الكاتب: فراس طنينة
انتشار منصات التواصل الاجتماعي تؤدي إلى حوار مباشر بين المنظمة وجمهورها، بصورة تفوق وسائل الاتصال التقليدية، الأمر الذي يزيد قوة الجماهير، ويزيد من طلبها على المعلومات الصادقة، فالمنظمات باتت اليوم تعمل في بيئة متغيرة ومتطورة، ونجاح المنظمة مرتبط بتكيفها مع هذه البيئة وعناصرها وأدواتها، وبالتالي فإن رصد هذه التغيرات ودراستها ووضع البرامج الاتصالية الفعالة للاستجابة لها بما يحقق مصالح مشتركة بين المنظمة وبيئتها الداخلية والخارجية على حد سواء.
انتشار منصات التواصل الاجتماعي في العالم، وفلسطين تحديداً عملت على زيادة قدرة المنظمات على تحقيق الاتصال التفاعلي والحوار، فزادت الاتصال الثنائي من المنظمة إلى الجمهور وبالعكس، وهو الذي يتطلب إعادة تصميم استراتيجيات الاتصال، وفقاً لردود أفعال الجماهير.
وحاولت هذه المقالة توضيح عملية الاتصال الداخلي في تمكين العاملين، ومدى اهتمام الإدارة بتفعيل اتصالاتها مع عامليها بصورة مؤدية إلى رفع مستوى أداء العاملين وإنتاجية المؤسسة وبالتالي التمكين، من خلال المشاركة العمالية في اتخاذ القرار، المعلومات إضافة إلى دعمها لعلاقات الثقة بينها وبين جل العاملين.
دراسات سابقة
ورغم قلة الدراسات العربية لدارسة أثر التواصل الاجتماعي على استراتيجيات الاتصال، إلا أن هناك دراسات تناولته بشكل غير مباشر، فرصـدت دراسة شـيماء سعيد عبد العاطي (2017) الإستراتيجيات الاتصالية للعلاقات العامة التي تستخدمها شركة مصر للطيران وشـركة الطـيران الإماراتيـة عـبر مواقـع التواصـل الاجتمـاعي بـالتطبيق علـى موقـع الفيسـبوك في تعزيـز ونشـر ثقافتهـا التنظيميـة، وخلصـت إلى حـرص الشركتين علـى اسـتخدام موقـع الفيسـبوك كأحـد مواقـع التواصـل الاجتمـاعي للتواصـل مع الجمهور، ونشر ثقافتها وسياسـتها.
وهـي النتيجـة ذاتها الـتي خلصـت إليهـا دراسـة منـى بنـت سـليمان بـن عبـد االله (2014)، "باستخدام المواقع الاللكترونية للاستراتيجيات الاتصالية لرولر"، إلا أن تركيزها كان منصبا على الاتصـال الأحــادي الاتجـاه مـن المؤسسـة إلى الجمهـور، والمتمثل باستراتيجية الاعلام، والاقناع والتفسير، من خلال التعرف على الاستراتيجيات الاتصالية عبر المواقع الالكترونية، التي تستخدمها إدارات العلاقات العامة في الحكومة.
أما دراسة فيحــان فيصــل ابــن لبــدة (2012)، فاختبرت "تـأثير اســتخدام تكنولوجيـا الاتصــال الحديثـة علـى الإســتراتيجيات الاتصالية للعلاقات العامـة في المؤسسـات السـعودية، ومـدى تطبيـق هـذه الإسـتراتيجيات لـدى ممارسـي العلاقـات العامـة، والكشـف عـن المتغــيرات ذات العلاقــة ة ــذه الإســتراتيجيات والممارسـات.
مفهوم الاتصال
لغة: أقدم تعريفات الاتصال هي التي ركزت على الاشتقاق اللغوي لكلمة communication وهو الكلمة اللاتينية communis التي تعني الشيء المشترك وفعلها communicare أي يذيع أو يشيع، فالاتصال يعني تشارك المعلومات والأفكار والاتجاهات، وتكوين علاقة مع شخص أو مجموعة من الأشخاص، لهذا فمرادف فعل يتصل هو يشترك. والاتصال لغويا في القواميس العربية ، كلمة مشتقة من مصدر "وَصْل" الذي يعني أساساً الصلة وبلوغ الغاية.
اصطلاحاً: يرى عالم الاجتماع "تشارلز كولي" بأن الاتصال يعني ذلك الميكانيزم الذي من خلاله توجد العلاقات الإنسانية وتنمو وتتطور الرموز العقلية بواسطة وسائل نشر هذه الرموز عبر المكان، واستمرارها عبر الزمان، وتتضمن تعبيرات الوجه والإيماءات والإشارات ونغمات الصوت والكلمات والطباعة والبرق والهاتف.
يمكن إيجاز مفهوم الاتصال على أنه: تبادل مشترك للحقائق أو الأفكار أو الآراء أو المعلومات مما يتطلب عرضا واستقبالا، يؤدي إلى التفاهم بين كافة العناصر بغض النظر عن وجود أو عدم وجود انسجام ضمني، فهو عملية تفاعل اجتماعي معلوماتي هادف.
