السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حكومة " التغيير" الاسرائيلية والفلسطينيين

نشر بتاريخ: 06/06/2021 ( آخر تحديث: 06/06/2021 الساعة: 16:39 )

الكاتب: د. هاني العقاد

اخيراً استطاع (يائير لابيد) رئيس حزب " يش عتيد" ان يشكل حكومة جديدة في اسرائيل ويسقط (نتنياهو) بعد فترة حكم تعدت 12 عام حاول خلالها ان يصنع لنفسه امبراطورية يمينة تبعد عنه شبح النيابة العامة ولوائح الاتهام في ملفات اربع خطيرة . سقط (نتنياهو) وقد يذهب الي السجن وتغيرت الوجوة في اسرائيل لكن قد لا تتغير السياسة التي اتنهجها واسس لها اليمين في اسرائيل اتجاه الفلسطينين كثيرا لان تغيير الفكر العنصري الذي نما علي مدار سنوات لن ياتي بين عيشية وضحاها وخاصة ان احد اقطاب هذا الفكر هو الذي يتراس الحكومة الجديدة والتي بنيت علي اساس ان (تنياهو) يضر باسرائيل والمتدينين وقد يفرط في ارض اسرائيل الكبري , اما اذا مارست ادارة بايدن ضغطا ايجابيا علي هذه الحكومة لتحدث تغيرا حقيقيا في الموقف السياسي لاسرائيل وتساهم في بناء اتجاهات سياسية اكثر قبولا بالفلسطينين والاعتراف بحقوقهم السياسية وتحقيق السلام العادل فان هذا يمكن ان يحدث ولا اعتقد ان هذا متوقع علي المستوي القريب علي الاقل بالرغم من تغير معطيات الصراع بعد الحرب علي غزة وتربع كل قضايا الصراع علي طاولة المجتمع الدولي والامريكان , نعم سقط (نتنياهو)وجاء من سيكمل كراهيته ويكمل مشروعه الاستيطاني وخطة الضم ومخطط اقتلاع الفلسطينين من القدس الشرقية وحصار غزة باسلوب جديد ولا اعتقد ان يتخلي (نفتالي بين) عن هذه المشاريع التي تعتبر من الثوابت لاسرائيل بسهولة . اليوم كل الانظار تتوجة للحكومة الجديدة في اسرائيل وبرنامجها السياسي وعلاقتها مع الفلسطينيين , الكل يحاول استقصاء التوقعات وقراءة سياسات هذه الحكومة والتوصل للبنود السرية في ائتلاف (لابيد ) (نفتالي بينت) بشأن التعامل مع الفلسطينين وقضايا الصراع.

سيتولي (نفتالي بينت) رئاسة الوزراء الفترة الاولي من الحكم بعد نيل الثقة والتصويت علي حكومته من قبل الكنيست ومن ثم سياتي (ياثير لابيد) ويكمل النصف الثاني لكن قد لا يتغير المشهد في العلاقة مع الفلسطينين كثيراً ولن يكون افضل من (نتياهو) في قبول التفاوض علي اساس حل الدولتين والشرعية الدولية مع الفلسطينين . هذه حكومته عبارة عن مزيج يميني حاد ويميني وسط ولا اعتقد انه ستكون حكومة يسار ووسط قد تفكر وتنتهج منهح السلام لتحقيق الامن والاستقرار ولا اعتقد ان هذه الحكومة ستنحاز لبرنامج مفاوضات مجدول زمنياً علي اساس حل الدولتين , فما من حكومة باسرائيل يمكن ان تفكر بتحقيق السلام والقبول باقامة دولة فلسطينية تعيش بالتساوي مع اسرائيل ,( نفتالي بينت) من يتولي رئاسة الحكومة اول فترة كان قد انحدر من المؤسسة العسكرية حيث عمل في مناصب عدة في وحدة النخبة "سيرت همتكال" وبالتالي فان (نفتالي بينت) ترعرع علي الكراهية ومعاداة العرب الفلسطينين وتتلمذ علي يد (نتنياهو) عندما عمل كزعيم للمعارضة عام 2006 وكان قد قاد حملة الانتخابات الخاصة بنتنياهو في حزب " الليكود" ,في 2010 شغل منصب المدير العام لـ "مجلس مستوطنات الضفة الغربية ". وفي 2012، انتخب رئيسًا لـ" البيت اليهودي"، حزب الصهيونية الديني وخلال الازمة السياسية الحالية استقال هو وزميلته (ايليت شاكيد) واسسا حزب اليمين الجديد ثم "يمينا" هو سياسي يميني متطرف يحمل ايدلوجية صهيونية صرفة يؤمن بحق اسرائيل الكامل في ارض فلسطين ويؤمن بفكرة اسرائيل الكبري التي تمتد من النهر الي البحر ,ويؤمن بان لليهود الحق في بناء المستوطنات في كل بقاع الارض الفلسطينية, ويؤمن بالردود العسكرية القاسية علي اي عملية فلسطينية مسلحة وهو من سن قانون القومية ليصبح القانون الاساسي للدولة العبرية وهو اكثر المعارضين لمنح العرب في اسرائيل اي حقوق مدنية وسياسية لذلك قد لا يتغير الواقع العربي في اسرائيل للافضل برغم مشاركة "القائمة الموحدة" في حكومة بينت لابيد .

