الكاتب:
الكاتب: مروان طوباسي
أوروبا ما زالت تعيش عقدة الخوف التي زرعتها الحركة الصهيونية في عقول الكثير من الاوروبين ، بمساواة انتقاد سياسات إسرائيل بمعادة السامية ، وما زال العديد من الاوروبين وتحديدا المنتمين لفكر اليمين السياسي واليمين الشعبوي والمتحالفين مع منهج الحركة الصهيونية العالمية يؤدون الدور المطلوب منهم منذ أن رفضوا حل المسألة اليهودية في إطار المجتمعات الأوروبية خلال فترة الحرب العالمية الثانية وما قبلها ، بهدف المساهمة في تهجير اليهود الى فلسطين والاستغلال الصهيوني النازي البشع للمسالة اليهودية انذاك ، لاقامة مشروعهم الاستيطاني ، الذي ما زال يتمدد في خدمة المشاريع السياسية للاستعمار الجديد واسقاطاته بالمنطقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وعلى وجه التحديد منها مواضيع الطاقة والغاز بما يخدم محاولات إطالة عمر النظام العالمي السائد والحفاظ على الانظمة الموالية لتلك السياسات ومصالح الحركة الصهيونية العالمية .
هذا إضافة الى سيطرة قوى المال اليهودي الصهيوني من خلال مؤسسات روتشيلد وغيرها على مفاصل المؤسسات المالية في أوروبا ، لذلك نلاحظ مسوؤلين أوروبيين في مواقع سياسية هامة ينحدرون من تلك المؤسسات او ما زالوا يعملون فيها .
إضافة إلى تأثير قوى الفكر المسيحي الصهيوني المزعوم الذي استطاع التمدد من الولايات المتحدة وبريطانيا الى العديد من الدول والمجتمعات الأوروبية عبر مجموعات تبشيرية واجتماعية سياسية لا تمت لتعليم الدين المسيحي بصلة ، الى جانب استمرار تأثر العديد من دول الاتحاد الأوروبي بمنهج الموقف السياسي الكلاسيكي الأمريكي من قضية الاحتلال ، وما يضاف له من صراعات مصالح بين اقطاب دول الاتحاد الذي أضعف دوره الموحد. .
هذه هي جزء من محددات المواقف الأوروبية السياسية الرسمية التي تتسم بسياسة النفاق السياسي التي نراها اليوم بالعديد من دولها وما هو متعلق منها بمنحى تصويت تلك الحكومات في مجلس حقوق الإنسان امس وغيره من المواقف التي تعيق إمكانية وجود قرار بموسسات الاتحاد الأوروبي او في بحث مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقا لتوصيات العديد من البرلمانات الأوروبية التي بقيت حبرا على ورق أمام حكوماتها ، الأمر الذي يسهل حديث الاتحاد الأوروبي عن حل الدولتين دون التزام واضح بالحدود او بمعادلة الاعتراف بالدولتين كما يعترفون باسرائيل دون معرفة حدودها ، أو بما يتعلق بأمر التعامل مع اسرائيل كدولة مارقة فوق القانون الدولي ترتكب جرائم حرب مكتملة الأركان دون محاسبة او عقاب ، و بتبني تلك الدول للفرضية المخادعة في حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، في وقت تقوم فيه إسرائيل بالدفاع عن مشروعها التوسعي الاستيطاني واستمرار اضطهادها لشعبنا .
بل وأن مواقف وسياسات تلك الدول التي يحكم معظمها اليمين واليمين الشعبوي ، تتعارض بوضوح حتى مع مبادئ نشؤ الاتحاد الأوروبي نفسه ومع قيم الديمقراطية التي لا يمكن أن تتسم بها دولة احتلال عنصري .
اعتقد ان العديد من الشعوب الأوروبية وحركاتها الديمقراطية التقدمية والتي انخرطت في معارك تحرير بلادها سابقا تقف اليوم في مكان لا يتفق مع تلك السياسات الرسمية، فتعاظم نهوضها اليوم في سبيل قضايا خاصة لشعوبها وفي سبيل مبادئ عامة تتعلق بحقوق الإنسان ومعاداة التمييز العنصري إضافة الي النضال ضد الفقر والبطالة الناتج عن تفاقم أزمة النظام الراسمالي العالمي المرتبط بالمال اليهودي الصهيوني ، ستؤدي فيما ستؤدي له من متغيرات الى عدم القبول باستمرار معاملة إسرائيل كمعاملة الطفل المدلل، والى التخلص من عقدة الخوف التي تحدثت عنها .
هذا يتطلب برأي انفتاحا اكثر على الرأي العام وعلى تلك القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية ومع مؤسساتها الجماهيرية والتقاطع مع برامجها الاقتصادية الاجتماعية في أوروبا لحصد مزيدا من التأييد الشعبي لقضيتنا وكفاح شعبنا والبناء على ما شاهدناه من مظاهرات ضخمة في العواصم الأوروبية وغيرها الى جانب ما يحدث بالمدن الأمريكية ونهوض قوى تقدمية حتى داخل الحزب الديمقراطي الحاكم بالولايات المتحدة الى جانب منظمات يهودية معادية للصهيونية هنالك أصبحت غير قادرة على الاستمرار بالدفاع عن دولة احتلال استيطاني وتمييز عنصري خاصة بعد افتتضاح امر صور الجرائم الوحشية الأخيرة التي انتشرت كالنار بالهشيم في وسائل الإعلام أمام الشعوب والرأي العام ، الأمر الذي سيشكل ضغطا على تلك الحكومات وسيمثل ما يجب أن نسعى له من أداة تغير بالمواقف الرسمية.