أهداف الاتصال
يهدف الاتصال إلى إيصال صورة إيجابية عن المؤسسة إلى البيئة الخارجية، بما يحقق زيادة الوعي بأعمال وواجبات الدائرة والتحديات التي تواجهها، التميز في تقديم الخدمات للجمهور، وتسخير وسائل الإتصال في تحسين نوعية الخدمات التي تقدمها.
كما يهدف إلى الحصول على التغذية الراجعة، وتحقيق بيئة معرفية إتصالية أكثر شمولاً ودقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، والحصول على الخدمات والاستشارات من الجهات المعنية بما يخدم أهدافها، وزيادة التنسيق والتعاون مع الجهات الخارجية في القضايا المشتركة، وتوفير معلومات وبيانات وإحصائيات تمكن صانع القرار من اتخاذ القرار، بما يخدم أغراض التنمية الشاملة والمستدامة.
ويهدف الاتصال المؤسسي إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وضمان ديمومة العمل، وفتح آفاق الابداع والتمييز في رسم السياسات، وتنمية الفهم الجيد لدى الموظفين، وتحفيز الموظفين وتحقيق الرضا الوظيفي، وتحسين العلاقات بين الموظفين والإدارة، وتعزيز العلاقات الاجتماعية بين الموظفين، وتعزيز الاتصال بالجمهور، وبيان رأي ومزاج الجمهور حول الخدمات المقدمة وكيفية تطويرها.
التواصل الجيد يجعل العمليات التجارية تعمل بسلاسة، فالمؤسسة الناجحة قادرة على ضمان عمل فرق منفصلة معاً كوحدة من خلال التواصل الممهج، لذا يجب أن تكون خطوط الاتصال مفتوحة بين المؤسسة وعملائها، لتحقيق التفاعل مع العملاء لتلبية احتياجاتهم وتحسين الخدمات باستمرار بناءً على الملاحظات.
الاستعداد بما يكفي للخروج عن السيناريو: الاتصالات الفعالة على استعداد دائماً للمغامرة، حيث تأخذها المحادثة بشكل طبيعي، فيجب التحضير حتى تتمكن من تقديم الأسئلة بثقة وتقديم توصيات.
مراحل القيام بالاستراتيجية الاتصالية
تحليل البيئة: يعتبر التحليل الإستراتيجي الأداة الجوهرية، والمكون الأساسي للإستراتيجية، فرغم أن الإستراتيجية وعملية القيام بها وهو التسيير الإستراتيجي ينطوي على العديد من الأنشطة (التحليل، التخطيط، التنفيذ، والرقابة)، إلا أن التحليل الإستراتيجي يبقى أهمها، فهو المسؤول عن دراسة وضبط متغيرات البيئة التسويقية، ويسعى للوصول إلى المواءمة أو التوفيق بين الفرص الخارجية وعناصر القوة الداخلية بالمؤسسة، في ظل التهديدات الخارجية وعناصر الضعف الداخلية.
التخطيط الإستراتيجي: بوضع رسالة المؤسسة وكذا تقييم البيئة الداخلية والخارجية وتحديد الفجوة الإستراتيجية، كما تحتوي عملية صياغة الإستراتيجية على تحديد الإستراتيجيات المناسبة، وعلى ذلك نجد أن هذه المرحلة تشمل مجموعة من الأنشطة تتمثل في تحديد الرؤية الإستراتيجية و رسالة المؤسسة؛ تحديد الأهداف والغايات الطويلة الأجل؛ تحديد البدائل الإستراتيجية؛ اختيار الإستراتيجية المناسبة.
التنفيذ: من خلال تحويل الإستراتيجيات والسياسات إلى تصرفات فعلية من خلال تنمية البرامج، والموازنات والإجراءات، ويتطلب تنفيذ الإستراتيجية وجود هيكل تنظيمي ملائم، ملائمة الإستراتيجيات للسياسات التنظيمية الحالية أو تعديل السياسات التي تتعارض مع الإستراتيجيات الموضوعة، التأكد من أن النظم المطبقة تتلاءم ومتطلبات تنفيذ الإستراتيجيات، أن تلعب الإستراتجيات الوظيفية دوراً في تحديد جدوى الإستراتيجيات الموضوعة على مستوى المنظمات أو الأعمال ككل.
مراجعة وتقييم الإستراتيجية: توضع لمواجهة وتعديل وتطوير المستقبل، الذي يتميز بوجود عوامل داخلية وخارجية باستمرار، فتخضع كل الإستراتيجيات لعملية التقييم، لمعرفة مدى تناسبها مع التغيرات التي تحدث في البيئة الداخلية والخارجية، لمراجعة العوامل الداخلية والخارجية؛ وقياس الأداء بمراجعة النتائج والتأكد من أن الأداء التنظيمي والفردي يسير في الاتجاه الصحيح؛ واتخاذ الإجراءات التصحيحية، شريطة المراجعة والتقويم.
عناصر الاتصال المؤسسي
المصدر: وهو منشئ الرسالة، وقد يكون شخصاً عادياً، كالمدير الإداري، وقد يكون منظمة أو منشأة .
