الإثنين: 20/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

عن نزار بنات والوطن الذي لا يجيء​​​​​​​

نشر بتاريخ: 25/06/2021 ( آخر تحديث: 25/06/2021 الساعة: 19:45 )

وليد الشيخ

فور رحيله ، دخل نزار بنات الى بيت الذاكرة الجماعية للفلسطينيين ، بإعتباره شهيدَ رأيٍ، ومعارضاً سياسياً جريئاً (كان يختلف البعض حول منسوب تلك الجرأةِ ولغتها) ، لكن رحيله بالضرورة يُلغي كل ما سلف، من ملاحظاتٍ حول لغته ورسائله.
الموت إغتيالاً، يُخضع كل الاشياء الاخرى لمراجعةٍ من نوعٍ مختلف .
موته ، علامة فارقة في تاريخ الفلسطينيين بعد اتفاقية اوسلو ، في أداء السلطة وطريقة معالجتها للملفات المتعلقة بالمعارضة السياسية، تلك الأخطاء التي واصلت تراكمها ببطء وعناد ، الى أن وصلت الى لحظة مغلقة ، حيث الإجابات كلها ، أشد قسوة وإستحالة من الأسئلة الممكنة .
تعثرت السلطة وجميع الفصائل في الطريق نحو التحرر ، تعثراً بالغاً ، منح الأخطاء معان فأصبحت استرتيجيات عمل ، لا يمكن التراجع عنها ، وكرس بشكل مخالف لقوانين التطور ، مجموعة من الأفراد ظنت انها امتلكت الحقيقة ، وان دائرة معرفتها اكتملت ، فأغلقت آذانها ، وأدارت وجهها ، في حين كانت الدروب الفرعية والطرق الجانبية تزخر بحالات وعي جديدة، وعي مبني على فهم حركة التاريخ . ومن هناك دخل نزار بنات، الى المشهد ، وسجل اسمه ، ربما كما لم يفعل أي معارض ( على الأقل في السنوات الاخيرة ) .
لم أكن متابعاً مواظباً لما كان يقوله ، لكن كلما وصلني شيء مما يرسله الأصدقاء كنت أستمع له حتى النهاية ، لم أكن متوافقاً مع لهجته العالية ونبرة غضبه اللاذعة ، لكن مقتله بالنسبة لي خسارة شخصية، هي خسارة صوت "شيخ الشباب" كما هتف له المتظاهرون في شوارع رام الله غداة رحيله.
كان يريد وطناً حراً وكريماً، لم يكترث بلطف القول أو لباقته ، طالما أنه يعرف مقاصد قوله ، لكن الوطن تأخر عليه، فرحل نزار قبل أن يجيء .