الكاتب: د. هاني العقاد
لم تتوقف الرسائل النارية بالاتجاهين بين المقاومة في غزة واسرائيل منذ ان توقفت الحرب واعلن وقف اطلاق النار الاولي بوساطة مصرية ودعم امريكي اوروبي , وتكاد تكون هناك رسائل شبه يومية يخرج بها كل طرف علي شكل تصريح او حديث اعلامي او لقاء مع نخب اعلامية او محطات تلفزة , هذه الرسائل هي طبيعية بعد كل حرب لم ينجز فيها وقف اطلاق نار حقيقي ويبقي الوضع بين الطرفين يخضع لتطورات الميدان والهدوء مقابل الهدوء ,لم ينجز وقف اطلاق نار حقيقي وحتي الان ولم يفلح الوسطاء في رعاية مفاوضات حقيقية علاوة علي ان وقف اطلاق النارالذي تم التوصل اليه انتهك بعد فترة وجيزة من قبل اسرائيل لان اسرائيل لا تريد وقف اطلاق نار تدفع مقابلة استحقاقات للفلسطينين ولا تريد اتفاق مع المقاومة يمكن المقاومة من بقاء يدها مطلقة لتطوير قدراتها العسكرية لان هذا من شانه ان يعكر المشهد السياسي في اسرائيل وخاصة ان الحكومة الجديدة هي حكومة ضعيفة ينتظر الكثيرين سقوطها وخاصة معسكر نتنياهو الذي انتقل الي صفوف المعارضة وبات يتصيد اي اخطاء لهذه الحكومة وخاصة دفع اثمان لحماس في غزة مقابل انهاء التهدئة والاسري المفقودين بغزة .
الرسائل التي ارسلت من المقاومة غالبيتها جاءت علي لسان رئيس حركة حماس في غزة السيد (يحي السنوار) في اكثر من مناسبة واخرها كانت في كلمة له جاءت على هامش مؤتمر نظمته العشائر الفلسطينية في قطاع غزة دعما للمقاومة ونصرة للقدس، وقال "إن "معركة سيف القدس اي المواجهة الاخيرة بين المقاومة واسرائيل أحدثت تحولا استراتيجيا في الصراع مع الاحتلال"، واضاف اننا بتنا الان للقدس والتحرير والعودة اقرب بفضل الله . وفي لقاء اعلامي اخر قال "القدس لا تريد منا الكلام بل تريد رشقات صاروخية تزلزل اركان الغاصب" . ولعل هذه رسالة نارية رد فيها السيد السنوار علي بعض التهديدات التي تصدر من قبل الاحتلال كل مساء بالعودة للمعركة من جديد وهي رسائل قوية تؤكد ان المقاومة علي استعداد لمواجهة دون ان تراجع عن موضوع القدس و الاقصي . القناة 13 نقلت عن مسؤولين امنيين وعسكرين قولهم ان هناك تقديرات اسرائيلية تشير الي ان جولة اخري من القتال مع غزة هي امر حتمي و ان الحكومة تريد ان تخلق معادلة جديدة مفادها "ان ما كان ليس كما سيكون ". الرئيس الاسرائيلي (رؤفين ريفلين) ارسل بالامس رسالة نارية بالمقابل لحماس في غزة حيث كان يتحدث في ذكري قتلي حرب العام 2014 فقال " لقد ولت الايام التي تقرر فيها حماس متي تطلق الصواريخ ومتي تصمت ان صبر اسرائيل نفذ ..!! وهذا يفهم منه ان اسرائيل ستغير المعادلة مع غزة ولن تقبل بان يستمر تنقيط الصواريخ كما السابق وان لكل صاروح يطلق ثمن وقد لا تستطيع حماس دفع هذا الثمن الان . انتقل (نفتالي بينت ) ليتحدث عن قضية الاسري في صورة تهديد وارسل برسالة قوية لحماس وقال "ليعرف اعدائنا ان اسرائيل ستعمل بحزم لاسترداد الجنود المحتجزين لدي حماس في غزة وعلي تل ابيب الاستفادة من الانجاز لعسكري الذي تحقق ". وهذا تهديد واضح بان اسرائيل تري ان قضية جنودها الاسري في غزة قضية باتت ملحة لها وخاصة ان (نفتالي بينت) قد صرح في خطاب التنصيب بالكنيست عشية تنصيب الحكومة الجديدة ان قضية الاسري المحتجزين في غزة "قضية مقدسة"
هذه التهديات تعني ان قضية الجنود الاسري الان علي سلم اولويات الحكومة الجديدة في اسرائيل وهناك مباحثات قد تكون استكملت في "القاهرة " لانه في الاونة الاخيرة كان قد وصل وفد امني مهم من حركة حماس للقاهرة وبالمقابل فقد تواجد فريق امني اسرائيلي لغرض التفاوض علي صفقة تبادل الا ان اجراءات تغيير الحكومة في ذلك لوقت عطلت هذه المفاوضات وتم تأجيلها لوقت اخر حتي تستطيع مصر الاتصال بحكومة )نفتالي بينت( والتوصل لالية لاستئناف المفاوضات حول ملفي التهدئة والاسري من جديد . يبدوا ان )نفتالي بينت( يطلق مثل هذه التصريحات المبكرة ليستبق المفاوضات المتوقعة وكرسائل تكتيكية وتهديدية في ان واحد مفادها ان اسرائيل معنية باستعادة جنودها هناك والتوصل لتهدئة طويلة الامد دون ان تدفع ثمن كبير حتي لو استدعي ذلك استخدام القوة . الاعلام العبري من طرفة أـكد خلال الايام الاخيرة ان مصر تضغط علي حكومة اسرائيل الجديدة للمضي قدما في مفاوضات تثبيت التهدئة وهذا ما حذا بمصر للطلب من حكومة اسرائيل اتخاذ بعض التدابير التي من شانها ان تعيد الثقة بين الطرفين وبالتالي تسهل المفاوضات القادمة في قضيتي التهدئة طويلة الامد وصفقة التبادل .
رسائل اسرائيل النارية الي حماس الان وفي هذه المرحلة هي رسائل تكتيكية يراد منها التهديد لاجل تمكن اسرائيل من فرض معادلة جديدة للعلاقة مع حماس في غزة تهيئ لحصولها علي ما تريد من حماس من خلال الوسطاء الذين لم يتوقفوا عن الاتصال بالطرفين فاسرائيل تريد تهدئة طويلة الامد بدون اثمان ولاتريد رفع الحصار كليا عن غزة ولن تعطي غزة سوي اجراءات اعتادت اسرائيل علي اللعب بها مثل المعابر ومساحة الصيد والاستيراد والتصدير وتصاريح العمل لعمال من غزة والمنحة القطرية ليس اكثر. اسرائيل لا تريد باي شكل من الاشكال ربط التهدئة طويل الامد بالوضع في القدس وتغير الواقع الديموغرافي الفلسطيني هناك واعتقد ان اسرائيل تفضل الحفاظ علي الوضع الحالي للعلاقة مع حماس في غزة علي ان تحقق معادلة كانت المقاومة قد فرضتها في الحرب الاخيرة وهي معادلة القدس والمسجد الاقصي الذي بات عنوان اي مواجهة جديدة مع الاحتلال .