الكاتب:
عوني المشني
لم اعد اميز بين المصطلحات ولا حتى المعايير التي من خلالها تؤخذ المواقف وتصدر الاحكام ، اصبحت " ملخبط " احاول ان ابقى ممتلكا عقلي ولكن بصراحة شديدة اشك في ذلك . ومن باب المشاركة في الوجع والهم ساكون واياكم في نقاش هادئ للاسباب التي جعلتني " اتوضى باللبن " على رأي المثل الشعبي .
مثلا كان محمد دخلان الاخ القائد والحليف الاقرب والقيادة الشابة الذكية ، باسبوع - اقل او اكثر قليلا - امسى دحلان العميل الغبي الفاسد ....... الخ . محمد دحلان هو ذاته ولم يتصف بكل هذه الاوصاف الجديدة خلال اسبوع ، دحلان الاخ القائد الشاب الذكي هو ذاته العميل الفاسد الغبي . والاهم كان حليفا لمن خونوه ، وكان شريكا لمن اعتبروه فاسدا ، وكان قائدا لمن اعتبروه غبيا .... كيف تتغير الامور بين ليلة وضحاها . هناك من يقول لا يا سيدي اختلف الوضع فقد حاول الانقلاب على ابو مازن !!!! يا سادة لا شيئ جديد فقد حاول الانقلاب على ياسر عرفات قبل ذلك وبقي قائدا عظيما وحليفا !!!! دحلان قبل فصله هو ما بعد فصله ، وحلفاءه قبل الفصل شركاء في كل عمله يعلمون كل شيئ ومشاركون بكل شيئ ، وبالمناسبة هل ل على سبيل المثال لا الحصر اصبح ناصر القدوة كذلك ؟؟؟؟ وهل سيصبح مروان البرغوثي كذلك ، وما بعد مروان البرغوثي من يقع عليه الدور ؟!!!! وهل بعد هذا المقال ستصبح كذلك ؟!!!
موضوع اخر .... النصر والهزيمة والخسائر ..... الخ . معركة بيروت خسرنا الاف الشهداء مدنيين وعسكريين وهدمت بيوت اكثر من غزة ، وخرجنا نغني ونكتب قصائد المجد والعز لانتصار بيروت بينما غزة المحاصرة ولم يخرج منها المقاتلون بسلاحهم الفردي ليست نصرا ، دكت تل ابيب وعملت ما عملت برجولة وشهامة وشجاعة ولم تكن نصرا ، ارواح المدنيين !!!! وفي مخيم جنين مثلا لم تكن ارواح المدنيين مهمة ، معركة الكرامة نصرا وصواريخ غزة هزيمة ، الانتفاضة التي استشهد فيها خمسة الاف فلسطيني عظيمة وليس مهما ارواح المدنيين بينما اقل من مئتين وخمسون شهيدا في احد عشر يوم من القتال تضحية بارواح المدنيين !!!! كيف سنفهم النصر ؟!!!! لا يوجد ثورة في التاريخ انتصرت بالمفهوم العسكري الكلاسيكي ، فيتنام لم تهزم الجيش الامريكي بالمفهوم العسكري ، الجزائر لم تهزم فرنسا بالمفهوم العسكري ، لكن الثورة الفيتنامية انتصرت وكذلك الجزائرية ، نضال وبطولة وتضحيات ومراكمة نضال وخسائر وتضحيات وهكذا حتى اصبحت كلفة الاحتلال ما لا تستطيع الدول المستعمرة - بكسر الميم - غير قادرة على احتماله ويتحقق بذلك نصر الشعوب . هل كان متوقع ان نطوق تل ابيب ليخرج الاسرائليين بالراية البيضاء مثلا ؟؟!!!! ما هو معيار النصر والهزيمة ؟!!! ام ان ما نعمله نحن ايا كان هو نصر وما يعمله الاخرون ايا كان هزيمة ؟؟؟ مثلا هل اعادة التنسيق الامني نصرا لشعبنا ومعركة غزة هزيمة ؟!!!
مسألة اخرى في النصر والهزيمة ، شعبنا مقتنع انه انتصر ، معظم المحللين العالميين ووسائل الاعلام يعتقدون ان اسرائيل تلقت ضربة قاسية والفلسطينيين حققوا انجازات ، اغلب المحللين والراي العام في اسرائيل يقولون نفس الكلام ، هل مطلوب ان نقنع شعبنا والمحللين في العالم وفي اسرائيل انكم خاطئين نحن لم ننتصر واسرائيل هي من انتصر !!!! سؤال ساذج اخر لنفترض انه نصر وهمي ، فهل نصر وهمي يحفز ويعطي الامل ويوحد شعبنا اكثر سوءا من هزيمة محبطة يائسة تعزز الانكسار ؟؟!!!
مثال اخر على اللخبطة ، لا استطيع ان اتفهم مثلا ان اوجه موقفا لاحد الاشخاص ينزف وتتفرغ في البحث عما في جيبه من فلوس بينما لم تعمل ما يساعد على وقف النزف !!! ستقولون هذا موقف حقير وغير انساني وجشع ، وفعلا هو كذلك بالفعل . ما الفرق بين هذا الموقف ومن يخرج كل ساعة من قادة فلسطينيين ليقول فلوس الاعمار ستمر عبرنا نحن ؟؟!!!! جرح غزة ما زال ينزف ، الناس تنام في الشوارع ، المجاعة والفقر والحرب ويخرج علينا من يبدأ وينهي حديثه بذات التعبير " نحن من نشرف على اعادة اعمار غزة !!!! هل هذه هي الحكاية والاولوية ؟؟؟ ، هل هذا الموقف يحترم معاناة شعبه وتضحياته ؟؟؟ يا سيدي القائد ، خذ ما شئت من الاموال واشرف كما شئت وتساوق مع من شئت ولكن لنوقف نزف جرح غزة اولا ، نستميحك عذرا اعطني برهة من الوقت لوقف نزيف غزة .
وما اكثر الامثلة : لنأتي لمنظمة النحرير
نعم منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا . نعم هي الوطن المعنوي ، نعم هي كل ما في الاوصاف من عظمة وروعه و..... الخ من ذات الاوصاف . ولكن منظمة تحرير خارجها الجهاد الاسلامي وحماس والشعبية والديمقراطية خارج اطر الفعل التنفيذية وجماهير شعبنا في فلسطين ١٩٤٨ خارج دائرة اهتمامها ، وتمثيل الشتات فيها شكلي بروتوكولي ، هل منظمة كهذه تمثل الفلسطينيين ؟؟؟؟ منظمة لم تصدر بيان ، حتى بيان ' بشيد بكفاح شعبنا من غزة ، منظمة يتحكم بها فرد لا اكثر ، يقرر فيها فرد لا اكثر ، يعمل فيها فرد لا اكثر ، منظمة كهذه هل بقيت ممثل لشعبنا ؟؟؟ سيقولون نعم هي ممثل ويجب اصلاحها او اعادة بناءها ، منذ خمسة او عشر او خمسة عشر عاما يقولون نفس الجملة ، متى اذن سيتم الاصلاح ؟!!! هل نحتاج الى خمسة عشر عاما اخر لنصلح او نعيد بناء منظمة النحرير ؟!!! كم سينتظر شعبنا حتى يتكرم علينا احد ما ليبدأ اصلاحه العتيد ؟!!!
وعشرات الامثلة الاخرى ، في التنسيق الامني ، في الفساد ، في ادارة السلطة ، في القضاء ، في التعليم ، في الجيش الوطني ، في المحسوبية ، في التفرد ،
وكلها تصل لنفس " اللخبطة "
يحتار الحكيم في الامر ويكاد يفقد عقله ، الاستنتاجات المنطقية تاخذه الى مكان لا يرغب عاطفيا ونفسيا ان يصل اليه ، تؤلمه ااحقائق فيهرب منها الى الاوهام ، تعذبه الشواهد ليتغاضى عنها ويبحث عن مبررات ، يكاد ان يكون الانسان ليس هو ذاته .
لا ارغب ان اصدق عقلي ، ولا ان اكون ساذجا لاصدق رغبتي وعواطفي ، اعيش لخبطة عميقة ، انا ليس انا وعقلي هو ليس عقلي ، اما الانفصام بكل معانيه ، بكل صوره ، بكل تداعياته .
لكن ساذعن لعقلي في نهاية الامر ، حتى اتجنب اللخبطة هذه ، ساذعن مضطرا وبدون رغبة ، ولكن للعقل احكام لا بد منها في نهاية المطاف . عقلي سيدي وفلسطين هي المعيار ، حتى لو اوصلني ذلك للجحيم .