الثلاثاء: 21/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الحياة تحت الاحتلال حياة تحت ارهاب دائم

نشر بتاريخ: 25/08/2021 ( آخر تحديث: 25/08/2021 الساعة: 21:07 )

الكاتب:

السفير حكمت عجوري

ملفت للنظر قرار تراجع وزير الحرب الصهيوني عن الترخيص لبناء 800 وحدة سكنييه للفسطينيين على ارضهم المحتله المصنفة ج على الرغم من انها كانت مقابل 2200 وحدة سكنية للمحتلين الصهاينة وعلى نفس الارض المحتلة ما يجعل من القرار نفسه حتى في حال تم تنفيذه سرقة بغلاف مقايضة خصوصا وان الحصة الفلسطينية مقارنة بحصة الاستيطان تقارب الثلث للفسطينيين مقابل الثلثين للمحتلين وهذه تقريبا النسبة التي يخطط الاحتلال لسرقتها مستقبلا ضمن ما يرى فيه الاحتلال الحل النهائي والملفت بل والمحزن هو ما بدى على انه ارتياح فلسطيني لمثل هذا القرار بالرغم من انه جائر حتى لو تم تنفيذه اضافة الى ان قرار الالغاء هذا يدل على ان لا فرق يذكر بين اي من زعماء هذا الكيان عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين كونهم جميعا درسوا على يد نفس الشيخ صهيون كما ويدل الالغاء على سبق اصرار اخر على ان هذا المحتل لن يرحل طواعية كما ولن يسمح باقامة دولة للفسطينيين على ارضهم وهو ما اكدت عليه وزيرة داخلية العدو مؤخرا معبرة عن وجهة نظر رئيسها بينيت.

ومع ان ما ذكرته لا يحمل جديد للفسطينيين ولكن المستفز في كل ذلك هو القبول الفلسطيني بهذا الامر الواقع فعلا ورفضه قولا خصوصا واننا ما زلنا نلجأ للمحامين للدفاع عن قضايانا امام المحكام العنصرية الصهيونية لهذا المحتل ليس فيما يخص مصادرة الاراضي فقط وانما فيما يتعلق باسرى الحرية الذين تم اختطافهم او جرجرتهم عنوة على يد جنود الاحتلال الى سجونه الاحتلالية وذلك بسبب تجرأهم على المطالبة للعيش بحرية وكرامة على ارضهم وارض اجدادهم ، سلوك المحاكم هذا فرضه المحتل علينا كشعب تحت الاحتلال وذلك من اجل خلق اعتراف في اللاوعي الجمعي الفلسطيني بقبول الاحتلال كامر واقع وقبول التعايش معه وهذا جل ما يريده الاحتلال الذي يوظف من اجل ذلك كل امكانياته على امل تطوير حالة اللاوعي لتصبح امرا واقعا لا مفر منه بحث يصبح بمثابة بوادر نوايا حسنة بل ربما كرم وانسانية ما يقدمه لنا هذا المحتل .

الحرية والاحتلال نقيضين وتحديدا الاحتلال الصهيوني الذي لا يمت للانسانية باي صلة بدليل قتله للعُزل منا بدم بارد واجبار البعض منا على هدم بيوتهم بايديهم التي هي تجسيد لشقاء عمر و عمل شاق لسنين ناهيك عن باقي الممارسات العنصرية للمحتل التي لم تعد خافية على احد ولا يتسع اي مقال لذكرها والتي تفوقت بلا انسانيتها عن ما فعله صانعي نظام الابارتهايد في جنوب افريقيا وذلك بشهادات من عانوا من ذلك النظام البائد من امثال الاب ديزموند توتو الذي صرح بعد زيارته لفلسطين المحتله بقوله ان " الوضع هنا (فلسطين تحت الاحتلال) اسوأ مما كان عليه الوضع في جنوب افريقيا العنصرية".

