الجمعة: 27/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

يجب عدم تسييس ملف إعادة الإعمار

نشر بتاريخ: 08/06/2021 ( آخر تحديث: 08/06/2021 الساعة: 16:49 )

الكاتب: عمر شعبان

للأسف، مرة أخرى يصبح ملف إعمار قطاع غزة محط تنافس وخلاف بين غزة و رام الله كما حدث بعد حربي 2008-2009 و 2014. إن احترام ضحايا الحرب، والمقصود هنا الجميع تستوجب الاسترشاد بهذه الأسس التي تستند على التجارب الدولية الناجحة و تتجنب تلك الفاشلة:-

يتوجب العمل ليل نهار لتسريع عملية إعادة الإعمار وتضميد جروح الضحايا وتمكين المتضررين من العودة إلى الحياة العادية بأسرع وقت ممكن. فليس لدى المتضررين ترف الانتظار. في مثل هذا الوضع يتم رصد موازنة طارئة( التدخل الإغاثي السريع) لمعالجة الآثار التي لا يمكن لها الانتظار، على سبيل المثال: بدل إيجار، ملابس، مواد غذائية، رعاية صحية ونفسية. و مصروفات نثرية... إلخ.

تحييد هذا الملف الهام عن الخلاف السياسي, في التجارب الكثيرة في العالم يتم تشكيل هيئة مختصة بهذا المهمة الوطنية يشارك فيها جميع قوى المجتمع وبإشراف رسمي. مثل هذه الهيئة تعمل على تجنب البيروقراطية الحكومية والتي قد تتسبب في إطالة فترة انتظار المتضررين لحين تلقي المساعدة.

يجب اعتبار عملية إعادة الاعمار فرصة لترميم المنظومة السياسية وتعزيز حالة التضامن والمساندة ومعالجة الجروح المجتمعية. هنا يتوجب استدعاء حالة رواندا، الدولة الافريقية التي شهدت مذابح هائلة بين قبائلها وتحولت إلى دولة ناهضة اقتصاديا يسودها التسامح والعدالة.

عمليات إعادة الإعمار يجب أن تكون فرصة لتنشيط الاقتصاد المحلي من خلال الاعتماد على الموارد المحلية من مصانع و شركات و طواقم بشرية. الكثير من المدخلات اللازمة في عملية إعادة الإعمار يمكن توفيرها محليا. يجب تحويل عملية إعادة الإعمار إلى ورشة عمل على المستوى الوطني يشرك فيها الجميع خاصة المتضررين بشكل مباشر.

يمنع الخلط بين الأموال المخصصة لإعادة الإعمار وبنود الموازنة العادية وتجنب الاقتصاص من أموال الإعمار لتغطية العجز في الموازنة والصرف على البرامج العادية. يمنع استغلال نتائج الحرب في معالجة أزمات مالية وإدارية لم يكن للمتضررين أي دور فيها.

إن تخصيص صندوق خاص بأموال إعادة الإعمار يحقق المراقبة ويمكن من متابعة بنود الصرف وآلية الإنفاق. كذلك يعزز الرقابة المجتمعية ويشجع الدول المانحة على المساهمة في عملية الإعمار. ويمنع الفساد ويحد من تلاعب بعض المؤسسات الاممية والدولية والمحلية بأموال المانحين. بحيث يعمل الجميع تحت سقف واحد. هذا الصندوق يصبح هو القناة الوحيدة لاستلام أموال المانحين ويتم الصرف للمؤسسات العاملة في إعادة الإعمار من خلال تقديم مقترحات برامجية لهذا الصندوق.

هناك من يستغل مثل هذه الظروف للإثراء غير المشروع والنهب باسم المتضررين. يحدث أن يتم التسول وتجنيد الأموال من قبل جهات محلية ودولية وخلق قنوات ثنائية بعيدة عن الرقابة. بعض المؤسسات الدولية التي تتجول من مكان إلى آخر في العالم وتعمل على استغلال موجة التمويل الدولي إلى منطقة ما لتضخيم أعمالها وترك الفتات للمجتمع المحلي. هناك عشرات النماذج في إفريقيا وأمريكا اللاتينية على ذلك من حيث ضخامة التمويل وفقر النتائج.

باختصار: عمليات إعادة الإعمار يجب أن تكون منفصلة عن الموازنة العامة، يتم إدارتها جماعيا مع تمثيل واضح للمتضررين وتدار بطريقة كفؤة سريعة تتجاوز البيروقراطية وتكون موحدة في الاستلام والصرف.