الكاتب: راسم عبيدات
السيد قرأ الواقع والمعادلات جيداً ..ومارس سياسة ضبط وطول النفس...وهو يدرك تماماً طبيعة وحجم مشروع الحصار الإقتصادي الذي يدار بحق لبنان بمشاركة من دول خارجية وقوى داخلية،مشروع يستهدف ا ل م ق ا و م ة وفي مقدمتها ح ز ب ا ل له وبيئتها الحاضنة ... مشروع وضع تفاصيله بومبيو الفرنسي بمراحله الخمسة ، فراغ سياسي..يقوده سعد الحريري، انهيارين اقتصادي ومالي نقدي..يشارك فيهما رياض سلامه مدير المصرف المركزي اللبناني، وفوضى امنية تقود الى حرب أهلية مصغرة تستقدم تدخل خارجي،يتولاه جعجع وآل الجميل، تدخل يضع لبنان تحت الإنتداب الدولي،او جر ح ز ب ا ل ل ه الى المشاركة في الحرب الأهلية ...ومن ثم قيام اسرائيل بمهاجمته عسكرياً بدعم مباشر امريكي وفرنسي وتغطية مباشرة من دول النظام الرسمي العرب المنهار...
السيد يدرك جيداً،كما قال في خطاب العاشر من عاشوراء،بأن مقر السفارة الأمريكية،لا يستخدم للقيام بالعمل الدبلوماسي،بل هي جزء من الحرب الإقتصادية والإعلامية والتحريض على ح ز ب ا ل ل ه ...
الشعب اللبناني نصل السكين وصل حد الرقبة،جوع وفقر وبطالة وموت في طوابير الذل للحصول على البنزين او رغيف الخبز او الدواء..وواجب السيد الوطني والأخلاقي والسياسي والديني،يملي عليه القيام بدوره واجبه تجاه إنقاذ شعبه...وجاءت اللحظة المناسبة،لكي يخرج مشروعه بإحضار النفط من لبنان الى العلن وحيز التنفيذ...أمريكا تصاب بهزيمة قاسية في افغانستان،خرجت تجرجر اذيال الخيبة والهزيمة ...السيد اعلن بأن سفينة النفط " الحياة" ستبحر من ايران بإتجاه لبنان محملة بالنفط والذي لن يكون لا لخدمة طائفة او حزب أو مذهب او فئة،بل خدمة لكل اللبنانيين،وفي المقدمة من ذلك المشافي والأفران ...والسفينة منذ انطلاقتها ستكون أرضاً لبنانية، في تحد وغير مسبوق لأمريكا ودولة الإحتلال،وفي خطوة جرئية،حيث جرى حساب كل التداعيات والنتائج التي سترتب على مثل هذه الخطوة،وبأن أي استهداف لهذه السفينة يعني بان ح زب ا ل ل ه سيرد على ذلك.
هذه الخطوة التي استتبعها السيد بخطوة أخرى،بأن هذه السفينة لن تكون الوحيدة وسيتبعها سفينة اخرى وسفن،نزلت نزول الصاعقة على أمريكا ودولة الإحتلال، وعلى السفير ة الأمريكية في بيروت،والتي تقود الشق المتواطىء في لبنان.
والتي بادرت بعد اعلان السيد عن إستجلاب النفط الإيراني الى الإتصال بالرئيس اللبناني عون،وإبلاغه بقرار الإدارة الأمريكية،بأنها ستعمل على تزويد لبنان بالكهرباء من الأردن والغاز من مصر،في خطوة لإستباق واحتواء تداعيات ما أقدم عليه السيد،تلك التداعيات التي من شأنها ان تزيد من شعبية السيد ح س ن والحزب،ليس فقط لبنانيا،بل عربياً وإسلامياً،فبدلاً من نجاح المشروع في شيطنة ا ل ح زب وإظهاره بأنه المسؤول عن كل المصائب التي حلت بلبنان،سيظهر بأنه المنقذ والمخلص للشعب اللبناني.
