الكاتب:
زاهر أبو حمدة
ليس كل من ولد لأبوين فلسطينيين هو فلسطيني بالضرورة البيولوجية. يحصل مثلاً أن المغني العالمي روجر ووترز فلسطيني بالقول والفعل أكثر من فلسطينيين لا يعنيهم ما يحصل في بلادهم أو يتابعون عبر الهاتف أو التلفاز من دون أي تحرك. ومما لا شك فيه أن عملاء الاحتلال لا يمكن وضعهم في خانة الفلسطيني ولو كانت أسماؤهم مدونة في السجل المدني الفلسطيني أو عند وكالة “الأونروا”. وبالتالي فلسطين هوية نضالية وليست بطاقة تعريفية عن الشخص فقط.
ومن المؤكد أن الفدائي الياباني كوزو أوكاموتو، فلسطيني الهوى والهوية وكذلك الفدائية أولريكا ماينهوف، الأسير إلييتش راميريز سانشيز (كارلوس) الشهيدة راشيل كوري، الشهيد فرانكو فونتانا، الشهيد تسويوشي أوكودايرا، الشهيد ياسويوكي ياسودا، الشهيد عمر شريف خان… وغيرهم من العرب مثل الشهيد محمد الزواري، الشهيد خالد أكر، الشهيد ميلود نجاح، الشهيد عصام الجوهري…الخ.
وحالياً، ملايين المناضلين ينتشرون في كل الدول يؤيدون الحق الفلسطيني من مبدأ إنساني، وهؤلاء لديهم ولاء للقدس أكثر بكثير من بعض الفلسطينيين والعرب. ويصح أن نطلق عليهم اسم “الأمة الفلسطينية”، وهم جماعة يؤمنون بالعدالة وتجمعهم أهداف ومبادئ وقيم بعيداً عن الجنسيات. وإذا كان مفهوم الأمة يميل إلى اعتبار التاريخ والجغرافيا والعرق واللغة والدين كأساسيات لجماعة أو مجموعة شعوب لتكوين أمة، فالحق أولى بأن يكون المدماك الأساس لـ”الأمة الفلسطينية” المكونة من دول وأحزاب وقوى وجمعيات وشخصيات عابرة للقارات. ويمكن بكل سهولة التنسيق والتشبيك في ما بينها لمواجهة الاحتلال.
من هنا، مصطلح “الأمة الفلسطينية” يمكن أن يكون التعريف الواضح لمناصري الحق الفلسطيني، ولذلك يمكننا إعادة تعريف مفهوم القضية باعتبارها صراعاً إنسانياً في المقام الأول. ولطالما اعتبر الإسلاميون أن القضية إسلامية بأبعادها الدينية وكذلك اعتبر القوميون القضية قومية بأبعادها العرقية. لكن من الأفضل اعتبارها إنسانية لكسب أكثر قدر ممكن من الجمهور. فتعداد المسلمين 1.8 مليار شخص ويشكلون حوالي 24.1% من سكان العالم، وبالتالي خسرت بقية الكوكب إذا اعتبرتها إسلامية.
ما يمكن تأكيده الآن، أن القضية الفلسطينية تتصاعد في سلم العاطفة الجمعية في العالم، وهذا سينعكس سياسياً على الاحتلال لا سيما بعد انكشاف الدعاية الصهيونية والاستمرار في لعب دور الضحية المدافع. ففي زمن “التيك توك” أصبحت الفيديوات الحقيقية وغير المفبركة لجرائم الاحتلال تصل إلى كل من يملك إنترنت، ولن تستطيع الحكومة الإسرائيلية التي ترصد مليار دولار لتسويق سمعتها من جديد أن تنتصر في المعركة الإعلامية. وذلك كله لأن من يرى الجريمة يتعاطف من مبدأ إنساني قبل أن يقرر معرفة هوية الضحية أو دينها وأسباب ومكان الجريمة. ولذلك “الأمة الفلسطينية” المشاركة في التظاهرات في المدن الأميركية والأوروبية والآسيوية والأفريقية، ستكبر مع الوقت لرفع الغطاء السياسي والأخلاقي عن إسرائيل كدولة إرهاب وفصل عنصري، وبشائر ذلك تهل رويداً رويداً.