال على هذه الارض. انتهت اللعبة.