السفيرة الأمريكية والأدارة الأمريكية ودولة الإحتلال في " حيص بيص" ،فالسيد نقل معادلات الردع الى البحر،وأي مساس بالسفينة الإيرانية،ومهاجمتها عسكرياً يعني بأن الحزب سيرد،وسينقل المعركة الى البحر،وكما قال الصحفي الصهيوني "يوني بن مناحم" الخبير بالشؤون العربية بأن ح ز ب ا ل ل ه اذا ما جرى قصف ناقلة النفط سواء في البحر،او اذا أفرغت حمولتها في ميناء بانياس السوري،وجرى قصفها على اليابسة اثناء توجهها من سوريا الى لبنان،فهذا يعني ان ا ل ح ز ب سينقل المعركة الى البحر،وسيصبح شريكاً الى جانب ايران في البحر المتوسط في الحرب على السفن الإسرائيلية، واذا ما لجأت أمريكا الى الخيار السياسي بفرض عقوبات اقتصادية على لبنان و ح ز ب ا ل له او حتى ايران بتهمة انتهاك الحصار، فما جدوى وتأثير تلك العقوبات على شعب جائع لا يملك لا خبز ولا دواء ولا ماء ولا كهرباء منذ شهور طويلة .
خطوة السيد وضعت الجميع في مأزق،أمريكا واسرائيل وتوابعهما في الداخل اللبناني..دورثي شيبا تدرك بأن استجرار الكهرباء من الأردن للبنان،وكذلك الغاز المصري، تحتاج الى فترة لا تقل عن عام،لإصلاح خطوط الكهرباء،وكذلك الحصول على موافقة سوريا،،وكما يقول المأثور الشعبي "الدواء عند عازته"، وأيضاً هناك قضايا لوجستية وقانونية وسياسية يجب أن تنجز،وأثمان يجب أن تدفع،ومشاريع سيطاح بها، فخطوط الكهرباء والغاز الأردنية والمصرية،حتى تمر الى لبنان من الأرض السورية،فهذا يعني تجاوز وسقوط قانون" قيصر" الأمريكي بفرض العقوبات على سوريا ولبنان،وتبيض لصورة ا ل ح زب الذي طوال الوقت يجري ضخ اعلامي وسياسي تحريضي من أجل شيطنته،وإظهاره بأن كل مأسي ومصائب لبنان بسببه.
بإختصار امريكا ودولة الإحتلال وحلفائهم في الداخل اللبناني، غير قادرين لا على دفع الأثمان لا سياسياً ولا عسكرياً، والخياران احلاهما مر،ولذلك يبدو بأن السيد الذي أدار هذه المعركة بكفاءة عالية،سجل هدف مستحق في المرمين الأمريكي والإسرائيلي...وانقلب السحر على الساحر،وفتح مواجهة عسكرية مع الحزب،قد تقود الى هزيمة اكبر لأمريكا من هزيمتها في افغانستان....وربما أمريكا تجد من مصلحتها،ان تغض الطرف عن وصول النفط الى لبنان،لكي لا تظهر بالمسؤولة عن أزمة لبنان وحصاره...وحتى وهي تريد أن تظهر بالمظهر الإنساني،في أنها يهمها مصلحة الشعب اللبناني،وعدم تركه للموت جوعاً،بالسعي لإيصال الكهرباء والغاز اليه،فهذه الخطوة لم يعترض عليها السيد،بل قال بان هذه الخطوة مرحب بها ،ولكن التقرير بشأن ذلك موجود في دمشق والأثمان مطلوبة هناك، وما هو مهم للسيد،هو حل أزمات ومصائب اللبنانيين،والخطوة الأمريكية استباقية ودعائية،اكثر منها عملية...وخطوة السيد سيكون لها الكثير من التداعيات والنتائج على صعيد مشاريع الحصار الإقتصادي،وعلى صعيد مواقف الداخل اللبناني.