ليس الاب توتو فقط ولكن حتى مهندس الابارتهايد نفسه في جنوب افريقيا د هندرك فيرورود وكان رئيسا للوزراء وذلك في سنة 1961 والذي كانت حكومته على علاقة وثيقة مع دولة الاحتلال صرح في حينه بالقول بان "اسرائيل دولة فصل عنصري تماما كما دولة جنوب افريقيا".

اسرائيل قامت وما زالت كيان استعماري وفي نفس الوقت نظام فصل عنصري وهذا ما لا يجوز اغفاله كحقائق ناصعه في اي تعامل مع هذا الكيان سواء اكان هذا التعامل مقاوِمة ام تفاوض خصوصا وانها اي اسرائيل حذت حذو جنوب اقريقيا العنصرية بقرارها تجسيد عنصريتها بقانون اطلقت عليه اساس القوميه والذي اقره 62 عضو كنيست في اسرائيل وهو ليس مجرد قانون عنصري كما غيره من عشرات القوانين التي عودنا الاحتلال على اصدارها وانما تفوق قانون القومية على بقية تلك القوانين جميعا كونه يقونن بل ويشرعن في نفس الوقت كل خصائص الدوله المارقه.

هذه المقدمة هي اختزال لواقع الحياة في فلسطين تحت الاحتلال التي وصفها مخرج سينمائي اسرائيلي شاي-كارميلي بولاك بالقول "الحياة تحت الاحتلال حياة تحت ارهاب دائم".

اسرائيل بممارساتها هذه تزرع بين ثناياها قنابل موقوته كفيلة بتدميرها تماما كما حصل لنظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا وتحديدا في هذا الوقت الذي اصبحت فيه العنصرية عدو مشترك لكل شعوب العالم بمن فيهم الشعب الامريكي بالرغم من انحياز الادارة الامريكية ودعمها لهذا الكيان المارق بكل ما اوتيت من قوة .

طبعا ما صرح به رئيس وزراء الكيان بينيت عند وصوله الى امريكا بخصوص رفضه لاقامة دولة فسطينية لا يحمل جديد ولكنه ياتي تجسيدا وتاكيدا على كل ما ذكرناه سابقا بخصوص الطبيعة العنصرية لهذا الكيان ولكن الملفت في تصريحاته هو دعوته لتشكيل تحالف عربي امريكي ضد ايران التي تبعد الاف الكيلومترات عن كيانه وذلك لاطمئنانه بعدم وجود اي تهديد اخر لكيانه لا من الجوار المحاذي لكيانه ولا من قبل اصحاب الارض تحت احتلاله وذلك بسبب هذا الهدوء الذي ينعم به الكيان وهو الامر الذي يتناقض مع كل قوانين الطبيعة التي تفترض حرق الارض تحت اقدام المحتل حتى يتم طرده لانه كما اسلفنا لن يرحل طواعية.

زعموا ان الفلسطينيين يضيعون الفرص وزعموا ان الفلسطينيين لم يستغلوا فرصا اتيحت لهم لتجسيد حلمهم الى واقع ولكن وباستعرلض سريع لشريط الفرص لم اجد ما يثبت صحة ذلك الا في الفرصه التي ما زالت متاحة وما زالت في متناول اليد وضياعها سيعتبر خطيئة بحق الذين انجبناهم وعاهدناهم على استعادة ارثهم الذي تمت سرقته في زمن الانحطاط العربي الذي بدأ عندما استجار العرب بالغرب من ظلم العثمانيين ليجدو انفسهم بين الرمضاء والنار وها هو الزمن يعود ولكن تحت مسميات تتراوح بين التطبيع والاستسلام وفيه لم يبق امام الفلسطينيين غير الاستثمار في انفسهم.

الفرصة المتاحه وفي ضياعها خطيئة هي وحدة الكل الفلسطيني التي حققتها معركة القدس في شهر رمضان الاخير والتي صاحبها تعاطف غير مسبوق على صعيد الراي العام الدولي هذه الفرصه تملك من الادوات ما يكفي لتفجير القنابل الموقوته التي زرعتها دولة الاحتلال العنصري بين ثناياها كونها تعيد للذاكرة تماما ما حصل مع نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا.