بقلم: وليد الشيخ
لم نكن متأكدين تماماً ، مما يقوله الحزب :
دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس!
لكن ما كان يشغلني أكثر ، من الضفة وغزة والقدس، قرية زكريا ، حيث كان جدي وجدتي ، ووالداي.
صباح مساء ، نسمع الجد والجدة ، يتبادلان اشاراتٍ باللهجة الزكراوية التي تميل الى اعطاء الكلمة حقها كاملة ، كأن لهجتهما تتباهى بنفسها ، ويتداولان في أمورٍ بينهما ظلت عالقة هناك ، في البيت و تحت تل البلد وحوله .
زكريا التي هناك ، التي أحتلت عام 1948 ، والتي تنتظر أهلها ، الذين يعرفون ترابها ، والحصى العنيد الذي ظل في الوادي ، وطريق البير التحتاني ، البيوت التي جبلت بالذكريات والطين ، الهواء الذي كان يتأخر في ليالي ايار ، وسحابات الندى التي ترطب الفجر حتى الضحى.
كنت وأنا أقرأ البرنامج السياسي للحزب بالغلاف الأحمر القاني مطلع الثمانينيات ، أعود لأتأمل الخارطة ، خارطة الوطن ، وليس الدولة ، كنت أود لو أقول أن الوطن أكبر، لكن الايديولوجيا التي كانت تجيب على سؤال الماضي والمستقبل كانت ترى غير ذلك .
الآن ، أكثر من أي وقت مضى، أتأمل الخارطة الكاملة ، وأرها أكثر منطقية من كل البرامج السياسية ، ومن مخرجات الأمم المتحدة وقراراتها ، ومن المبادرة العربية البائسة ، ومن خطابات الأخوة والرفاق الذين حاولوا أن يستجيبوا للعالم وأن يرسموا حدوداً على جغرافيا لا يمكن تقسيمها . إن التقسيم الوحيد الذي الذي استجابت له الجغرافيا هو ما نتج عن حفرة الانهدام العظيم ، ليس إلا.
ليس موقفاً عاطفياً عابراً ، إنه شيء آخر ، في مجرى الدم والهواء ، أن تصبح فلسطين كاملة وعفية وخالصة ، من النهر الى البحر ، ومن الأرض الى الأبد.