قد تكون الخلفية الايدلوجية ل (نفتالي بينت ) هي وازع ايدلوجي لمزيد من الكراهية ضد الفلسطينين وبالتالي فان موقعة الان قد يفرض عليه عدم اظهار هذه العقيدة علنا وخاصة انه مقرب جدا من الامريكان الذين بدأوا يعتبروا حل الدولتين للصراع هو الحل المنطقي والقابل للتطبيق , لذلك فان (نفتالي بنت) سيسير علي طريق المماطلة والتسويف اتجاه اي طلب امريكي بالجلوس علي طاولة المفاوضات مع الفلسطينين لانه يؤمن كسابقة (نتنياهو) بفرض الحل الاسرائيلي علي الارض وهو تحويل الضفة لكانتونات فلسطينية تحت السيادة الامنية الاسرئيلية دون ان يكون لهم اي تواصل شرقا او علي البحر المتوسط او حتي عناصر سيادة كالمطارات والموانئ . لذلك فانني اعتقد ان موافقة (لابيد) الليبراي الذي يؤمن ايضا بالاستيطان وبقاء القدس موحدة علي تولي (نفتالي بينت) رئاسة الحكومة اولا لها علاقة بالحراك الامريكي المصري الان وخاصة بعد فشل (نتنياهو) في تخقيق معادلة ردع في غزة .

لعل هناك اتفاق كبير بين قطبي الحكومة الاسرائيلية الجديدة حكومة التغير لاحداث تغير نوعي في العلاقة مع الفلسطينين فيما يتعلق بالامن والردع وتفتيت اي توجه دولي لتطبيق حل الدولتين ولا اعتقد ان( لابيد) سيكون اكثر ليونة من (نفتالي بينت) لان سنتنين من عمر الحكومة ستكونان كافيتان لاستكمال برنامج الضم وتهويد القدس , ولا اعتقد ان حكومة بينت لابيد قد تكمل فترتها الدستورية اي تستمر لاربع سنوات لانها خليط غريب بين الايدلوجيا والليبرالية اللتان اتحدتا معا لاسقاط (نتنياهو) لما له علاقة بملفات فساد كبيرة وتعريض امن اسرائيل للخطر من خلال سوء ادارته للصراع مع الفلسطينين والسماح لحماس بغزة بالترعرع بموافقته لادخال الاموال القطرية لغزة, اضافة لفشلة مؤخرا في تحقيق ردع حقيقي وتعريض هيبة الجيش للضرر مما جعل اسرائيل مسخرة امام القوي المختلفة بالعالم هذا ما سيجعل نفتالي بينت يسارع في ترميم ما دمرة نتنياهو في الملفي السياسي والامني مع الفلسطينين .