الرسالة: وهي العنصر الرئيسي في الاتصال المؤسسي، وتشير في مفهومها العام إلي مجموعة من الرموز والمعاني سواء أكانت لغوية أو حركية أو سمعية أو بصرية ، ولا بد أن تكون سهلة وواضحة .
الوسيلة أو القناة: وهي الواسطة المادية التي تنقل الرموز والمعاني من الإدارة إلي الجماهير الداخلية أو الخارجية .
المتلقي أو الجمهور: لا يقتصر الجمهور المستهدف فقط على الفئات والقطاعات المختلفة من الجمهور الداخلي، وإنما يمتد ليشمل القطاعات والفئات المختلفة من الجمهور الخارجي.
رجع الصدى: وعلى أساسه يعدل المصدر أسلوبه في الاتصال، ويكون أكثر وضوحاً في حالة الاتصال الشخصي عنه في حالة الاتصال الجماهيري، وفي إطار الاتصال المؤسسي يضاف إلي العناصر الخمسة السابقة عنصر السياق أو البيئة المحيطة بالموقف الاتصالي، والتأثير الناجم عن الرسالة.
أهداف الاتصال المؤسسي بالنسبة للعاملين :
تعريف العاملين بالتطورات التي تطرأ على المنظمة، وتعريفهم بأهداف المنظمة وإمكانياتها وما تستطيع بالفعل أن تقدمه لهم.
تزويد العاملين بمعلومات عن سياسة المنظمة وخططها ومشاكلها.
إشراك العاملين في اتخاذ القرارات وعرضها عبر قنوات الاتصال المؤسسي للمناقشة والمداولة .
زيادة الرضا الوظيفي وإحساسهم بالانتماء.
أهداف الاتصال المؤسسي بالنسبة للإدارة:
تستخدمه الإدارة في مجالات التوجيه والإرشاد والتوعية.
تستخدمه الإدارة للتعرف عليى رد فعل سياستها لدي الجمهور.
تستخدمه الإدارة في التعرف على اتجاهات الجمهور نحوها ونحو المؤسسة.
يهدف إلي توصيل سياسات القادة وبرامجهم إلى الجمهور.
دور الاتصال في التغلب على المشاكل
أي مشكلة بسيطة تُترك دون مراقبة تؤدي إلى مشاكل كبيرة لاحقاً، والتواصل مع الموظفين مفيد لحل المشاكل، فبالاتصال الجيد حتى الموظف الأكثر عناداً سيبدأ في الاستماع للأحاديث، إذا جلس معه المدير على انفراد وتتناول مشاكله.
ممكن البدء بمفهوم الاجتماعات الأسبوعية، حيث يمكن لجميع الموظفين الاجتماع على منصة مشتركة لتبادل خبراتهم وتبادل الأفكار، والمساهمة في الاستراتيجيات والسياسات، نادراً ما يشارك الموظفون مشاكلهم مع رؤسائهم، لذا من واجب قائد الفريق الجلوس مع فريقه ومعرفة نقاط قوتهم وضعفهم والعمل على حل مشاكلهم، فتعيين مدير الفريق يأتي لأن المؤسسة تشعر بأنه قادر على جعل فريقه يعمل، وبالتالي لا يمكنك استخراج أفضل النتائج من الفريق، إلا عند التواصل معهم بشكل منتظم.
المصادر:
سعيد، شيماء. (2015). اسـتخدام ممارسـي العلاقـات العامـة في الشـركات متعـددة الجنسـيات العاملـة في مصـر لمواقـع التواصـل الاجتمـاعي وانعكاسها على آدائهم المهني. رسالة دكتوراه، غير منشورة. جامعة جنوب الوادي (كلية الإعلام، قسم العلاقات العامة والإعلان)
بن عبد الله، منى. (2014). "الاستراتيجيات الاتصالية للعلاقات العامة عـبر المواقـع الإلكترونيـة في الوحدات الحكوميـة بسـلطنة عمان". مجلة الاداب والعلوم الاجتماعية. المجلد الثاني، العدد السادس. كلية الاداب. جامعة السلطان قابوس.
ابـن لبـده، سـلمان (2012). "تأثير اسـتخدام تكنولوجيـا الاتصـال الحديثـة علـى الاسـتراتيجيات الاتصـالية للعلاقـات العامـة في المؤسسات السعودية". رسالة دكتوراه غير منشورة، غير منشورة، جامعة القاهرة. كلية الاعلام، العلاقات العامة والإعلان.
عبد الحميد، محمد (2000) نظريات الإعلام واتجاهات التأثير. ط2، عالم الكتب، القاهرة. مصر.
الطيب عيساني، رحيمة. (2002). مدخل إلى الإعلام والاتصال: المفاهيم الأساسية والوظائف الجديدة في عصر العولمة الإعلامية. ط1. عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع. عمان. الأردن.
دليو، فضيل. (2010). التكنولوجيا الجديدة للإعلام والاتصال. دار الثقافة للنشر والتوزيع. عمان. الأردن.